تحت قيادة الهاشمي.. دراسة تكشف ملامح استراتيجية "داعش"
العمل على محاولة استهداف الدول الغربية بعمليات "الذئاب المنفردة"، وتحرير عناصره القابعة في السجون، والثأر لمقتل زعيم التنظيم السابق
بالإضافة إلى الحيلولة دون تصدع التنظيم وتوحيد صفوفه بعد الانشقاقات التي ضربته مؤخرا.. تلك أبرز ملامح استراتيجية عمل تنظيم "داعش" الإرهابي في المرحلة القادمة، بعد تولي أبوالحسن الهاشمي القرشي قيادة التنظيم، بحسب دراسة بحثية أصدرها المركز المصري للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية، أعدتها تقي النجار في أعقاب التسجيل الصوتي الذي بثه المتحدث باسم التنظيم أبوعمر المهاجر منذ يومين.
وأصدرت مؤسسة "الفرقان" الذراع الإعلامية لتنظيم "داعش" منذ يومين تسجيلا صوتيا للمتحدث باسم التنظيم أبوعمر المهاجر، جاء تحت عنوان (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم)، وهي الكلمة الثانية للمتحدث الرسمي الجديد بعد إعلانه مقتل أبوإبراهيم الهاشمي القرشي، زعيمه السابق الذي قتل في فبراير/شباط خلال عملية أمريكية في شمال غرب سوريا، واختيار أبوالحسن الهاشمي زعيمًا جديدًا له.
وفي قراءتها لفحوى الإصدار الصوتي لداعش، حذرت دراسة بحثية جديدة حملت عنوان (داعش واستراتيجية عمله في عهد أبوالحسن القرشي) من أن التنظيم يحاول رسم ملامح عمله في المرحلة القادمة وترتيب أولوياته، بإعلان جملة من التحركات وفي مقدمتها؛ الثأر لمقتل زعيمه السابق، والعمل على تحرير عناصره القابعة في السجون، بجانب محاولة استهداف الدول الغربية بعمليات "الذئاب المنفردة".
وأكدت الدراسة التي تلقت "العين الإخبارية" نسخة منها، أن تحركات داعش تأتي بالتزامن مع محاولة التنظيم الحفاظ على نشاطه في معاقله الرئيسة، والتمدد في الساحات جديدة.
وحذرت أيضا من استغلال تنظيم داعش شهر رمضان الكريم من أجل تصعيد عملياته؛ بهدف تحقيق الرسالة الدعائية له، وتأكيد شرعية الزعيم الجديد.
ورصدت "تقى النجار" الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية، جملة ملاحظات بشأن الإصدار الصوتي للمتحدث باسم تنظيم داعش.
وقالت إن التسجيل الجديد يتزامن مع شهر رمضان بما يمثله من قناعات أيديولوجية المتطرفة التي تنظر إلى الشهر الكريم بوصفه شهر فتوحات يتضاعف فيه أجر عناصره عند قيامهم بالعمليات الإرهابية، حسب توهمهم.
واعتبرت الدراسة أن إشادة "داعش" في الإصدار بالعمليات الإرهابية التي قامت بها "ولاية غرب أفريقيا"، تعكس استمرار التوجه الاستراتيجي للتنظيم المتعلقة بالتموضع في أفريقيا بهدف التمدد في ساحات جديدة، وفقا للدراسة.
ولمحت الباحثة إلى أن التنظيم سعى إلى هيكلة نهجه الإقليمي عبر نقل مركزه إلى أفريقيا في عهد زعيمه السابق (أبوإبراهيم الهاشمي القرشي)، حيث صعد من عملياته في القارة السمراء.
وجاءت ولاية "غرب أفريقيا" في المرتبة الأولى في عدد عمليات التنظيم خلال عام 2021 بمعدل حوالي (483) عملية، وبالتالي يؤكد البيان استمرار تركيز التنظيم على الحضور في أفريقيا كساحة رئيسية من ساحات عمله، وضمن أولويات "داعش" في المرحلة المقبلة استهداف السجون بهدف تحرير عناصره.
وقالت النجار: "يكشف التسجيل الصوتي للمتحدث باسم التنظيم أبوعمر المهاجر، التركيز على تطبيق تلك الاستراتيجية استمرارا لنفس المنهج خلال فترة ولاية (أبوإبراهيم الهاشمي القرشي)".
وأكد العدد (246) من صحيفة "النبأ" الأسبوعية الصادر في 16 أغسطس/آب 2020، على تنوع الأساليب التي يلجأ إليها التنظيم من أجل تحرير عناصره، ما بين الهجوم المباشر، وتبادل الأسرى، والفداء بالمال. ومن المتوقع أن يتوسع التنظيم في اتباع هذه الاستراتيجية، لا سيما أن البيان يؤكد أنها أولوية من أولوياته في المرحلة القادمة.
وأظهرت الدراسة أن دعوة "داعش" إلى استغلال انشغال الدول الأوروبية بالحرب في أوكرانيا للتوسع في عمليات "الذئاب المنفردة"، هو محاولة لتوظيف تداعيات هذه الحرب من أجل التوسع وتعزيز نشاطه، ومن ثم دعوته لعناصره لتوظيف استراتيجية "الذئاب المنفردة" التي تؤكد وجوده داخل الدول الغربية.
وأبرز الإصدار الصوتي "وجود عدد من المنشقين عن التنظيم، الذين خذلوه في أصعب الفترات التي يمر بها"، وهو ما أرجعته الدراسة إلى تأخر تنصيب زعيم جديد بسبب وجود انشقاقات داخلية؛ نتيجة لعدم وجود توافق حول الخليفة الجديد.
وإزاء ذلك، ترى الدراسة أن مستقبل التماسك الداخلي للتنظيم مرتبط بمدى نجاح الزعيم الجديد في توحيد صفوفه والحيلولة دون تصدعه.
وتؤكد الباحثة المصرية استمرار استراتيجية غموض خليفة تنظيم "داعش"، قائلة: رغم تنصيب أبوالحسن الهاشمي القرشي كخليفة للتنظيم في أعقاب مقتل زعيمة السابق، إلا أن التنظيم لم يفصح عن أي معلومات متعلقة بزعيمه الجديد، ومن المرجح أن يتحول هذا التوجه إلى تكتيك دائم لدى التنظيم كمحاولة لحماية الخليفة من أي هجوم أو استهداف.
غير أن هذا الغموض الذي يحيط بالزعيم الحالي – تضيف - قد يحمل انعكاسات على شرعيته على المديين المتوسط والقصير.
وكان المركز المصري للفكر والدراسات السياسية والاستراتيجية، أصدر مؤخرا دراسة بعنوان "تهديد مستمر.. العائدون من داعش".
وقالت الدراسة إن ظاهرة العائدين من "داعش" تعد إحدى أهم الظواهر المرتبطة بالظاهرة الإرهابية على وجه العموم وداعش على وجه الخصوص، لا سيما مع نجاحه في اجتذاب أعداد كبيرة من المتطرفين حول العالم، وانتقال هؤلاء من موطنهم الأصلي إلى المناطق التي سيطر عليها التنظيم.
وأكدت الدراسة أنه مع الهزيمة العسكرية والجغرافية التي تعرض لها التنظيم، تصاعد الحديث عن التحديات التي تمثلها عودة هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية، وبالتالي تسعى هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على خصائص ظاهرة العائدين من “داعش”، والإشكاليات المرتبطة بها، والتهديدات المنطوية عليها.
وبعد 40 يوما من مقتل أبوإبراهيم القرشي، أعلن تنظيم داعش الإرهابي، في مارس/آذار الماضي، هوية زعيمه الجديد وهو أبوالحسن الهاشمي القرشي.
وكان أبوالحسن الهاشمي القرشي، أحد 5 مرشحين لتولي قيادة داعش، بعد مقتل زعيمه السابق إثر عملية أمنية أمريكية في الأراضي السورية، في 3 فبراير/شباط الماضي.
يلقب أبوالحسن الهاشمي أو زيد العراقي، أيضا بـ"أستاذ داعش"، لأنه كان يتولى إمارة ديوان التعليم في التنظيم وقت بسط الأخير سيطرته على مناطق واسعة من سوريا والعراق وإعلان خلافة مزعومة.
وعادة ما يعرف زعماء داعش بأكثر من كنية؛ فأبوبكر البغدادي هو نفسه إبراهيم عواد البدري، وأبودعاء السامرائي، كما أن أبوإبراهيم الهاشمي القرشي هو نفسه حجي عبدالله قرادش، وأبوعمر قرادش.