"الفلسفة الإسلامية في المشرق".. في مرآة النظر العقلي
يتتبع المؤلف بالتأريخ والتحليل رحلة الفلسفة الإسلامية، في المشرق، وانتقالها من أطوار النشأة والبدايات إلى أطوار النضج والتفلسف المحض
"الفلسفة الإسلامية في المشرق 1"، عنوان الجزء الأول من الكتاب الذي ألفه الدكتور فيصل بدير عون، وقدمه أستاذ الفلسفة الراحل، ورئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة، الدكتور إبراهيم بيومي مدكور، يتتبع المؤلف بالتأريخ والتحليل رحلة الفلسفة الإسلامية، في المشرق الإسلامي، وانتقالها من أطوار النشأة والبدايات إلى أطوار النضج والتفلسف مرورا بمحطات أخرى تشابكت فيها علوم إسلامية أصيلة "العلوم النقلية" بأخرى وافدة "العلوم العقلية"، وأثمر هذا التفاعل والاختلاط، تداخل دوائر عدة مثل علم الكلام، وأصول الفقه، والتصوف مع الفلسفة الإسلامية الخالصة.
الكتاب الذي صدر الجزء الأول منه عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن إصدارات مشروع مكتبة الأسرة، يختص بدراسة الفلسفة في المشرق الإسلامي، يقول المؤلف في تقديمه للكتاب "حاولت في هذا الكتاب أن أرصد الحركة الفلسفية في المشرق منذ نشأتها حتى أواخر القرن السادس الهجري، حيث تراجعت الحركة الفلسفية في المشرق إلى حد ما، بسبب عوامل عدة، منها موقف الغزالي الذي كان -فيما نرى- أحد فلاسفة الإسلام، فضلا عن كونه متكلما صوفيا وفقيها. وقد ركزت في الفصل الثاني من هذا الكتاب على "الاستشراق" وموقفه من الفلسفة الإسلامية، الذي ارتبط -بطبيعة الحال- بموقفه من طبيعة العقلية العربية، ومن وهم "السامية".
ويتابع المؤلف "وقد ركزنا في هذا الفصل على موقف القرآن من الحرية الفكرية، لأن القرآن -كما نرى- لم يحجر على العقلية العربية الإسلامية، ولم يكن أبدا عاملا من عوامل تأخر ظهور الفلسفة في المشرق. وفي هذا الصدد أرجعنا تأخر هذه النشأة لعوامل عدة "موضوعية" لو وُجدت لدى أمة من الأمم لأدت إلى نفس النتائج التي أدت إليها في المشرق الإسلامي. وقد ناقشنا أيضا في هذا الفصل آراء بعض المستشرقين المتباينة في الحكم على الفلسفة الإسلامية وفلاسفتها".
ويوضح المؤلف "اعتمدنا في ردنا على "العقل" في المقام الأول.. لأن الخطاب العقلي أمر ضروري ووارد، بل وحتمي، في دفاع المرء عن "الهوية" الثقافية. هذه الهوية التي تسعى العولمة -الآن- إلى القضاء عليها، ومن ثم محوها!!
أما الفصول اللاحقة لهذا الفصل الثاني، فقد أرخنا فيها لفلاسفة المشرق: الكندي، الفارابي، ابن سينا ثم الغزالي. وفي ثنايا عرضنا لمجهودات فلاسفة المشرق كنا نجري حوارا بينهم وبين السابقين عليهم، وبخاصة القطبان الكبيران: أفلاطون وأرسطو، حيث لعبوا دورا رئيسيا في نشأة الفلسفة الإسلامية، وفي تشكيل هذه الفلسفة. يذكر أن الجزء الثاني من هذا الكتاب، خصصه المؤلف للحديث عن الفلسفة الإسلامية في المغرب الإسلامي.