الإسراء والمعراج.. حكم الاحتفال وحقيقة صعود الرسول بالجسد
تحل ذكرى الإسراء والمعراج، مساء الأربعاء، المعجزة التي شهدت الإسراء بالرسول محمد من بيت الله الحرام إلى بيت المقدس.
وتبدأ الاحتفالات بليلة الإسراء والمعراج من مغرب يوم الأربعاء 26 رجب 1442 هجريا الموافق 10 مارس 2021، وتستمر حتى فجر اليوم التالي.
كالعادة يحتفل العالم الإسلامي بالذكرى الدينية التي شهدت الإسراء بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم من بيت الله الحرام بمكة المكرمة إلى بيت المقدس ليريه الله تعالى من آياته الباهرة.
وقال الله تعالى في كتابه الكريم عن ليلة الإسراء والمعراج: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير".
حكم الاحتفال
جددت دار الإفتاء المصرية، بالتزامن مع حلول المناسبة الدينية المهمة، فتواها بشأن حكم الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج، مشيرة إلى أن المعتمد من أقوال العلماء سلفًا أنَّه وقع في ليلة 27 من شهر رجب.
وقال فضيلة الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، إن "إحياء ليلة ذكرى الإسراء والمعراج بالقربات المختلفة هو مرغوب فيه شرعًا، وفيه تعظيم تَكريمِ للنبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم".
وأضاف المفتي، ردا على سؤال بشأن حكم الاحتفال بالذكرى: "احتفال المسلمين بهذه الذكرى في ذلك التاريخ بشتَّى أنواع الطاعات والقربات هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف".
وأكمل: "أما الأقوال التي تحرِّمُ على المسلمين احتفالهم بهذا الحدث العظيم فهي أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها".
بشان اختلاف العلماء حول وقت الإسراء، قال "علام": "تتابعت الأمة على الاحتفال بالذكرى في 27 من شهر رجب بما يغلب الظن على صحة ذلك التاريخ، ومنه ما ذكره العلَّامة الزُّرقاني أن الإسراء والمعراج (كان ليلة السابع والعشرين من رجب)".
واستشهد فضيلة المفتي بما نقله العلامة ابن الحاج المالكي بأن السلف كانوا يعظمون ليلة 27 من رجب إكرامًا للنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك بزيادة العبادة وإطالة القيام في الصلاة والتضرع إلى الله امتثالاً لسنَّةَ نبيهم، وفيها جُعلت الصلوات الخمس بخمسين إلى سبعمائة ضعف ويضاعف الله لمن يشاء (بتصرف).
واختتم: "يستحب إحياء ليلة السابع والعشرين من رجب، وسائر الليالي التي ذكر أنها ليلة المعراج بالإكثار بالعبادة في تلك الليلة التي فرضت فيها الصلوات الخمس وجعلها الله في الثواب خمسين، وما أفاض الله به على نبينا فيها مِن أصناف الفضيلة والرحمة".
حقيقة صعود الرسول بالجسد والروح
كما حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل الذي ثار حول حقيقة صعود الرسول إلى السماوات العلا بالجسد والروح في ليلة الإسراء والمعراج، وتساؤل البعض عن صحة ذلك أم كان رؤيا منامية؟.
وقالت: "الإسراء والمعراج معجزة اختص الله بها النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم تكريمًا له وبيانًا لشرفه صلى الله عليه وآله وسلم، وليطلعه على بعض آياته الكبرى".
واستشهدت الدار بآيات من الذكر الحكيم تختص بهذه المناسبة؛ قال الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].
أيضا قال تعالى: ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ [النجم: 1-18].
وأضافت دار الإفتاء: "اتفق جمهور العلماء على أن الإسراء حدث بالروح والجسد؛ لأن القرآن صرَّح به؛ لقوله تعالى: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، فالإسراء تحدث عنه القرآن الكريم والسنة المطهرة، ويمكن للسائل أن يراجع الأحاديث التي وردت في مظانها".
وتابعت: "أما المعراج فقد وقع خلاف فيه هل كان بالجسد أم بالروح، أي رؤيا منامية، واتفق جمهور العلماء من المحققين على أن المعراج وقع بالجسد والروح يقظة في ليلة واحدة".
وأكملت: "ما يراه بعض العلماء من أن المعراج كان بالروح فقط أو رؤيا منامية، فإن هذا الرأي لا يعوَّل عليه؛ لأن الله عز وجل قادرٌ على أن يعرج بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بجسده وروحه، كما أسرى به بجسده وروحه".
وقالت الدار المصرية: "إذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن الإسراء صراحة وعن المعراج ضمنًا، فإن السنة جاءت مصرحة بالأمرين الإسراء والمعراج".
واختتمت دار الإفتاء: "في واقعة السؤال نفيد بأن الرسول الكريم قد أُسْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا بروحه وجسده جميعًا، وأننا ننصح السائل بأن البحث في مثل هذا قد يلفت المسلم عما هو أجدر بالاهتمام في عصرنا هذا ويلفته عن الاشتغال بواجب العصر".
aXA6IDMuMTQ1LjU5Ljg5IA== جزيرة ام اند امز