ما هي الدروس المستفادة من رحلة الإسراء والمعراج؟
تحيي الأمة الإسلامية ذكرى الإسراء والمعراج في شهر رجب بالصلاة على النبي والصوم، وهي الليلة المعجزة التي أسري فيها بالنبي محمد من بيت الله الحرام إلى بيت المقدس.
تعد الإسراء والمعراج أكبر المعجزات الحسيّة التي حدثت مع الرسول محمد (ص)، والإسراء هي الليلة التي أسرى بها الله تعالى بنبيه من مكة المكرمة إلى بيت المقدس بروحه وجسده معًا راكبًا على دابة تسمى البراق، بصحبة جبريل عليه السلام، وهناك صلى إمامًا بالأنبياء.
أما المعراج فهو ما أعقب رحلة الإسراء من الصعود بالنبي محمد إلى السماء، وظل يصعد فيها حتى وصل إلى السماء السابعة، وهناك رُفع إلى سدرة المنتهى وبعدها إلى البيت المعمور.
وتبدأ الاحتفالات بليلة الاسراء والمعراج من مغرب 26 رجب هجريا، وتستمر حتى فجر اليوم التالي 27 رجب.
قصة رحلة الإسراء والمعراج
الرأي الغالب الذي رجحه أهل العلم أن رحلة الإسراء والمعراج كانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب في العام العاشر من البعثة النبوية أي قبل الهجرة من مكة إلى المدينة بنحو 3 سنوات.
وبدأت رحلة الإسراء والمعراج في عام الحزن، بعدما فقد النبي محمد زوجته خديجة وعمه أبو طالب اللذين كانا يؤانسانه ويؤازرانه، وضاقت الأرض بهِ نظراً لما لاقاه من تكذيب وردّ من قبل المشركين.
وفي سبيل الدعوة، ذهب الرسول إلى الطائف وحيداً يدعو أهلها إلى الإسلام، لكنهم طردوه وسلطوا عليه صبيانهم وغلمانهم يرمونه بالحجارة فآذوه كثيراً، وسال الدماء من قدمه الشريف فركن إلى شجرة ودعا ربه.
الدعاء الشهير الذي دعا به النبي محمد ربه هو: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل على سخطك، لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك".
وأراد الله عز وجل أن يُكرم النبي محمد فبعث إليه جبريل عليه السلام ليحمله على البراق، وهو حيوان بين البغل والحمار شديد البياض ويتميز بسرعته الفائقة، ثم ترقى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى وصل إلى بيت المقدس في فلسطين ثم صلى بالأنبياء جميعا إماما، في دلالة كبيرة على أنه خاتم الأنبياء.
بعد ذلك بدأت أحداثُ المعراجِ بصعودِ الصَّخرة المُشرَّفة؛ إذ سارَ جبريلُ بالرّسول إليها ثمَّ حملَهُ منها على جناحِهِ ليصعَدَ بهِ إلى السَّماءِ الدُّنيا، وظل يرتقي حتى بلغ السماء السابعة. هناك رُفع إلى سدرة المنتهى وبعدها إلى البيت المعمور.
الدروس المستفادة من الإسراء والمعراج
من أهم فضائل ذكرى الإسراء والمعراج والدروس المستفادة من الليلة المعجزة هي:
- نقطة تحول في طريق الدعوة إلى الله.
- إثبات نبوة النبي محمد وصدقها.
- جزاء صبر رسول الله وثباته على الكفار وأيضا دعم نفسي للنبي بعد وفاة زوجته خديجة، وعمه أبو طالب.
- تكريم لسيدنا محمد باطلاعه على الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله.
- إثبات أن النبي محمد هو خاتم الأنبياء بعدما صلى بهم إماما.
- كشفت مكانة النبي التي لم يحظَ بها أحد من أهل السماوات والأرض.
- تقديس ورفع مكانة المسجد الأقصى.
- صلابة أبو بكر وثقته في قائده، فقد دعمه وصدقه حينما كذب بقصته أهل مكة.
- كانت اختبارًا لصبر المؤمنين وصدقهم في اتباعهم لدعوة الإسلامية، لأنها فوق مستوى العقل البشري.
- أثبتت أن كل الأنبياء يعبدون الله عز وجل وهم إخوة ودينهم واحد.
كيف نفهم معنى الإسراء والمعراج في حياتنا اليومية
حين أسرى الله بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السموات السبع حيث التقى بأنبياء الله ورسله، لم تكن الرحلة معجزة ربانية تُظهر قدرة الله فقط، ولكنها درس للمسلم يتعلم منه الرحمة والتقوى.
يمكننا أن نستلهم من اللإسراء والمعراج ما يعيننا على تيسير أمورنا اليومية، إذا استطعنا أن نستوعب الرسالة التي أراده الله، واعتبارها رحلة المسلم إلى ربه، فمثلا:
الإسراء والمعراج رحلة لبيان القدرة الإلهية "لا يعجزه شئ": قد يجعلك ذلك تُدرك في أبسط أمورك اليومية، أن الله قادر على كل شئ، رزقك وصحتك وهنائك في الدنيا وجميع أمورك بيد الله، فلا داعي للقلق.
رحلة للتسرية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يعقب العسر سوى يُسر، فبعد الصعاب التي واجهت رسول الله في دعواه للإسلام، وتحالف الكفار ضده، أراد الله أن يجبر قلبه ويعزيه ويُظهر له مكانته، ويعلمنا أن لا حال دائم، فأيا كانت الصعوبات والتحديات والألم الذي تعيشه، فما بعده جبر ورحمة من الله.
وصول رسول الله إلى مكان لم يصل إليه نبي قبله ولا ملك مقرب: والهدف إظهار مكانة رسول الله عند ربه، مما يجعلنا نتزود دوما من السيرة النبوية ونستلهم من المواقف والآثار، واتخاذ رسول الله أسوة حسنة واتباع سنته في كل تفصيلة يومية.
الجنة والنار: إدراك رحمة الله بنا، فمحاولاتنا في الدنيا سيقابلها إما نعيم الجنة في الآخرة، أو عذاب جهنم، مما يجعلنا ننتبه إلى سلوكنا نضع تقوى الله نصب أعيننا.
"وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَ" سورة النجم
كيف تعزز رحلة الإسراء والمعراج إيمان المسلم؟
مع كل ذكرى لرحلة الإسراء والمعراج، يظهر مشككون يعتبرون حدوثها مجرد رؤيا رأها رسول الله في منامه، منكرين معجزتها، في حين تأتي ليلة الإسراء والمعراج لتختبر صلابة قلب المؤمن وثباته على دينه.
فمنها نستلهم- ما توضحه دار الإفتاء المصرية- أن قدرة الله أكبر من أحداثنا الدُنيا، فقد كانت ليلة جبر الله فيها خاطر نبيه الكريم وألهمه القوة على تنكر أهل قريش وكفارها، حين تبين بنفسه آيات الله، فكان قلبه ثابتا على احتمال المكاره وكيد أعدائه.
وفي قوله تعالى "لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا" اختصاص برسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه الرحلة له، وعائدة عليه، لجبر قلبه وتهوين مشوار الدعوة عليه، وأن تجعله مشاهدة أحوال السموات السبع وعرش الرحمن وهيبة الاقتراب منه، يستحقر الدنيا ويطمئن برضا الله عليه.
ويمكن أن تكون هذه الرحلة سبيلنا إلى قوة الإيمان، ففيها عدد من المواقف التي تجعلنا متشبثين بتقوى الله، فرأى فيها الرسول الكريم الجنة وما أعده الله سبحانه لعباده المؤمنين الطائعين التائبين.
واطلع على النار وأهلها وسوءات العذاب التي تنتظر الكافرين والمستهزئين، غير أن الإيمان يُختبر بالغيبيات والتصديق في المعجزات وحدوثها، ويجب أن يكون ذلك هو حال المسلم.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi41MSA= جزيرة ام اند امز