بعد الـ100 يوم.. دعوة سلام وصرخة إنسانية في سماء حرب غزة
"النكبة" في فلسطين لم تعد ماضيا يحكي عنه الأجداد للأحفاد، فجيل الحاضر يعيش تلك الذاكرة كسوار في معصمه في قطاع غزة.
فبعد مئة يوم على الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في أعقاب هجوم حماس المباغت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يرتفع منسوب الكارثة الإنسانية في قطاع غزة.
أعداد القتلى في تزايد، وخطر المجاعة في ارتفاع، ونقصٌ في المياه النظيفة والأدوية، وسط مخاوف من أن الجوع والمرض والجفاف قد تكون أكثر ثقلا من نيران الحرب.
ومنذ اندلاع الحرب، قُتل قرابة 24 ألف فلسطيني في غارات إسرائيلية جوية وبرية وبحرية على قطاع غزة، تقول أرقام وزارة الصحة في القطاع إن 70% منهم من النساء والأطفال.
ويحذر الفلسطينيون وجماعات الإغاثة من أن آلافا آخرين قد يموتون إذا لم تتحسن الظروف الإنسانية بشكل كبير.
في سياق متصل، أدى القتال والقصف الإسرائيلي والدمار الشامل الناتج عن ذلك إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون فلسطيني - حوالي 85% من السكان - مما وضع ضغوطًا هائلة على الأنظمة الإنسانية والمستشفيات المنهكة بالفعل في القطاع.
وتسمح إسرائيل بدخول كمية محدودة فقط من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع في القطاع المحاصر.
ودخلت غزة يوم الجمعة 178 شاحنة مساعدات فقط. وقبل الحرب، كان يعبر إلى القطاع يوميا ما معدله 500 شاحنة.
وقال منسق المساعدات الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث أمام مجلس الأمن، يوم الجمعة، إن "توفير المساعدة الإنسانية في أنحاء غزة يكاد يكون مستحيلا".
ويواجه جميع سكان غزة – 2.3 مليون شخص – أزمة أو مستويات أسوأ من الجوع، حسبما خلص تقرير صادر عن هيئة متعددة الشركاء تعرف باسم التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، الذي يراقب الجوع في العالم.
وقالت منظمة الصحة العالمية أواخر الشهر الماضي، إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 100 ألف حالة إسهال، و150 ألف حالة إصابة بالجهاز التنفسي العلوي، والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل والجدري المائي منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول.
ويجعل الجوع والجفاف من الصعب على الجسم مقاومة مثل هذه الأمراض، مما يزيد المخاوف من وفاة الكثيرين بسبب نقص العلاج.
وأمام هذه الأزمة، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليب لازاريني في بيان "لقد مرت 100 يوم منذ بدء الحرب المدمرة، مما أسفر عن مقتل ونزوح الناس في غزة".
وأضاف أن "جسامة الموت، والدمار، والتهجير، والجوع، والخسارة، والحزن في الأيام الـ100 الماضية تلطخ إنسانيتنا المشتركة".
بعد 100 يوم.. إسرائيل مصممة على مواصلة القتال
وفي اليوم الأول بعد المئة، استمر القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، مستهدفا مناطق في الجنوب والوسط والشمال، موقعا عشرات القتلى والجرحى.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن "لا أحد" سيوقف بلاده حتى تحقق النصر على حركة حماس في القطاع الفلسطيني المحاصر.
وخلال الأشهر الماضية من عمر الحرب، تعهد المسؤولون الإسرائيليون بعدم وقف القتال حتى يتم تدمير حماس واستعادة الرهائن الذين خطفتهم الحركة وفصائل أخرى، يوم السابع من أكتوبر.
وقُتل في هجوم حماس الذي استهدف بلدات إسرائيلية في غلاف غزة نحو 1200 شخص، فيما تم أسر حوالي 240 فردا كرهائن، وفقا لإسرائيل.
ويقول محللون عسكريون إسرائيليون إن تل أبيب فشلت في تحقيق ما خططت للقيام به. ولم تقم بعد باعتقال أو قتل قادة حماس مثل يحيى السنوار.
كما لم تتمكن إسرائيل من تأمين إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة ما زالوا على قيد الحياة في الأسر.
في هذه الأثناء، أدى عدد القتلى المدنيين في غزة إلى إثارة انتقادات وضغوط دولية واسعة النطاق على إسرائيل، بما في ذلك من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وأمس الأحد، نقل موقع "إكسيوس" الأمريكي عن أربعة مسؤولين أمريكيين على دراية بالقضية، أن صبر بايدن بدأ "ينفد" تجاه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بسبب حرب غزة.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في الموقع الأمريكي، يشعر بايدن وغيره من كبار المسؤولين الأمريكيين بالإحباط المتزايد تجاه نتنياهو ورفضه لمعظم طلبات الإدارة الأخيرة المتعلقة بالحرب في غزة.
ومنذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قدم بايدن لإسرائيل دعمه الكامل، بدعم عسكري ودبلوماسي غير مسبوق، رغم الضغوط والانتقادات التي تلقاها من قاعدته، قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
ويحذر المحللون من أن الحرب قد تصبح أكثر خطورة بالنسبة لشعب غزة، حتى مع تزايد المخاوف بشأن مخاطر احتمال امتداد الحرب إلى صراع إقليمي أوسع مع دول أخرى.
والصين تدعو لمؤتمر سلام
وعلى وقع استمرار القتال في قطاع غزة، خطفت الصين الأنظار بدعوة لإطلاق مؤتمر سلام واسع النطاق.
قال وزير خارجية الصين، وانغ يي، إن بلاده تدعو إلى عقد مؤتمر سلام دولي أوسع نطاقا وأكثر موثوقية وفعالية ووضع جدول زمني ملموس لتنفيذ حل الدولتين، وسط تساؤلات حول قدرة بكين على تحقيق ما فشلت به الدبلوماسية الأمريكية في هذا الملف.