100 يوم من حرب غزة.. إسرائيل أمام مفترق طرق
مفترق طرق وصلت إليه إسرائيل بعد 100 يوم من الحرب على قطاع غزة، وهو ما يتطلب قرارات حاسمة، بحسب محللين وخبراء إسرائيليين.
واعتبر المحللون أن إطلاق الرهائن الإسرائيليين والوصول إلى كبار مسؤولي "حماس" قد يوفر التحول اللازم في مجرى الحرب، ولكنهم تساءلوا عن مدى قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق هذه الأهداف، بعد 100 يوم من الفشل.
واستنادا إلى الخبراء فإنه أمام إسرائيل 3 خيارات وهي الاستمرار بالحرب رغم تداعيات ذلك سياسيا ودوليا ومحليا، أو الذهاب إلى صفقة لتبادل الأسرى تشمل وقفا لإطلاق النار في غزة، أو القبول بحل سياسي إقليمي يشمل إعادة الرهائن ويعيد السلطة الفلسطينية إلى غزة.
هايمان: وصلنا إلى نقطة اتخاذ القرار الحاسم
من جانبه، قال الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية "أمان"، تامير هايمان، في ورقة موقف تلقت "العين الإخبارية" نسخة منها، إنه "بعد مرور 100 يوم على الحرب، وصلنا إلى نقطة اتخاذ القرار الحاسم، وبعد أن فككنا معظم قدرات حماس العسكرية، أصبحت المعضلة الآن سياسية".
وأضاف أن "المستوى السياسي أمام خيارين؛ الأول: صفقة رهائن تنهي الحرب، ظاهريًا، لا توجد تكلفة سياسية لذلك، لكن هناك فرصة للسماح لحماس بالاستمرار في الحكم، والثاني: اتفاق إقليمي بوساطة أمريكية، وفي هذه الحالة أيضاً فإن الحرب سوف تنتهي بصفقة الرهائن، ولكن الثمن سوف يشمل موافقة إسرائيل على العملية السياسية تجاه السلطة الفلسطينية، التي سوف تعود للسيطرة على غزة".
هايمان اعتبر أنه ما زال يمكن للحكومة الإسرائيلية بالطبع تأجيل القرار والاستمرار في النشاط العسكري فقط.
واعتبر أنه "من الناحية السياسية، فإن هذا هو المسار الأكثر أمانا للائتلاف الحاكم الحالي.. وهذا المسار لا يؤدي إلى أي نهاية مستقرة، ولا يضمن تحقيق أي من أهداف الحرب".
وقال: "لذلك، على القيادة الإسرائيلية أن تتخذ قراراً واحداً وتحدد ما هو أكثر أهمية؛ رؤية سياسية غير شعبية تضمن تغيير الواقع الأمني في الشرق الأوسط وتحقيقاً جزئياً لأهداف الحرب".
الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية استطرد قائلا: "أو بدلاً من ذلك، التصميم العسكري على تكثيف هزيمة حماس، وربما فتح جبهة حرب أخرى في الشمال من شأنها إضعاف حزب الله".
وقال "سوف تحظى الحرب بتأييد أغلبية الرأي العام، ولكن من المشكوك فيه أن نتمكن في نهاية المطاف من تحقيق تغيير جوهري في توازن الأمن القومي.. وعلاوة على ذلك، حتى في هذه الحالة، فإن تحقيق مجموعة أهداف الحرب بأكملها أمر مشكوك فيه، وخاصة فيما يتعلق بعودة الرهائن".
ريف رام: تنتظر دولة إسرائيل تحولا استراتيجيا لم يأت بعد
ومن جهته، قال المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، تل ليف رام، "لقد مر ما يقرب من 100 يوم على الحرب في غزة والجبهة الشمالية ضد حزب الله وتنتظر دولة إسرائيل تحولا استراتيجيا لم يأت بعد".
وأضاف رام في مقال تابعته "العين الإخبارية" إن "إطلاق سراح المختطفين والوصول إلى كبار مسؤولي حماس في خان يونس قد يوفر التحول اللازم، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي يراكم سلسلة من الإنجازات التكتيكية والعملياتية في الساحتين الشمالية والجنوبية، إلا أنها لم تقترب بعد من تحقيق إنجاز استراتيجي يمكن أن يشير إلى تقدم كبير على طريق تحقيق أهداف الحرب".
المحلل الإسرائيلي اعتبر أن حربا مثل تلك التي تشن في غزة، كما يقول الجيش الإسرائيلي، تتطلب وقتا وصبرا، مضيفا أن "الوقت في الحرب هو سلعة ثمينة للغاية: الفجوات مع الإدارة الأمريكية تتعمق، والانتقادات الدولية تتكثف، وتحديات العلاقات العامة الإسرائيلية أصبحت أكثر تعقيدا، وبالمقابل: فيما يتعلق بحماس، فإن بقاء القيادة العليا، واستمرار القتال على الأرض ودفع الثمن هي الإنجاز المطلوب حاليا".
وعلى الجانب الآخر، وصف رام حال حماس قائلا "البقاء على قيد الحياة والوقاية من الجيش الإسرائيلي، وتحقيق أهداف الحرب هي، بالنسبة لقيادة حماس، اسم اللعبة في الوقت الحالي، فجزء من هذه الحملة هو معركة من أجل القلوب والعقول".
وقال "تتزايد الأضرار التي لحقت بكتائب حماس وهياكلها الأساسية وقدراتها التشغيلية، بما في ذلك في وسط قطاع غزة وجنوبه، ومع ذلك، فإن الوقت الذي مر حتى الآن دون الضغط العسكري في الشهر الماضي، وخاصة حول خانيونس، مما أدى في هذه المرحلة إلى إحراز تقدم في قضية المختطفين الإسرائيليين أو إلى تحول استراتيجي آخر، يعمل على حساب إسرائيل".
ميلشتاين: على إسرائيل أن تختار بين مسارين متعارضين
وبدوره، قال الدكتور مايكل ميلشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان في جامعة تل أبيب، في مقال بصحيفة "يديعوت احرونوت" الإسرائيلية أنه "بعد مرور 100 يوم على اندلاع الحرب، فإن الجمهور مصمم على مواصلة النضال، ولكن في الوقت نفسه هناك قلق من حقيقة أن الأهداف الرئيسية للمعركة لم تتحقق: لم يسقط نظام حماس ولم يعد المخطوفون إلى ديارهم".
وأضاف ميلشتاين في مقاله الذي تابعته "العين الإخبارية" أن "النتيجة هي تطور تدريجي لواقع غامض مصحوب بتصور سياسي وعسكري غير واضح لمعظم الجمهور، ومن المحتمل أن يكون كارثيا، مع احتمال أن يتطور إلى حرب استنزاف مستمرة، مما سيمكن حماس من الادعاء بأنها تمكنت من البقاء على قيد الحياة حتى بعد أضرار جسيمة وعلى الرغم من سيطرتها على جزء فقط من قطاع غزة".
واعتبر أن هذا الوضع المؤقت سيجعل من المستحيل إقامة نظام جديد في غزة في اليوم التالي للحرب، وسيترافق مع انتقادات دولية متزايدة، ولن يسمح بعودة سكان غلاف غزة إلى منازلهم أو سيعزز صفقة المختطفين بشكل كبير، وسيثير اليأس بشكل خاص في أوساط الجمهور الإسرائيلي في ظل الفجوة التي ستتعمق بين أهداف الحرب والواقع الفعلي.
وقال إن "إسرائيل تقف عند مفترق طرق، وعليها أن تختار بين مسارين متعارضين: دفع صفقة الرهائن التي تعني الحفاظ على حماس سليمة، وربما حتى الانسحاب من غزة في الوقت الحالي، أو مواصلة الجهود الرامية إلى إسقاط نظام حماس الذي سيتطلب الاستيلاء على قطاع غزة بأكمله مع الثمن العسكري والسياسي والاقتصادي والعام الباهظ".
وخلص إلى أنه "لا ينبغي للمرء أن يعمي عن الحلول الأخرى، مثل إقناع كبار مسؤولي حماس بإخلاء غزة أو النقل الطوعي وإقامة حكم عشائري في غزة، هذه أفكار ذات احتمالية منخفضة، ومناقشتها بحد ذاتها تزيد من الارتباك والإحباط بين الجمهور".