100 يوم من الحرب على غزة.. أرقام مفزعة وأهداف غير محققة
100 يوم من الحرب على غزة تركت في أذهان الجميع صور الدمار والنيران وإحصاءات القتلى والجرحى، لكن شواهد المعارك تعكس وقائع أكثر فزعا.
وبدأت الحرب بوعد حكومي إسرائيلي بسحق حماس، ثم تراجع الهدف إلى مستوى القضاء على القدرات العسكرية للحركة وإنهاء حكمها لغزة، ثم أصبح شل قدرتها على تكرار هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مجددا.
وفي حين أن الجيش الإسرائيلي دمر جميع المقار الحكومية الفلسطينية في غزة، فإن الحكومة في تل أبيب تحاول دفع حركة حماس لتحرير الرهائن عبر المفاوضات التي يتدخل فيها وسطاء من المنطقة.
وبعد 100 يوم لم ينجح الجيش الإسرائيلي في الوصول إلى القادة الثلاثة الأبرز في غزة الذين حددهم كهدف للاعتقال أو القتل، وهم قائد "حماس" في القطاع، يحيى السنوار، وقائد الجهاز العسكري في الحركة محمد ضيف ونائبه مروان عيسى.
وتبرز تساؤلات في إسرائيل عما إذا كانت هذه الأهداف التي حددتها الحكومة اليمينية الإسرائيلية قابلة للتحقيق فعلا، وسط تشكيك من قبل قادة سياسيين وعسكريين إسرائيليين سابقين في إمكانية تحقيقها، في ظل امتلاك حماس متاهة من الأنفاق تمكن قادتها من المناورة والاختباء.
وكتب عاموس هارئيل، المحلل العسكري البارز في صحيفة "هآرتس" قائلا: "نصل اليوم المئة للحرب مع حماس، ومن الواضح أن إسرائيل لا تزال بعيدة عن تحقيق أهداف المعركة المعلنة".
وأضاف: "أولا، الذراع العسكرية لحماس أعادت تنظيم نفسها في إطار خلايا حرب عصابات متفرقة، وثانيا مشروع أنفاق حماس الذي كان معروفا للجيش والشاباك فاجأ إسرائيل من حيث الدقة والتشعب، ومنح حماس ذخرا ثمينا تحت الأرض، وثالثا الصعوبة الأساسية الكامنة في معركة أمام منظمة أيديولوجية مصممة".
هارئيل استنتج أن "عدم القدرة على الوصول إلى حسم سريع يدفع الحكومة وجهاز الأمن إلى محاولة التركيز على حلول التفافية، أبرزها الملاحقة المتواصلة لكبار قادة "حماس" وعلى رأسهم يحيى السنوار".
واستدرك هارئيل "هناك صعوبة مركزية أخرى تكمن في التقديرات التي تفيد بأن قيادة حماس أحاطت نفسها بالمخطوفين الإسرائيليين كبوليصة تأمين".
"هجمة مرتدة"
ومع دخول الحرب يومها الـ100 فإن أصواتا بدأت تتعالى في إسرائيل لتغيير الحكومة الحالية بما في ذلك الذهاب إلى انتخابات مبكرة، حتى إن كانت غير مسبوقة في تاريخ إسرائيل.
وفيما يتواصل تزايد أعداد القتلى والجرحى من الجيش الإسرائيلي، فإن عائلات 136 رهينة تستعد لتحركات ضاغطة على الحكومة الإسرائيلية لإعادتهم من غزة إلى إسرائيل.
إذ إن الحكومة الإسرائيلية التي وضعت هدف إعادة الرهائن على قمة الأولويات، لم تتمكن من إعادة أي واحد منهم دون اتفاق مع "حماس" بوساطة خارجية.
وتضغط العائلات على الحكومة لإبرام اتفاق مع "حماس" لإعادة الرهائن، حتى لو كان الثمن وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
أرقام مفزعة
وبمرور 100 يوم على الحرب، فإن الأرقام تبدو غير مسبوقة خاصة في صفوف الجيش. ووفقا للمعطيات الرسمية قتل 520 جنديا إسرائيليا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمن فيهم 186 منذ بداية الحرب البرية يوم 27 من الشهر ذاته.
فيما جرح 2511 جنديا منذ بداية الحرب، فيهم 386 بجروح خطيرة و661 بجروح متوسطة، و1464 بجروح طفيفة.
ومنذ بداية الحرب البرية فقط جرح 1099 جنديا، بينهم 239 بجروح خطيرة و387 بجروح متوسطة و473 بجروح طفيفة.
وسجلت وزارة الدفاع الإسرائيلية 4000 جندي بـ"إعاقة"، وسط تقديرات بأن يرتفع العدد إلى 30 ألفا، وفق موقع "واللا" الإسرائيلي.
ووفقا لمعطيات مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، فإن أكثر من 1300 إسرائيلي، بين مدني وعسكري، قتلوا وأكثر من 11 ألفا و694 جرحوا منذ بداية الحرب.
وفي يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول وحده قتل 1112 إسرائيليا ربعهم من الجيش الإسرائيلي و5% من الشرطة و1% من جهاز الأمن العام "الشاباك"، وفق المركز ذاته.
وبحسب هذه المعطيات، فإن الغالبية العظمى من القتلى (880) أعمارهم ما بين 18-59 عاما و160 فوق سن 60 عاما و27 ما بين 12-17 عاما و8 دون السنة الواحدة، فيما لم يتحدد أعمار 37 من القتلى.
إحصاء الرشقات
ومن أرقام القتلى إلى الهجمات الصاروخية، إذ دوت صافرات الإنذار في 684 بلدة ومدينة إسرائيلية، منذ بداية الحرب.
بينما نزح أكثر من 217 ألفا و921 إسرائيليا في داخل إسرائيل، سواء من مستوطنات الشمال أو الجنوب، حيث تتزايد احتمالية سقوط صواريخ.
وإجمالا، أطلقت الفصائل الفلسطينية وحزب الله أكثر من 12 ألفا و500 صاروخ على إسرائيل منذ بداية الحرب، بينها 10500 من قطاع غزة.
وكانت إسرائيل استهلت الحرب باستدعاء أكثر من 360 ألفا من جيش الاحتياط.
وفي حين تم تقدير عدد مسلحي حركة "حماس" في غزة بأكثر من 30 ألفا، فقد أشار معهد دراسات الأمن القومي إلى أن الجيش الإسرائيلي يقدر قتل 7860 مسلحا فلسطينيا، وهي أرقام شكك الإعلام الإسرائيلي أكثر من مرة بدقتها.
اقتصاديا، ارتفع العجز التراكمي خلال الأشهر الـ12 السابقة بنحو 0.8%، إلى نحو 4.2 %من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لتقدير أولي لأداء الميزانية من قبل إدارة المحاسب العام في وزارة المالية الإسرائيلية.
فلسطين
في المقابل، قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن الجيش الإسرائيلي قتل ما لا يقل عن 23843 فلسطينيا نحو 70% منهم نساء (أكثر من 7100) وأطفال (أكثر من 10300) فيما أصيب أكثر من 50 ألف فلسطيني، نسبة كبيرة منهم من الأطفال.
وأضافت "تشير التقديرات إلى أن أكثر من 800 شخص مفقودون تحت الأنقاض".
كما أشارت إلى أن 85% من سكان غزة (نحو 1.93 مليون مدني) مهجرون قسرا، بما في ذلك العديد ممن نزحوا عدة مرات داخل القطاع نتيجة تمدد القتال البري.
الوزارة قالت "تم تسجيل ما يقرب من 1.4 مليون نازح في 155 منشأة تابعة للأونروا في مختلف أنحاء غزة منهم نحو مليون مسجل في 94 ملجأ للأونروا في جنوب قطاع غزة".
وأضافت: "أصبحت محافظة رفح (جنوب) المكان الرئيسي للنازحين، حيث تستوعب أكثر من مليون شخص في بيئة شديدة الكثافة السكانية".
وحذرت في هذا الصدد من خطر وشيك لتفشي الأمراض المعدية بسبب الظروف غير الصحية والاكتظاظ والعبء الشديد على النظام الصحي مما يجعله غير فعال.
بدورها، قدرت الأمم المتحدة أن أكثر من 65 ألف وحدة سكنية دمرت في قطاع غزة منذ بداية الحرب.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة: "منذ 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشهد قطاع غزة انقطاع الكهرباء بعدما قطعت السلطات الإسرائيلية إمدادات الكهرباء ونفاد احتياطيات الوقود من محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع".
وتابع "ولا يزال انقطاع الاتصالات ونفاد الوقود يعوقان بشدة المساعي التي يبذلها العاملون في مجال تقديم المعونات لتقييم النطاق الكامل للاحتياجات في غزة وتقديم الاستجابة الوافية للأزمة الإنسانية المستفحلة فيها".
وأضاف: "حتى يوم 11 يناير/كانون الثاني الجاري أفادت التقارير بوقوع نحو 230 حدثا أثر على مباني الأونروا وعلى الأشخاص الموجودين فيها".