دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل حول غزة.. مؤيدون ومعارضون
مع انطلاق جلسات محاكمة تتواجه خلالها إسرائيل وجنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، اتهمت بريتوريا الخميس، الدولة العبرية، بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وكالت الدولة الأفريقية الاتهامات لإسرائيل، أمام المحكمة، معتبرة أن الهجوم الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لا يمكن أن يبرر ما ترتكبه في قطاع غزة.
موقف انتقدته وزارة الخارجية الإسرائيلية الخميس، معتبرة أنها «الذراع القانونية لمنظمة حماس الإرهابية»، بحسب البيان الذي قالت فيه الدولة العبرية، إن «جنوب أفريقيا تسعى إلى تمكين حماس من أن ترتكب مجددا جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والجرائم الجنسية التي ارتكبتها بشكل متكرر في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي».
فمن يقف مع جنوب أفريقيا في دعواها ضد إسرائيل؟
تدعم منظمة الدول الإسلامية، التي تضم 57 دولة عضوا بما في ذلك: دولة الإمارات، ومصر، وتركيا، والمملكة العربية السعودية وإيران وباكستان والمغرب، هذه القضية.
الأمر نفسه أيدته الجامعة العربية التي أعربت عن دعمها لقضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
وفي بيان صدر مساء الأربعاء، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن أمله في صدور «حكم قضائي عادل وشجاع، لوقف هذه الحرب العدوانية ووضع حد لإراقة الدماء الفلسطينية».
وبينما أيدت ماليزيا، التي تدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس حدود ما قبل عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، قضية جنوب أفريقيا، رحبت تركيا، التي أدانت بشدة تصرفات إسرائيل في غزة، بالقضية في محكمة العدل الدولية.
وإلى إندونيسيا التي رغم أنها قدمت «الدعم المعنوي والسياسي» لجنوب أفريقيا في قضاياها ضد إسرائيل، فإنها «لا يمكنها» الانضمام إلى الدعوى لأنها ليست طرفًا في اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948.
ورغم ذلك، فإن وزيرة خارجية الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، ريتنو مارسودي، ستقدم أيضًا بيانًا شفهيًا أمام محكمة العدل الدولية في 19 فبراير/شباط، كجزء من الإجراءات التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد الإبادة الجماعية المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل في غزة.
دعم خارجي
الدعم لم يقتصر على الدول العربية والإسلامية فقط، بل إن بوليفيا، وهي أول دولة في أمريكا اللاتينية تدعم القضية، تدين «الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني للأراضي الفلسطينية». كما تدعم فنزويلا ودول أخرى مثل جزر المالديف وناميبيا قضية جنوب أفريقيا.
وإلى بلجيكا، التي أعربت نائبة رئيس وزرائها بيترا دي سوتر عن دعمها لقضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل.
ورغم أن الحكومة الأيرلندية التزمت الصمت حتى الآن بشأن هذه القضية، فإن أحزاب المعارضة في أيرلندا طالبت الحكومة بدعم إحالة جنوب أفريقيا لإسرائيل إلى محكمة العدل الدولية.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش يوم الأربعاء، إن زعماء ومسؤولين يمثلون بنغلاديش وبوليفيا والأردن وماليزيا والمالديف وباكستان وتركيا وناميبيا ونيكاراغوا وفنزويلا رحبوا بطلب جنوب أفريقيا.
ورحب كل من الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو والرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالطلب في وقت لاحق من يوم الأربعاء. وقال بترو على وسائل التواصل الاجتماعي: “من الواضح جدًا أن الإجراءات والتدابير التي اتخذتها حكومة إسرائيل تشكل أعمال إبادة جماعية”.
وعلى الرغم من تأييد الأغلبية في إسرائيل لتصرفات الجيش، أعرب الزعيم الإسرائيلي اليساري عوفر كاسيف عن دعمه لقضية جنوب أفريقيا. كما قدمت كولومبيا وإيران دعمهما لهذه القضية.
وتجمّع عشرات الأشخاص في كيب تاون الخميس، للتعبير عن دعمهم للدعوى التي رفعتها بريتوريا ضدّ إسرائيل، فيما يُتوقّع خروج مظاهرات أخرى في مدن أخرى في جنوب أفريقيا في وقت لاحق.
لكن من يؤيد إسرائيل ضد جنوب أفريقيا؟
وتعارض الولايات المتحدة قضية الإبادة الجماعية، حيث وصفها المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي بأنها «لا أساس لها من الصحة، وتؤدي إلى نتائج عكسية، ولا أساس لها على الإطلاق».
ووصف وزير الخارجية أنتوني بلينكن القضية بأنها بلا أساس، مضيفًا أنها تصرف انتباه العالم عن الجهود المبذولة من أجل السلام والأمن.
وفي مؤتمر صحفي في إسرائيل في رابع جولة له في الشرق الأوسط منذ الهجوم الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قال بلينكن إن «تهمة الإبادة الجماعية لا أساس لها من الصحة».
وأضاف بلينكن: «إنه أمر مزعج بشكل خاص بالنظر إلى أن أولئك الذين يهاجمون إسرائيل وحماس وحزب الله والحوثيين، فضلاً عن دعمهم لإيران، يواصلون الدعوة علناً إلى إبادة إسرائيل والقتل الجماعي لليهود».
ومطلع الشهر الجاري، اعتبر البيت الأبيض أنّ الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد الدولة العبرية «لا أساس لها» و«تؤتي نتائج عكسية ولا تستند إلى أي حقائق».
كما رفضت المملكة المتحدة دعم القضية، متجنبة أيضًا طرح «مسألة الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة على مدى شهرين منذ غزوها البري».
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون للمشرعين هذا الأسبوع، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية: «لا أعتقد أن هذا مفيد، ولا أتفق معه، ولا أعتقد أنه صحيح».
وحثت العديد من المجموعات والمشرعين الحكومة الأسترالية على دعم جنوب أفريقيا في هذه القضية.
واعتبر المجلس اليهودي في جنوب أفريقيا أن الاتهامات الموجهة لإسرائيل «مبنية على نظرة عالمية لمعاداة السامية وتحرم اليهود من حق الدفاع عن أنفسهم»، حسبما جاء على لسان رئيسة المنظمة كارن ميلنر.
في لاهاي، فرّقت الشرطة متظاهرين داعمين لإسرائيل وآخرين داعمين للفلسطينيين كانوا يحملون لافتات كُتب عليها «ضعوا حدًا للفصل العنصري الإسرائيلي».
ماذا نعرف عن القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا؟
في شكوى تقع في 84 صفحة رفعت إلى محكمة العدل الدولية التي تتخذ من لاهاي مقرًا، تحث جنوب أفريقيا القضاة على إصدار أمر عاجل لإسرائيل بـ«تعليق فوري لعملياتها العسكرية» في قطاع غزة.
وبدأت الجلسة قبل ظهر الخميس. واتهمت بريتوريا إسرائيل بانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وقال وزير العدل في جنوب أفريقيا رونالد لامولا: «لا يمكن لأي هجوم مسلّح على أراضي دولة مهما كانت خطورته (..) أن يقدّم أي تبرير لانتهاكات الاتفاقية».
وقالت محامية من وفد جنوب أفريقيا إلى المحكمة عادلة هاشم، إن «الوضع بلغ حدا بات فيه خبراء يتوقعون أن يموت عدد أكبر من الناس جراء الجوع والمرض» جراء أفعال عسكرية مباشرة. وأضافت أن إسرائيل دفعت السكان في غزة «إلى حافة المجاعة»
وفي وقت سابق، قالت جنوب أفريقيا إنها «تدرك تمامًا حجم المسؤولية الخاص ببدء ملاحقات ضد إسرائيل لانتهاك اتفاقية منع جريمة الإبادة». وترى بريتوريا أن إسرائيل «أقدمت وتقدم وقد تستمر في الإقدام على أعمال إبادة بحق الشعب الفلسطيني في غزة».
في المقابل، اعتبر الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ أنه «ليس هناك ما هو أكثر فظاعة وسخافة من إعلان» بريتوريا، مضيفًا: «سنمثل أمام محكمة العدل الدولية وسنقدّم بكل فخر قضيتنا في الدفاع عن النفس (..) بموجب القانون الإنساني الدولي».
وسيتحدث ممثلون من البلدين في جلسات استماع يومَي الخميس والجمعة. وكونه إجراء طارئا، يمكن أن تُصدر محكمة العدل الدولية حكمها في غضون أسابيع قليلة.
وجنوب أفريقيا وإسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها العائدة للعام 1948، ردًا على مجازر الإبادة في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية. ويحقّ لكل دولة موقعة ملاحقة دولة أخرى أمام محكمة العدل الدولية، حال الاختلاف على "تفسير أو تطبيق أو احترام" القواعد الهادفة إلى منع وقوع أعمال إبادة جماعية.
وأحكام المحكمة مبرمة وملزمة قانونا، لكنها لا تملك سلطة لفرض تطبيقها.
ماذا تريد جنوب أفريقيا؟
وتتمنى جنوب أفريقيا أن تفرض محكمة العدل «إجراءات مؤقتة»، وهي أوامر قضائية عاجلة تطبّق فيما تنظر في جوهر القضية الأمر الذي قد يستغرق سنوات.
وتطالب جنوب أفريقيا أيضا بتعويضات لإعادة بناء غزة وعودة النازحين الفلسطينيين.
وتقول الأستاذة في القانون الدولي في جامعة ليدي في هولندا سيسيلي روز لوكالة «فرانس برس»، إنه في هذه المرحلة «لن تحدد المحكمة ما إذا كانت هناك إبادة تجري في غزة».
وتوضح: «المحكمة ستقيّم فقط ما إذا كان هناك خطر حدوث ضرر لا يمكن إصلاحه للحقوق التي تكفلها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، خصوصًا حق فلسطينيي غزة في الحماية من الأعمال التي تهدد وجودهم كمجتمع».
aXA6IDMuMTYuNTEuMjM3IA== جزيرة ام اند امز