المناورات الإسرائيلية الأمريكية.. الرسائل ودلالات التوقيت
خبراء فلسطينيون أكدوا أن المناورات الإسرائيلية الأمريكية المرتقبة تركز على مسألة الردع، وترسيخ فكرة التعاون بين تل أبيب وواشنطن.
رأى خبراء فلسطينيون أن المناورات الإسرائيلية الأمريكية المرتقبة، لها أهداف متعددة ولكنها تركز على مسألة الردع وترسيخ فكرة التعاون بين تل أبيب وواشنطن، دون استبعاد إمكانية استغلالها لتوجيه ضربات ضد هذا الطرف أو ذاك.
ووفق القناة الإسرائيلية العاشرة؛ فقد شرعت الولايات المتحدة بنشر واسع النطاق لمنظومة دفاع جوية مضادة للصواريخ في إسرائيل، استعدادا لتدريب عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك، يحاكي إطلاق نار في "الجبهة الإسرائيلية الداخلية".
ويبدأ التدريب، الذي يأتي في إطار برنامج التدريبات العسكرية الإسرائيلية "الأمريكية" المشتركة، "جونيبر كوبرا"، في الأسبوع المقبل، ويحاكي نشوب حرب على عدة جبهات موازية، في الجنوب والشمال، يطلق خلالها آلاف الصواريخ والقذائف، وذلك في ظل التصعيد في تصريحات القيادة الإسرائيلية وإطلاق تهديدات ضد لبنان وفلسطين.
دورية بأبعاد جديدة
ويرى نظير مجلي، الخبير في الشأن الإسرائيلي، في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية أن هذه مناورة ضمن سلسلة تدريبات سنوية مع الولايات المتحدة، لكن هذه المرة تأخذ أبعادا جديدة مع تصاعد حديث القيادة الإسرائيلية عن حرب قادمة من عدة جبهات، خصوصا بعد تهديدات ليبرمان لسوريا ولبنان.
وهدد وزير الدفاع، أفيجدور ليبرمان، بالاجتياح البري للبنان في الحرب القادمة، في كلمته في المؤتمر السنوي للمعهد لدراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، وقال: "سنفعل كل شيء من أجل التوجه بأقوى قوة ممكنة، ويجب عدم التردد، سنتقدم إلى الأمام بأسرع ما يمكن".
ويذهب مجلي إلى أن أمريكا تريد من وراء المناورة أن تعطي إشارة لإسرائيل بأن بإمكانها مساعدتها في أي حرب؛ خصوصا أنها ستغطي كل المناطق الإسرائيلية بأنظمة التصدي للصواريخ.
وأضاف: "كذلك تعطي أمريكا إشارة لجميع الأطراف بأن الاقتراب من إسرائيل سيواجه بقوة"، مبينا أن المناورة تؤكد أنها ذات أهمية كبيرة.
التخوف من الخدعة
ولم يستبعد مجلي أن تقدم إسرائيل على خدعة عسكرية باستغلال المناورات لشن عملية عسكرية؛ لاستعادة جزء من قوة الردع المهتزة.
ونفذت إسرائيل خلال عام 2017 ما لا يقل عن 12 تدريبا ومناورة مركزية، بعضها حاكت حربا ضد غزة ولبنان، ما يدفع الخبراء إلى التقدير بأن إسرائيل تزيد من جاهزيتها لشن عدوان جديد، تقلص فيه خسائرها النسبية خلال المواجهات السابقة سواء بغزة أو لبنان.
كل شيء متوقع
ويوضح محمود مرداوي، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن مناورات الاحتلال التي أجراها في الآونة الأخيرة تلبست نشاطات معادية نُفذت في القطاع، وشكلت غطاءً للتورية واستعداداً للرد، علماً بأنها كانت معلنة ومحددة بمواقيت وأهداف، وغالباً ما أكدت البعد الدفاعي لتلك المناورات، وقايةً من هجمات ربما تنفذها المقاومة في المستقبل.
لكن مرداوي نبه إلى أن المناورات الأخيرة تُركت مبهمة من حيث التوقيت، وأهدافها محاكاة حرب على القطاع بشكل عدائي واستفزازي.
وقال: "من حق المقاومة الفلسطينية أن تتوقع كل شيء من هذا العدو الغادر بعد استغلال المناورات الأخيرة لتنفيذ أهداف معادية في القطاع"، منبها إلى أن حروباً عالمية وإقليمية اندلعت بالخطأ، ولم تكن كل الأطراف راغبةً فيها أو مخططةً لاندلاعها.
حرب نفسية دعائية
وبخلاف مرداوي، فإن اللواء واصف عريقات، الخبير العسكري، يستبعد أن تقدم إسرائيل على شن حرب عبر هذه المناورات، قائلاً: إن إسرائيل عوّدتنا ممارسة حرب نفسية ودعائية خلال مهمات المناورات العسكرية؛ لأن حالة الضجيج المقصودة ترسل من خلالها عدة رسائل.
وأشار عريقات في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية إلى أن هذه المناورات دورية بين البلدين لكن إسرائيل كعادتها تستغلها، لتوجيه رسائل للجبهة الداخلية والمحيطة والعالم، بأنها على أهبة الاستعداد، وهي غير كذلك في حقيقة الأمر.
ووفق عريقات؛ فإن التقارير الاستراتيجية الإسرائيلية تقدر استعداد الجبهة الداخلية في إسرائيل لأي حرب هي 38% فقط.. وهذا ما تريد أن تغطيه إسرائيل بالحديث عن أهمية المناورة لطمأنة الجبهة الداخلية.
رسالة دعم أمريكية
ويربط الدكتور عمر جعارة، الخبير في الشأن الإسرائيلي، بين المناورة والقرارات الأمريكية الأخيرة حول القدس، مبينا أن التنسيق العسكري والأمني بين إسرائيل وأمريكا في ازدياد ملحوظ منذ وصول ترامب للحكم، وهذه المناورات التي يجري التحضير لانطلاقها الأسبوع المقبل، لربما تكون الأضخم بين البلدين.
وفي نوفمبر الماضي، دشن سلاح الجو الإسرائيلي واحدة من أكبر المناورات في تاريخه بمشاركة عدة دول على رأسها الولايات المتحدة، أطلق عليها اسم "العلم الأزرق".
وحاكت المناورات معارك جوية غير اعتيادية بين قوات متحالفة وعدو مشترك.
ويقول جعارة في حديثه لـ"بوابة العين" إن المناورة الجديدة رسالة تأكيد أمريكية بأن علاقتها بإسرائيل استراتيجية وليست عابرة، وتأكيد بأن قرارها بخصوص القدس تُتوِّجه بالمناورة العسكرية التي تهدف منها لردع أي طرف يحاول التعرض لإسرائيل أو الاعتراض على إجراءاتها الاستعمارية على الأرض.