ولد في مصر وأعدم بسوريا.. من هو أشهر جواسيس إسرائيل؟
في صبيحة الـ18 من مايو/أيار 1965، وتحديدا قبل 59 عاما من الآن، كانت ساحة المرجة، في العاصمة السورية، دمشق، على موعد مع إعدام علني لأحد أشهر جواسيس إسرائيل في تاريخها.
إنه إيلي كوهين، واسمه كاملا، إلياهو بن شاؤول كوهين، الذي تعده إسرائيل من أشهر جواسيسها في التاريخ.
- ساعة الجاسوس إيلي كوهين تفضح الموساد الإسرائيلي
- نتفليكس تعرض مسلسل الجاسوس كوهين صديق رئيس سوريا الأسبق
من هو إيلي كوهين؟
ولد كوهين في مدينة الإسكندرية بمصر في 26 ديسمبر/كانون الأول عام 1924 باسم إلياهو بن شاؤول كوهين لأسرة هاجرت إلى مصر من مدينة حلب السورية، والتحق في طفولته بمدارس دينية يهودية ثم درس الهندسة في جامعة القاهرة، لكنه لم يكمل تعليمه.
ورغم عدم إكماله تعليمه فإنه أجاد العبرية والعربية والفرنسية بطلاقة، وانضم للحركة الصهيونية في عام 1944 وهو في الـ20 من عمره، بحسب الرواية المصرية لقصته.
وبعد حرب 1948، أخذ يدعو مع غيره من أعضاء المنظمة لهجرة اليهود المصريين إلى فلسطين، وبالفعل، هاجر أبواه وثلاثة من أشقائه إلى إسرائيل في عام 1949 بينما تخلّف هو في الإسكندرية، ليلتحق بشبكة تجسس إسرائيلية بمصر بزعامة إبراهام دار، المعروف بجون دارلنج.
وكان ضمن شبكةً تجسس إسرائيلية بمصر نفذت سلسلة تفجيرات ببعض المنشآت الأمريكية في القاهرة والإسكندرية بهدف إفساد العلاقة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية.
وفي عام 1954، تم إلقاء القبض على أفراد الشبكة في فضيحة كبرى عرفت حينها بفضيحة لافون، لكن تمكّن من إقناع المحققين ببراءته إلى أن خرج من مصر عام 1955، ثم سافر إلى إسرائيل حيث التحق بجهاز الموساد لكنه أعيد إلى مصر، واعتقل مع بدء العدوان الثلاثي على مصر في أكتوبر/تشرين الأول 1956، ثم هاجر من مصر نهائيا عام 1957 بعد حرب السويس.
وبعد وصوله إلى إسرائيل عمل كوهين في البداية في ترجمة الصحافة العربية للعبرية، ثم تم إعداد قصة مختلقة له من الموساد لزرعه لاحقا في سوريا تقوم على أنه سوري مسلم اسمه كامل أمين ثابت.
ثم سافر الجاسوس إلى الأرجنتين وهناك توثقت صداقته بالملحق العسكري السوري أمين الحافظ الذي أصبح رئيساً لسوريا لاحقاً.
وفي عام 1962، انتقل كوهين إلى دمشق حيث بنى علاقات مع شخصيات في أعلى مستويات السلطة وكبار ضباط الجيش ورجال المجتمع والتجارة، وسكن بحي أبورمانة المجاور لمقر قيادة الجيش السوري.
وتسلل كوهين إلى النخبة السورية كرجل أعمال سوري، وتمكن من نسج علاقات قوية مع شخصيات ذات نفوذ سواء من رجال السياسة أو العسكريين، إلى حد اقترابه من دوائر صنع القرار، ووصل الأمر حد ترشيحه في منصب نائب رئيس الجمهورية.
وتمثلت أبرز عملياته بسوريا في مد تل أبيب بأبرز التحركات العسكرية للجيش السوري، وكل تجهيزاته بجبهة الجولان قبل الحرب بعام، علاوة على معلومات قيمة بشأن انتشار الجيش السوري، والتي اعتبرت بالغة الأهمية لاحتلال مرتفعات الجولان في 1967.
وظل إلى أن كشفت سلطات مكافحة التجسس السورية في نهاية المطاف عن مؤامرة التجسس، واعتقلت وأدانت كوهين بموجب القانون العسكري قبل الحرب، وحكمت عليه بالإعدام في 1965.
استعادة رفاته
ورغم مرور أكثر من 5 عقود على إعدامه، عملت إسرائيل على استعادة رفاته من دمشق، عبر وساطة روسية، ورغم إعلان وسائل إعلام عبرية أن رفاته نقل إلى إسرائيل، إلا أن السلطات لم تؤكد أو تنفي ذلك.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أكد حرصه على الأمر، وأكد أن حكومته تبذل قصارى جهدها للعثور عليه وإعادته إلى إسرائيل.
وقال: "أنا مصمم على أن أعيد إلى الوطن جميع جنودنا الذين سقطوا في الميدان، لقد أعدنا رفات زخاري باوميل من خلال اتصالاتي المميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونواصل العمل المتعلّق بإيلي كوهين".
وتظهر تلك المحاولة الإسرائيلية، التي لم يتم تأكيد نتائجها، حرص قيادة تل أبيب على الظهور بالتمسك بالثقافة والتقاليد اليهودية بجمع رفات الموتى اليهود ودفنهم في أرض إسرائيل.
عملية «الساعة»
وفي صيف 2018، أعلنت إسرائيل أنها استعادت ساعة اليد التي كان يضعها كوهين، والتي كانت جزءاً من "هويته العربية الزائفة"، وذلك بفضل "عملية خاصّة نفّذها الموساد في دولة وصفها بأنها (عدوّة)"، وكانت بمثابة دعاية له لكنها انقلبت ضده بالنهاية.
واحتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالعملية، وباركها رئيس الوزراء الإسرائيلي، واعتبرها "عملية شجاعة وناجحة".
لكن زوجة الجاسوس نادية كوهين فجّرت مفاجأة، عندما قالت لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "ساعة يد كوهين تم شراؤها من مزاد علني على شبكة الإنترنت، وأن الموساد أخبرنا قبل عدة أشهر بالحصول عليها، دون معرفة المكان أو الزمان، والآن، تبين أنها من مزاد علني".
مسلسل «الجاسوس»
وتبنيا للرواية الإسرائيلية التي تختلف في كثير من النقاط عن المصرية، عرضت شبكة نتفلكس مسلسل "الجاسوس" (the spy)، وتدور أحداثه حول الجاسوس إيلي كوهين الذي عكف على جمع المعلومات حول الخطط العسكرية السورية تحت غطاء شخصية رجل الأعمال كامل أمين ثابت.
وجسّد الممثل الكوميدي الإنجليزي ساشا بارون شخصية كوهين، بينما قامت الممثلة الإسرائيلية هادار راتزون روتيم بدور زوجته نادية، وهو من تأليف وإخراج جدعون راف.