إيلي كوهين.. لماذا تبحث إسرائيل عن رفات أشهر جواسيسها؟
جهود حثيثة تبذلها إسرائيل للعثور على رفات جاسوسها إيلي كوهين الذي تم إعدامه في دمشق قبل 55 عاما، في مساع تستبطن رسائل عديدة.
حيثيات عكسها حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو على الأمر، والتأكيد على أن حكومته تبذل قصادى جهدها للعثور عليه وإعادته إلى إسرائيل.
ووفقا لخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية (مصري حكومي)، فإن تجدد الحديث عن عودة رفات الجاسوس الإسرائيلي في هذا التوقيت بمثابة "ورقة انتخابية".
يأتي هذا قبل أيام من الانتخابات المبكرة المقررة في 23 مارس/آذار الجاري، ومحاولة للتأكيد أيضا على إظهار تمسك قيادة تل أبيب بالثقافة والتقاليد اليهودية بجمع رفات الموتى اليهود ودفنهم فى أرض إسرائيل.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، الثلاثاء، أن "حكومته تبذل جهودا حثيثة للعثور على رفات جاسوسها إيلي كوهين".
وردّاً عن سؤال لقناة "آي 24 نيوز" الدولية في تل أبيب بشأن ما إذا كانت هناك "جهود" تبذل حالياً للعثور على الرفات واستعادته، أجاب نتنياهو: "هذا صحيح".
وأضاف: "أنا مصمم على أن أعيد إلى الوطن جميع جنودنا الذين سقطوا في الميدان، لقد أعدنا رفات زخاري باوميل من خلال اتصالاتي المميزة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونواصل العمل المتعلّق بإيلي كوهين".
ورقة انتخابية؟
الدكتور سعيد عكاشة، الخبير في الشأن الإسرائيلي بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، تحدث عن أسباب تمسك إسرائيل باستعادة رفات الجاسوس إيلي كوهين.
وقال "عكاشة" في حديث خاص لـ"العين الإخبارية": "تصريحات نتنياهو بمثابة ورقة انتخابية، ومحاولة لاستمالة جمهور الناخبين بأن الحكومة لا تدخر جهدا إلا وتفعله من أجل المواطن اليهودي سواء حيا، أو ميتا باستعادة رفاته".
يضيف عكاشة أن الرسالة السياسية، هي أن قيادة إسرائيل تسعى لإظهار الحرص على أن "الدولة تمثل الوجهة لجميع اليهود في العالم، بدليل سعي قيادتها على البحث عن رفات مواطن يهودي خدم وطنه مثلما فعل كوهين، واستعادته للبلاد".
ونبه إلى أن تلك القيادة "تحاول تكريس فكرة أن فلسطين أرض الميعاد، وأرض اليهود من جميع أنحاء العالم".
وعلاوة على المكاسب السياسية والانتخابية، أبرز "عكاشة" أن "محاولة استعادة رفات الجاسوس كوهين جزء من العقيدة والثقافة اليهودية، بجمع رفات الموتى اليهود ودفنهم فى أرض إسرائيل، لأسباب دينية وعقائدية".
أبرز جواسيس إسرائيل
واستعرض الخبير بمركز الأهرام الدور الذي قام به الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، واصفا إياه بـ "أحد أبرز جواسيس إسرائيل شهرة منذ تأسيس الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) حتى إعدامه".
وقال "عكاشة" إن كوهين عمل تحت ستار اسم مستعار وشخصية وهمية في سوريا، بعد أن تنكر تحت اسم (كمال أمين ثابت) كرجل أعمال سوري وهمي، وقدم نفسه كقومي يتمتع بعلاقات واتصالات دولية، حتى نجح في اختراق أعلى مستويات النظام السوري.
وأردف: "تسلل كوهين إلى النخبة السورية كرجل أعمال سوري، وتمكن من نسج علاقات قوية مع شخصيات ذات نفوذ سواء من رجال السياسة أو العسكريين، إلى حد اقترابه من دوائر صنع القرار، ووصل الأمر حد ترشيحه في منصب نائب رئيس الجمهورية، حتى كشف أمره وتم إعدامه منتصف عام 1965".
ووفق الخبير بمركز الأهرام، فإن أبرز عمليات الجاسوس كوهين، تمثلت في مد تل أبيب بأبرز التحركات العسكرية للجيش السوري، وكل تجهيزاته بجبهة الجولان قبل الحرب بعام، علاوة على معلومات قيمة بشأن انتشار الجيش السوري، والتي اعتبرت بالغة الأهمية لاحتلال مرتفعات الجولان في 1967.
ولم يستبعد "عكاشة" تمكن "كوهين"، قبل إعدامه، من تجنيد شبكة جواسيس داخل أجهزة الحكم السورية، لم يتم اكتشافها إلا بعد إعدامه بفترة.
واكتشف مسؤولون أمنيون سوريون حقيقة كوهين في 1964، وحكم عليه بالإعدام بعد محاكمة عسكرية، وشنق العام التالي في ميدان عام بدمشق.
الدور الروسي
قناة "روسيا اليوم" الناطقة باللغة الإنجليزية بثت في وقت سابق، فيلماً تضمن صورا لشخص يسير في أحد شوارع دمشق، يعتقد أنه "شارع 29 أيار" الذي أصبح لاحقاً مقرا للمركز الثقافي السوفيتي/الروسي، وهذا الشخص هو إيلي كوهين.
وفي تعليقه على الدور الذي تلعبه موسكو في إعادة رفات الجاسوس من دمشق، قال عكاشة: "الأمر يتعلق بمصالح مشتركة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، حيث أن الأول يسعى لمساعدة نتنياهو في حملته الانتخابية، مقابل مصالح تجارية واقتصادية لموسكو".
وكانت شبكة "نتفليكس" قد جسدت سيرة "كوهين" في مسلسل قصير لاقى نجاحاً واسعاً.
وقال نتنياهو، الذي يقوم بحملة انتخابية استعداداً للانتخابات التشريعية في خطوة مصيرية لحياته السياسية: "أعتقد أن علاقتي الشخصية بفلاديمير بوتين هي رصيد استراتيجي مهمّ لإسرائيل".
لكنّه عاد وقال في تصريح للإذاعة العسكرية: "لن نكفّ عن البحث عن إيلي كوهين ولا أقول إننا نفعل ذلك بواسطة روسيا".
يشار إلى أنه في صيف 2018، أعلنت إسرائيل أنها استعادت ساعة اليد التي كان يضعها كوهين، والتي كانت جزءاً من "هويته العربية الزائفة"، وذلك بفضل "عملية خاصّة نفّذها الموساد في دولة وصفها بأنها (عدوّة)".
واحتفت وسائل الإعلام الإسرائيلية بالعملية، وباركها رئيس الوزراء الإسرائيلي، واعتبرها "عملية شجاعة وناجحة".
لكن زوجة الجاسوس نادية كوهين فجّرت مفاجأة، عندما قالت لإذاعة الجيش الإسرائيلي إن "ساعة يد كوهين تم شراؤها من مزاد علني على شبكة الإنترنت، وأن الموساد أخبرنا قبل عدة أشهر بالحصول عليها، دون معرفة المكان أو الزمان، والآن، تبين أنها من مزاد علني".