خطر حقيقي يهدد بـ«هزيمة إسرائيل».. جبهات القتال المتعددة؟
على مدار 7 أشهر، انخرطت إسرائيل في صراعات متزامنة تضمنت القتال في غزة وتبادل إطلاق النار عبر الحدود مع حزب الله اللبناني، فضلا عن غاراتها في سوريا ومحاولات الحوثيين لاستهدافها، قبل أن تفتح جبهة جديدة مع إيران.
ورغم جبهات القتال المتعددة تلك، فإن الجيش لإسرائيلي لم يأخذ في الاعتبار أن الخطر الحقيقي يكمن في الانقسامات الاجتماعية والسياسية الناجمة عن القتال على «جبهات متعددة»، بحسب وصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت للمعارك التي تخوضها بلاده.
تصريح غالانت جاء غداة استهداف إسرائيل القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في وقت سابق من الشهر الجاري، وأشار تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية، إلى أن تل أبيب أضافت في غضون أسبوعين جبهة جديدة للقتال، بعدما أطلقت إيران 300 صاروخ ومسيرة على إسرائيل ردا على هجوم القنصلية.
جبهات متعددة
واعتبرت «الغارديان» أن هذه السلسلة من الصراعات تختلف تماما عن حربي 1967 و1973، عندما خاضت إسرائيل حروباً مع جيوش عربية تقليدية كانت تضغط من عدة اتجاهات، مشيرة إلى أن فتح جبهة مع إيران يثير تساؤلات خطيرة حول قدرة إسرائيل على مواجهة العديد من الخصوم فيما يبدو وأنه «صراع مفتوح».
ورغم تخطيط إسرائيل قبل عقد من الزمان لخوض حرب تنطوي على قتال متزامن في غزة ومع حزب الله فإن الافتراضات حول كيفية إدارة الصراع تبدو «خاطئة»، بحسب الصحيفة البريطانية.
وكان المفهوم التنظيمي الرئيسي لاستراتيجية الجيش الإسرائيلي يرى أنه من غير المرجح أن تضطر إسرائيل إلى قتال قوات برية تقليدية مثل 1967 و1973، واستنادا إلى حرب لبنان 2006 والصراعات السابقة في غزة، خلص الجيش الإسرائيلي إلى أن أعداءه الأساسيين سيكونون «جيوشا إرهابية منتشرة تعتمد على الصواريخ».
ورغم ضعف قدراتها العسكرية إلا أنها لن تكون مجرد جماعات مسلحة أو شبيهة بحرب العصابات، إنما ستمثل هذه «الجيوش الإرهابية» أعداء متقدمين ومدربين جيدا وذوي دوافع أيديولوجية، ويعملون في شبكات معقدة ومتصلة أحيانا.
ووفقا لمخططي هذا السيناريو فإن «المفهوم العملياتي للنصر» يعتمد على خوض إسرائيل حروباً صغيرة بذكاء وحسم وسرعة.
حرب غير ذكية
وبعد مرور أكثر من 6 أشهر على هجمات حماس، مازالت الحركة موجودة في غزة رغم تضررها، فيما لا يزال العديد من كبار قادتها على قيد الحياة، في حين تبدو العملية الإسرائيلية متعثرة وتفتقر إلى أهداف واضحة كما يشير المستوى الهائل من الدمار والخسائر في أرواح المدنيين إلى أن الحرب لم تكن ذكية على الإطلاق.
وعلى الحدود الشمالية، دفع التبادل اليومي لإطلاق النار مع حزب الله، إسرائيل إلى إجلاء المدنيين. ويقر معظم المخططين العسكريين الإسرائيليين الآن بأن حزب الله قادر على إلحاق أضرار جسيمة في صراع شامل، إضافة إلى تهديدات إيران التي شنت أول هجوم مباشر على إسرائيل منذ هجوم نظام الرئيس العراقي قبل أكثر من 3 عقود.
وفي تصريحات لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية عقب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، توقع رئيس المخابرات السابق للجيش الإسرائيلي، تامير هايمان، بعض التحديات التي ستواجهها إسرائيل في خوض حرب متعددة الجبهات.
وقال هايمان: «يمكننا التعامل مع أكثر من جبهة.. يمكننا التعامل حتى مع ثلاث جبهات (..) يمكننا إنهاء جبهة والانتقال إلى أخرى؛ لدينا ما يكفي من القدرات التي تمكننا من القيام بذلك».
واعتبر هايمان أن «المشكلة ليست في الجيش الإسرائيلي إنما في الجبهة الداخلية (..) المشكلة هي الضرر الذي لحق بالمجتمع الإسرائيلي وقدرته على الصمود» مشيرا إلى أن «الجبهتين ليست مشكلة عسكرية.. لكنها مشكلة اجتماعية ومرونة على الجبهة الداخلية».
حلفاء ولكن
ووفقا لـ«الغارديان» فإن الجبهات المتعددة التي تواجهها إسرائيل الآن أصبحت موضع نقاش على نحو متزايد، لعدة أسباب من بينها الأهمية الواضحة للتحالف الدولي الذي تجمع سريعا للمساعدة في مواجهة الهجوم الإيراني ولولاه ربما كانت العواقب مختلفة.
والقضية بالنسبة لإسرائيل الآن أنه في حين كان توقع الطبيعة المتشابكة للصراعات التي قد تواجهها أمرا صحيحا، فإن الواقع الفعلي لخوضها كان أكثر إرباكاً وأكثر استنزافاً للموارد، العسكرية والاجتماعية على حد سواء.
وقالت الصحيفة البريطانية إن الطريقة التي قاتلت بها إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أدت إلى تآكل واستنفاد الدعم الدولي، مشيرة إلى أنه رغم مساعدتها في مواجهة الهجوم الإيراني، فرضت الولايات المتحدة وأوروبا عقوبات جديدة على المستوطنين المتطرفين.
وفي ظل صراع فوضوي متعدد الجبهات أصبحت أهدافه غير واضحة بشكل متزايد، لم يعد المراقبون يتساءلون ما إذا كانت إسرائيل تمتلك القدرة على القتال على جبهات متعددة، إنما أصبح السؤال هو لأي غرض تفعل ذلك؟ وبأي تكلفة نهائية؟
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز