إدراك متزايد في إسرائيل بضرورة تجرع «الوصفة الأمريكية»
ثمة إدراك متزايد في إسرائيل أن إنهاء حكم "حماس" في غزة يتطلب نوعا من التعاون مع السلطة الفلسطينية.
ولكن أقطابا كبيرة في الحكومة الإسرائيلية، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ترفض أي نوع من التعاون مع السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي.
هذا الجدل قاد يوم أمس الجمعة إلى جدل في المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت".
فخلال الاجتماع، ووفقا لتقرير القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية تابعته "العين الإخبارية"، طرح وزير الدفاع يوآف غالانت 4 بدائل للحكم في غزة باليوم التالي للحرب.
وقال غالانت، إن هناك أربعة بدائل سيئة فيما يتعلق بالمستقبل في قطاع غزة.
ووفقاً لغالانت، فإن الخيار الأسوأ هو حكم حماس، يليه الحكم العسكري الإسرائيلي "الذي سيكلفنا حياة جنودنا ويغتصب الموارد العسكرية في مواجهة جاهزية الشمال والجيش الإسرائيلي".
وبحسب غالانت فإن المرحلة المقبلة ستكون "فوضى ستؤدي إلى استثمار الكثير من الموارد من المجتمع الدولي والتدخل غير الضروري في غزة".
وأوضح أن الخيار الأقل سوءا هو حكم هيئة أخرى تكون هيئة محلية، لكن بما أنها ليست من حماس وتأتي من غزة، فهذا يعني أنه بين حين وآخر سينظر إلى ما يقولونه في رام الله أي السلطة الفلسطينية.
ومنذ الأيام الأولى للحرب الإسرائيلية في غزة بدأت الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل للتفكير في اليوم التالي للحرب، وقدمت وصفة تعتمد على تعزيز السلطة الفلسطينية لتولي السلطة في القطاع.
واعتبر وزراء إسرائيليون أن تصريحات غالانت تعني عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، وهو الأمر المرفوض من قبل الحكومة الحالية.
وهاجم وزير العدل ياريف ليفين ووزيرة المواصلات ميري ريغيف وكلاهما من حزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو أفكار غالانت بالقول: "هذا غير مقبول بالنسبة لنا، أنتم في الواقع تعيدون السلطة الفلسطينية".
ورد عليهما غالانت: "من يدفع ثمن عدم اتخاذ القرار اليوم هم جنود الجيش الإسرائيلي. كبار الضباط يقولون في نقاشات على المستوى السياسي إن القوات تداهم حياً معيناً، وتخرج، في هذا الوقت بدلاً من جلب عنصر محلي، حماس تعيد تأسيس نفسها، وبهذه الطريقة لن تنهار الحركة" أي حماس.
وتم كشف النقاب عن أفكار تُطرح في المستوى الأمني بإسرائيل، من بينها السماح لـ5-7 آلاف عنصر أمني فلسطيني يتبعون للسلطة الفلسطينية في غزة بتلقي التدريب في الأردن، ومن ثم يعودون لتسلم المسؤولية الأمنية في غزة.
ولكن نتنياهو عارض هذه الفكرة جملة وتفصيلا.
وبرزت إشكالية الحاجة إلى السلطة الفلسطينية مع مواجهة إسرائيل إشكاليات في توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، فهي من ناحية ترفض أي دور للشرطة المدنية التابعة لحركة "حماس"، ومن ناحية ثانية ترفض أي دور لوكالة الأونروا.
وقد سعت إسرائيل للتوصل إلى اتفاقات مع عشائر فلسطينية في غزة لتولي مسؤولية توزيع المساعدات، ولكن العشائر رفضت أي نوع من التعاون.
وتقول الولايات المتحدة الأمريكية، إن على إسرائيل التعاون مع السلطة الفلسطينية في هذا المجال، ولكن نتنياهو يرفض أي نوع من التعاون مع السلطة.
تفاصيل الخطة
وفي هذا الصدد، قال المعلق نداف إيال في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، تابعته "العين الإخبارية": "الخطة هي أن تحدد المخابرات الفلسطينية ما بين خمسة إلى سبعة آلاف من أعضاء فتح البارزين في قطاع غزة، ثم سيتم نقل أسمائهم إلى إسرائيل".
وأضاف: "ستسمح إسرائيل لهؤلاء الآلاف من رجال فتح بمغادرة قطاع غزة للتدريب كقوة أمنية خاصة ومسلحة. في البداية، كان هناك حديث عن أنه سيتم تدريبهم في مناطق الضفة الغربية. وبعد أن تم التوضيح أن الأمر لن يقبله نتنياهو، تم نقل موقع التدريب المقصود إلى الأردن".
وتابع: "والشخص الذي كان من المفترض أن يكون مسؤولا عن تدريب أعضاء فتح في غزة هو الجنرال الأمريكي مايكل فينزيل، المنسق الأمني بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وكانت الفكرة هي أن يتم تسليحهم بأسلحة صغيرة، وإعادتهم إلى قطاع غزة بموافقة إسرائيل وسيبدؤون في تأمين وسط القطاع وشماله".
وأردف: "وهذه العملية ضرورية للغاية لمنع وقوع المساعدات والغذاء في أيدي حماس، وإدامة سيطرتها على المناطق التي يزعم أن الجيش الإسرائيلي قد استولى عليها".
وأشار إيال إلى أن "الخطة وصلت إلى أعضاء مجلس الوزراء الحربي. وإلى رئيس الوزراء نتنياهو. وبقدر ما أفهم، رفضها نتنياهو تماما".
ولم يصدر تعليق من الأردن أو السلطة الفلسطينية بشأن الخطة المفترضة.
وقال إيال إن "رئيس الوزراء يرغب في القضاء على حماس في غزة، لكنه يريد أولاً وقبل كل شيء البقاء سياسيا، وبالنسبة لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين يحملان مفاتيح بقاء نتنياهو أو نهايته، فإن الخطة برمتها عبارة عن فوضى".
وأضاف: "هناك واقع في غزة ويحتاج إلى اتخاذ قرارات. وهنا، على حد تعبير رئيس الأركان في مناقشة مغلقة لمجلس الوزراء: هناك شيئان في غزة. حماس وفتح".
وتابع ساخرا: "على ما يبدو، بالنسبة لنتنياهو، يجب أن يكون هناك جلب لأفراد الأمن من سويسرا. لأنه ليس مستعدا لأي شيء آخر".
حجة السبت
ولم يتم اتخاذ القرار بشأن هذه الأفكار وإن كان مكتب نتنياهو أعلن أنه "صادق على الخطط للقيام بعملية عسكرية في رفح. الجيش يستعد لها عملياتيا ولإجلاء السكان".
ومع ذلك فقد أعلن أن نتنياهو سيوفد وفدا إسرائيليا إلى الدوحة للمشاركة في محادثات للتوصل إلى صفقة بشأن الرهائن الإسرائيليين تشمل إطلاق أسرى فلسطينيين ووقف إطلاق نار مطول في غزة.
غير أن نتنياهو رفض انعقاد المجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت" مساء السبت، ما دفع غالانت إلى المبادرة لعقد اجتماع أمني بغيباب نتنياهو.
هذه الخطوة جاءت بعد أن وجه نتنياهو رسالة إلى عدد من الدول مفادها "إذا فشلت المحادثات من أجل إطلاق سراح المختطفين، فإن إسرائيل ستبدأ في التحرك برفح وإجلاء السكان حتى قبل نهاية شهر رمضان"، وفق ما قالت هيئة البث الإسرائيلية.
وأضافت هيئة البث: "من المحتمل أن يكون الهدف من هذا الإعلان هو الضغط على حماس، بهدف إظهار بيان نوايا إسرائيلي أيضًا تجاه الدول الوسيطة – مصر وقطر".
وتابعت: "في إسرائيل قالوا إن الشروط التي نقلتها حماس إلى قطر بعيدة المنال، لكن يمكن البدء بالمفاوضات حول العدد الكبير من الأسرى الذين يطالبون باستقبالهم وهوياتهم، وكذلك حول إمكانية السماح بعودة سكان غزة من جنوب القطاع إلى شماله".
وأشارت إلى أنه "تنتظر حركة حماس رد إسرائيل على وثيقة المطالب التي قدمتها للوسطاء بشأن صفقة إطلاق سراح الرهائن".
هل يريدها؟
رفض نتنياهو عقد اجتماع "الكابينيت" بحجة السبت والتلويح بعملية في رفح زاد المخاوف من أن نتنياهو لا يريد صفقة بسبب اعتبارات ذاتية.
وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "أجرى وزير الدفاع غالانت، مساء اليوم، جلسة خاصة بمشاركة كبار المسؤولين الأمنيين وممثلي المفاوضات حول مساعي إعادة المختطفين لدى حماس".
مظاهرات في تل أبيب
هذا الأمر دفع باتجاه تصعيد الاحتجاجات في إسرائيل، للمطالبة بصفقة فورية وأيضا لإجراء انتخابات.
واعتقلت الشرطة مساء اليوم (السبت) متظاهرين أمام منزل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في قيسارية.
وفي الوقت نفسه، تجري في تل أبيب، مظاهرتان: إحداهما تطالب بصفقة الرهائن بمشاركة ذويهم، والأخرى تطالب بإجراء انتخابات للكنيست.
وتظاهر ذوو الأسرى وداعمون لهم في ساحة المختطفين أمام قاعدة كريا في تل أبيب.
وأقيمت المظاهرة تحت عنوان: "العالم كله يعرف - يجب أن نعقد صفقة".
وفي الوقت نفسه، نظمت مظاهرة في شارع كابلان في تل أبيب، للمطالبة بإجراء انتخابات للكنيست.
aXA6IDMuMTI5LjIxNi4xNSA= جزيرة ام اند امز