إسرائيل تسوى أحياء من غزة بالأرض.. هجوم جديد يعيد رسم ملامح المدينة

تشهد مدينة غزة واحدة من أعنف الحملات العسكرية منذ بدء الحرب قبل عامين، حيث تقوم القوات الإسرائيلية بتجريف وتدمير أحياء كاملة ضمن
هجوم بري وصفه مراقبون بأنه الأكثر اتساعاً وتدميراً منذ عقود.
ورغم اقتصار العمليات السابقة على استهدافات محدودة يعقبها انسحاب القوات، تكشف صور الأقمار الصناعية وتقارير ميدانية عن نهج جديد يقوم على تسوية أحياء بأكملها بالأرض في إطار سياسة "الاحتلال والبقاء"، وفقا لصحية نيويورك تايمز.
تغيير في قواعد الاشتباك
لطالما اعتمدت إسرائيل في مواجهاتها السابقة على التوغّل داخل غزة ثم الانسحاب، لكنها اليوم تعلن بوضوح نيتها التمركز الدائم في المناطق التي تسيطر عليها، وقد صرح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مقابلة مع القناة 14 الإسرائيلية، بالقول: "نحتل الأرض ونبقى فيها، نطهرها ونتقدم إلى الأمام."
وبحسب نتنياهو، فإن الهدف هو "القضاء النهائي على حماس" في معاقلها الأخيرة. غير أن هذه التصريحات لم تمنع موجة من التشكيك داخل الأوساط الإسرائيلية نفسها، حيث يرى محللون أن حماس أظهرت قدرة استثنائية على الصمود رغم الدمار الهائل الذي لحق بالقطاع منذ عامين.
كارثة إنسانية تتفاقم
فاقم الهجوم الأخير الوضع الإنساني الكارثي القائم في غزة، حيث اضطر مئات الآلاف من السكان إلى النزوح مجدداً، لينضموا إلى عشرات الآلاف من العائلات التي تعيش منذ شهور في مخيمات مكتظة وسط وجنوب القطاع.
وتصف منظمات دولية المشهد بأنه أكبر أزمة إنسانية يشهدها القطاع منذ عقود، تمثلت في نقص حاد في الغذاء، وانهيار النظام الصحي، وإغلاق المدارس، وتوقف شبه كامل لشبكات المياه والكهرباء.
ويقول شهود عيان إن كثيراً من الأهالي يرفضون النزوح مرة أخرى بعد أن استنزفتهم الحرب، بينما عاد آخرون ليكتشفوا أن منازلهم لم تعد قائمة.
سياسة الأرض المحروقة
منذ أغسطس/آب الماضي، وبعد أن صادقت الحكومة الإسرائيلية على خطة للسيطرة الكاملة على غزة، بدأ الجيش عملياته في تدمير الأحياء الشرقية للمدينة، قبل أن يتوسع الأسبوع الماضي نحو الشمال.
وتشير صور الأقمار الصناعية ومقاطع الفيديو التي تحققت منها نيويورك تايمز إلى أن الجيش يعتمد تكتيكاً يقوم على استخدام المباني كقواعد مؤقتة ثم تفجيرها قبل مغادرتها، وهو ما حدث مع مدرسة الفرقان التي تحولت من موقع عسكري إسرائيلي إلى أنقاض خلال أيام.
إلى جانب العمليات البرية، تواصل إسرائيل قصفها الجوي الكثيف. فمنذ منتصف سبتمبر/أيلول، استهدفت مئات المواقع في أنحاء غزة. وتظهر صور حديثة للأقمار الصناعية أن عدد الخيام التي أقامها النازحون انخفض بشكل طفيف بعد بدء الهجوم، لكنه لا يزال بالمئات، بعضها يقع على مقربة خطرة من مواقع تمركز الجيش الإسرائيلي.
من بين النازحين الجدد، مصطفى صيام (44 عاماً) الذي اضطر لمغادرة حي الشاطئ برفقة زوجته وأطفاله الثلاثة، بعد أن باتت الانفجارات لا تتوقف. وسار لساعات نحو وسط القطاع، لكنه يخشى ألا يجد منزله قائماً عند عودته. ويقول: يبدو أن هذه الحرب بلا هدف أو معنى، سوى تدمير ما تبقى من أسس الحياة في غزة."
ورغم تأكيد الجيش الإسرائيلي أنه لا يستهدف المدنيين وأن عملياته تقتصر على "مواقع حماس وأنفاقها"، فإن تصريحات كبار المسؤولين الإسرائيليين تكشف عن توجه مختلف.
فقد حذّر وزير الدفاع إسرائيل كاتس من أن غزة ستلقى مصير رفح وبيت حانون – مدن سويت بالأرض – ما لم تستسلم حماس وتفرج عن الأسرى. أما الوزير إيلي كوهين فقد قال صراحة إن "مدينة غزة يجب أن تتحول إلى مدينة أطلال مثل رفح".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز