ليلة حاسمة لـ«هدنة غزة».. نتنياهو يواجه الضغوط بـ«وعد اليوم 61»

يدرك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن إبرام اتفاق حول غزة سيساعده في الداخل، لكنه في نفس الوقت يخشى سقوط حكومته في حال التوصل إليه.
ويواصل وزيرا الأمن القومي والمالية الإسرائيليان إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الضغط على نتنيااهو، لاحتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات فيه وتهجير سكانه.
في المقابل، تقول المعارضة وقادة في حزب "الليكود"، الذي يقوده نتنياهو، وعائلات الرهائن إن الاتفاق هو الطريق الوحيد لإعادة الرهائن الأحياء والأموات.
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الأحد، إلى أن "نتنياهو يضمن غالبية تؤيد صفقة التهدئة رغم معارضة اليمين المتطرف".
واجتمع نتنياهو على انفراد مساء أمس السبت مع سموتريتش في محاولة لتليين مواقفه وكذلك مع بن غفير الذي ما زال يطرح مواقفه المتشددة بالدعوة لتصعيد الحرب وليس وقفها.
ويعقد المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينيت" مساء اليوم الأحد، جلسة لمناقشة خطة إقامة "المدينة الإنسانية" في رفح جنوب قطاع غزة.
ويصر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس على إقامة "مدينة الخيام" على أنقاض رفح، فيما تصر حركة "حماس" على وجوب انسحاب إسرائيل من المنطقة.
وتواجه الخطة انتقادات دولية لا سيما بعد نشر تفاصيلها، حيث تخطط إسرائيل لنقل 600 ألف فلسطيني إليها وتمنعهم من الخروج منها، إلا في حال قرارهم الهجرة.
وتعتبر العديد من الدول والمنظمات الدولية أن الخطة ليست سوى محطة على طريق تهجير مئات آلاف الفلسطينيين من غزة.
لا تقدم ولا انهيار
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "رغم المعارضة العلنية التي يعبّر عنها الوزيران سموتريتش وبن غفير لأي تنازلات في الصفقة، إلا أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يحظى بأغلبية داخل الكابينيت والحكومة تضمن تمرير الاتفاق فور التوصل إليه".
وأضافت: "يكمن جوهر الجدل في حجم التنازلات التي ستُطرح على الوزراء، ومن أبرزها السماح بدخول مئات الشاحنات يوميًا كمساعدات إنسانية، وتعليق مشروع "المدينة الإنسانية"، والانسحاب من مساحات أوسع في القطاع تمهيدًا للاتفاق".
وتابعت: "يتركز الخلاف حاليًا على محور موراغ، الذي تطالب حماس بانسحاب كامل منه، وهو محور لم يكن مشمولًا في مسودة "صفقة ويتكوف" الأصلية، بل أُضيف لاحقًا. وتخشى جهات إسرائيلية من أن تتيح هذه التنازلات لحماس استعادة السيطرة على ما يقارب خمس مساحة القطاع".
وأشارت إلى أنه "في مسعى لاحتواء اليمين، قدّم نتنياهو للوزيرين سموتريتش وبن غفير وعدًا صريحًا بأن استئناف القتال سيبقى جزءًا لا يتجزأ من الصفقة، رغم أن بعض الوزراء الآخرين يرون أن الهدف الأساسي هو إنهاء الحرب بشروط إسرائيلية، لا العودة إليها لاحقًا. ويؤكد هؤلاء أن خاتمة الحرب بشروط تل أبيب أفضل من جولة قتال جديدة في غزة".
وقالت: "لكن هذه المناقشات تدور في أجواء توصف بالنظرية، في ظل الدفع الإسرائيلي نحو صفقة تبادل وتهدئة تمتد لـ 60 يومًا. وذكرت مصادر مطلعة أن نتنياهو يبدو ملتزمًا باستئناف القتال بعد اليوم 61 من الصفقة، حتى لو تم التوصل إليها".
وتجمع الأطراف على أنه لا تقدم في المفاوضات غير المباشرة الجارية في الدوحة، ومع ذلك فإن ثمة تأكيدات على أن هذه المفاوضات لم تنهار أيضا.
وفي هذا السياق، كتب الوسيط الفلسطيني - الأميركي بشارة بحبح منشورًا عبر صفحته في فيسبوك قال فيه: "ترددت في الكتابة، لأن لا جديد يُذكر، لكننا نعمل بكل جهد مع كافة الوسطاء لفكّ الجمود الحاصل. هناك اجتماعات مهمة اليوم بين أمير قطر والرئيس الأميركي دونالد ترامب، ونأمل أن تثمر عن تقدم قريب".
أمريكا تضغط
وكشفت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية النقاب عن أن الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل بالحصول على اتفاق اقتصادي مقابل وقف الحرب.
وقالت: "كان من المفترض أن يعلن نتنياهو عن اتفاقية تجارية بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال زيارته لواشنطن، لكن الأمريكيين قرروا تأجيل الإعلان".
وأضافت: "يُعتقد في إسرائيل أنهم يربطون الآن اتفاقية التجارة بصفقة رهائن تؤدي إلى إنهاء الحرب".
وأشارت إلى أن "إسرائيل لا تعرف مقدار التعرفة الجمركية التي ستفرض على البلاد، لكن التقديرات تشير إلى أنها ستكون أقل من الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب وستكون حوالي 10% أو أكثر بقليل".
وكان نتنياهو أعلن قبيل زيارته إلى الولايات المتحدة إلى أن موضوع التعرفة الجمركية سيكون على جدول الأعمال.
وكان ترامب أعلن في أبريل/نيسان الماضي عن فرض رسوم جمركية على الواردات من إسرائيل بنسبة 17% وهو ما شكل صدمة لإسرائيل.
وفي حينه فرض ترامب رسوما جمركية على العديد من الدول.
نتنياهو يشكك
وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، في مقطع فيديو يوم الأحد، بشدة وسائل الإعلام لنشرها "دعاية حماس"، قائلاً إن استطلاعات الرأي التي تُظهر أن غالبية الجمهور الإسرائيلي تؤيد صفقة الأسرى "مُفبركة".
وزعم نتنياهو أن "إسرائيل وافقت بالفعل على الاقتراح الذي قدمه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، بالإضافة إلى مقترحات الوسطاء القطريين، وأن حماس رفضت أي اقتراح لا يضمن بقاءها في غزة".
وقال نتنياهو إنه سيبذل قصارى جهده لإعادة الرهائن، معتبرا أن "وسائل الإعلام لا تكشف عن حقيقة الموقف، إذ تعرض استطلاعات رأي تضلل الرأي العام".
وكرر نتنياهو الإصرار على إطلاق سراح الرهائن، والقضاء على حماس، والتعهد بأن غزة لن تُشكّل تهديدًا لإسرائيل بعد الآن.
وقال: "هذا ما أفعله. لن أتخلى عن أيٍّ من هذه المهام".
وفي استطلاع رأي نشرته القناة 12 يوم الجمعة، عارض 12% فقط من المشاركين اتفاقًا يُنهي الحرب، وأعرب 8% فقط عن تأييدهم للاتفاق المرحلي الحالي المطروح، بينما قال 6% إنهم مترددون، فيما أيد الباقون اتفاقا ينهي الحرب, كما وجد الاستطلاع أن 60% من ناخبي الحكومة يؤيدون إعادة جميع الرهائن مقابل إنهاء الحرب، مقارنةً بـ 22% يعارضون أي اتفاق.
عائلات الرهائن ترد
وردت عائلات الرهائن الإسرائيليين على تصريحات نتنياهو ببيان عنونته بـ"عادت الخدعة".
وقالت: "يحاول رئيس الوزراء مجددًا اختلاق صورة زائفة تُوحي باستحالة التوصل إلى اتفاق شامل، في تناقض صارخ مع إرادة الشعب، وهكذا تبدأ محاولة الخدعة. وللأسف، لقد خضنا هذه التجربة أكثر من مرة".
وأضافت: "تفشل الحكومة مرارًا وتكرارًا في إعادة المخطوفين بسبب مصالح سياسية ضيقة، متخفيةً وراء شعارات فارغة وأوهام لا أساس لها".
وتابعت العائلات: "الحقيقة بسيطة: أكثر من 80% من الشعب يريد اتفاقًا يُنهي القتال ويُعيد جميع المخطوفين".
وأردفت في إشارة إلى نتنياهو: "من يُفسد مثل هذا الاتفاق إنما يتصرف بخبث ضد إرادة شعب إسرائيل من أجل البقاء السياسي، وهكذا سيخلّده التاريخ".
مساعي حل الكنيست
وعلى خلفية الأزمة المتفاقمة داخل الائتلاف الحكومي، بدأ حزب "هناك مستقبل"، برئاسة يائير لابيد، بجمع تواقيع 61 عضو كنيست يدعمون حلّ البرلمان، في مسعى لإقناع رئيس الكنيست أمير أوحانا بالسماح بإعادة طرح قانون حلّ الكنيست للتصويت في الهيئة العامة، بالرغم من مرور أقل من ستة أشهر على سقوط القانون بالقراءة التمهيدية.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "يستند هذا التحرك إلى بند في النظام الداخلي للكنيست يجيز إعادة طرح مشروع قانون سقط، إذا ثبت تغيّر في الظروف".
ويقول حزب "هناك مستقبل" إن الظروف بالفعل قد تبدّلت، نظرًا لأن الاتفاقات التي أبرمت مع الأحزاب الحريدية قبيل التصويت السابق لم تُنفّذ.
وكان مشروع القانون السابق الشهر الماضي قد طُرح قبل يوم واحد من الضربة الإسرائيلية على إيران، وهددت حينها الأحزاب الحريدية بالتصويت لصالحه إن لم تُبلور مبادئ قانون التجنيد.
وبعد التوصل إلى تفاهمات، صوتت ضده، ما أدى إلى إسقاطه.
واتضح لاحقا إن نتنياهو أبلغ قادة أحزاب "الحريديم" أنه يعتزم تنفيذ هجمات كبيرة على إيران وإن الوضع يستدعي عدم تأييد مشروع قانون حل الكنيست وبالفعل فقد سحبت هذه الأحزاب تأييدها لمشروع قانون حل الكنيست.
إلا أن الحريديم عادوا بعد الحرب لمقاطعة التصويتات، لعدم طرح أي مسودة رسمية لقانون التجنيد أمام لجنة الخارجية والأمن، وهو ما اعتبره "هناك مستقبل" خرقًا للتفاهمات وسببًا كافيًا لتغيير الموقف.
ويسعى حزب "هناك مستقبل" الآن لتوفير دعم يضمن تمرير القانون، غير أن موافقة رئيس الكنيست من حزب "الليكود" أوحانا على طلبهم ليست مضمونة، خصوصًا أن أمامهم أسبوعين فقط قبل دخول الكنيست في عطلة الصيف يوم 22 يوليو/تموز الجاري، وإذا لم يُطرح القانون خلال هذه المهلة، فلن يكون بالإمكان التصويت عليه مجددًا قبل أواخر أكتوبر/تشرين الأول القادم مع عودة الكنيست من الإجازة الصيفية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز