نتنياهو يفضل إرضاء سموتريتش وبن غفير.. هكذا ضاعت «صفقة الرهائن»
كانت إسرائيل وحركة "حماس" في شهر يوليو/تموز الماضي على مقربة من التوصل لاتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.. إلا أنه لم يتم.
وتم وصف هذه الفرصة بأنها الأهم منذ بداية المفاوضات ولكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أضاع الفرصة لإرضاء وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية، التي كشفت التفاصيل: "لمدة ثلاثة أسابيع في يوليو/تموز الماضي، كانت إسرائيل وحماس على وشك التوصل إلى مخطط لصفقة الرهائن، لكن الفرصة ضاعت".
ووفقا لهيئة البث فإنه "في 6 مايو/أيار الماضي، دخل الجيش الإسرائيلي رفح، وفي الوقت نفسه، وربما ليس من قبيل الصدفة، مررت حماس اقتراحا مختلفا تماما عن المبادئ الإسرائيلية للمفاوضات حتى ذلك الحين، ووصفها مصدر اطلع على الوثيقة لفترة وجيزة بأنها "فظيعة"، ومع ذلك، بسبب الضغط الأمريكي وقرار مجلس الحرب، تقرر إرسال وفد منخفض المستوى لمواصلة المحادثات في القاهرة".
وأضافت الهيئة الإسرائيلية في تقرير تابعته "العين الإخبارية" إنه "في 7 أيار/مايو، بدأت مصر "محادثات غير مباشرة"، وهو مصطلح مهني، أو ربما تعبيرات ملطفة، لوصف المحادثات بين الأطراف التي لا تريد التحدث مباشرة، ووصفها دبلوماسي حضر المحادثات بأنه "تفجر زخمها من قبل حماس ومصر على خلفية مدخل رفح"، ولم يسجل أي تقدم في المفاوضات في ذلك الوقت".
وأشارت إلى أنه "في منتصف شهر مايو/أيار، دفعت المفاوضات المتوقفة إسرائيل إلى تقديم اقتراح بعيد المدى فيما يتعلق بها".
وقالت هيئة البث الإٍسرائيلية : "في الخلفية، كان هناك ضغط سياسي كبير من الوزراء يوآف غالانت وبيني غانتس وغادي آيزنكوت، وكذلك ضغط مقابل من الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، فضلا عن عدد غير قليل من الجدل بين فريق التفاوض والقيادة السياسية".
وأشارت الهيئة في 27 مايو/أيار، قدمت إسرائيل الوثيقة إلى الطرفين، وفي 31 مايو/أيار، عرض الرئيس الأمريكي جو بايدن الصفقة وذكر أن على حماس قبولها"، مضيفة أن تصريح بايدن أثار أسابيع من الضغط الأمريكي على أي شخص يمكن أن يحفز حماس على الموافقة على الاقتراح، بما في ذلك إعلان علني من قبل مصر وقطر والولايات المتحدة نفسها يدعو إلى تنفيذ الاتفاق.
وأضافت إنه بالمقابل "هدد الوزيران بن غفير وسموتريتش بأن إنهاء الحرب سيعني أيضا نهاية الحكومة".
ولفتت إلى أنه في 25 يونيو/حزيران الماضي، مارس مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز ضغطا حقيقيا للضغط على حماس لتقديم رد إيجابي، ولكن في اليوم نفسه، أصدرت المحكمة العليا قرارها بشأن مشروع القانون، الذي قضت فيه بأنه يجب على الدولة تجنيد طلاب المدارس الدينية في الجيش الإسرائيلي.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير: "أدرك نتنياهو بسرعة كبيرة أن هناك شيئين يمكن أن يسقطا حكومته - مشروع القانون وصفقة الرهائن - وهذا يفسر سلوكه بالكامل في ذلك الوقت".
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإنه "في 3 يوليو/تموز، ردت "حماس" على الاقتراح برد قوبل برد بارد من نتنياهو والمحيطين به".
وقالت: "أصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا منسوبا لـ"مصدر أمني" يركز على الفجوات بين الجانبين، لكن الموساد ادعى في الواقع أن إجابة حماس يجري فحصها في إسرائيل".
وأضافت: "بعد يوم، في يوم الاستقلال الأمريكي، تحدث نتنياهو وبايدن، وبسبب ضغوط من الولايات المتحدة، أرسلت إسرائيل مرة أخرى وفدا برئاسة رئيس الموساد إلى قطر".
وتابعت: "غادر رئيس الموساد دافيد برنياع إلى قطر في 5 يوليو/تموز الماضي وتلقى وثيقة رد حماس من الوسطاء، إلى جانب جدول صغير يصف الاختلافات بين موقف حماس الحالي واقتراح إسرائيل في أواخر مايو/أيار، بعنوان "قابل للتفاوض".
وأردفت: "حتى يومنا هذا، تشير مصادر في مؤسسة الدفاع شاركت في المحادثات إلى هذه اللحظة باعتبارها فرصة ضائعة حقيقية".
وقال مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثات: "حماس لم تكن مستعدة للتوصل إلى اتفاق حتى أوائل يوليو/ تموز الماضي، ثم فتحت نافذة فرصة قرروا فيها المخاطرة بأن إسرائيل ستنفذ المرحلة الأولى من الاتفاق ولن تستمر في المرحلة الثانية".
وأضاف المصدر: "بدلا من القفز على الفرصة، اتخذت إسرائيل نهج: "هنا، يرون أننا ننجح عسكريا ونعمل في رفح، لذلك إذا شددنا مواقفنا يمكننا تعظيم الظروف".
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإنه "في الساعة 7:30 مساء يوم 7 يوليو/تموز الماضي، عقد نتنياهو نقاشا دراماتيكيا في مكتبه مع فريق التفاوض من أجل صياغة المبادئ الجديدة التي ستقف عليها إسرائيل".
نتنياهو يفجر المفاوضات بـ"فيلادلفيا"
وقالت: "في الساعة 7:37 مساء، تم إرسال الرسالة التالية إلى الصحفيين:
موقف رئيس الوزراء الحازم ضد محاولة وقف عملية الجيش الإسرائيلي في رفح هو ما دفع حماس إلى الدخول في مفاوضات. ولا يزال رئيس الوزراء يصر بحزم على المبادئ التي سبق أن وافقت عليها إسرائيل:
1. أي صفقة ستسمح لإسرائيل بالقتال مرة أخرى حتى تتحقق جميع أهداف الحرب
. 2 لن يسمح بتهريب الأسلحة إلى حماس
3. لن يسمح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال قطاع غزة
4. ستزيد إسرائيل عدد المختطفين الأحياء العائدين من أسر حماس.
إن المخطط الذي وافقت عليه إسرائيل وباركه الرئيس بايدن سيسمح لإسرائيل بإعادة المختطفين دون الإضرار بالأهداف الأخرى للحرب".
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية: "رسخ هذا الإعلان رسميا خط إسرائيل المتشدد بشأن الصفقة.. وحتى يومنا هذا، يعتقد نتنياهو أن هذه "توضيحات" للمخطط الذي حدده الرئيس بايدن، لكن الوسطاء يرون في خطوته تشديدا للمطالب الإسرائيلية في المفاوضات".
وقالت: "في الأيام التي تلت ذلك، توجه رئيس الشاباك رونين بار إلى مصر من أجل إيجاد حلول لإصرار إسرائيل الجديد على طريق فيلادلفيا (الحدود بين غزة ومصر)، الذي يظهر في الفقرة 2 من إعلان مكتب نتنياهو".
وأضافت نقلا عن مصدر إسرائيلي: "كان القلق الذي تم تقديمه في البداية إلى المستوى المهني يتعلق بتهريب الأسلحة، ولكن عندما تم التوصل إلى تفاهمات بشأن بناء سياج، بما في ذلك أجهزة استشعار وحاجز تحت الأرض تموله الولايات المتحدة، ولم يكن ذلك الهدف مشكلة".
وأضاف المصدر: "لقد أوضح رئيس الوزراء أن هذه ليست مسألة عسكرية، بل سياسية. إنه لا يريد مغادرة فيلادلفيا".
بن غفير وسموتريتش يصران على نتساريم
وتشير هيئة البث الإسرائيلية إلى أنه "في 10 يوليو/تموز، استضافت قطر قمة رباعية ضمت ممثلين عن الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر، وبعد ثلاثة أيام قتلت إسرائيل محمد الضيف قائد الجهاز العسكري لحركة "حماس".
وقالت: "أدى هذا التحرك إلى حالة من الذعر لدى الأجهزة الأمنية والضغط من أجل التوصل إلى اتفاق مرة أخرى"
واستدركت: "في الوقت نفسه، تزايدت التهديدات السياسية ضد نتنياهو من داخل الحكومة، وهدد وزراء الجناح المتشدد في الحكومة (بن غفير وسموتريتش) بأنه "إذا غادر الجيش الإسرائيلي نتساريم (وسط قطاع غزة) سيتم حل الحكومة".
وأشارت إلى أن " هناك تطورين عالميين في الأيام التالية غيّرا الصورة: في 20 يوليو/تموز، هاجمت إسرائيل اليمن، بعد أن ضربت طائرة بدون طيار انطلقت من هناك تل أبيب وتسببت في مقتل مدني. وكانت هذه الخطوة بمثابة إشارة للعالم إلى أنهم في إسرائيل مستعدون للزيادة النشاط الهجومي الإسرائيلي حتى في الأماكن النائية".
وقالت: "في اليوم التالي للهجوم، أعلن بايدن انسحابه من السباق الرئاسي، قبل يوم واحد من لقائه المقرر مع رئيس الوزراء نتنياهو في البيت الأبيض، لأول مرة في ولايته الحالية. خططت الولايات المتحدة لأن تكون هذه خطوة مهمة، وربما الأخيرة، في طريقها إلى التوصل إلى اتفاق، لكن هذا لم يحدث".
وذكرت الهيئة الإسرائيلية على أنه "بعد يوم من اجتماع نتنياهو وبايدن، في 26 يوليو/تموز، هرع رئيس الوزراء للقاء الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب. وفي وقت لاحق فقط سلمت إسرائيل النسخة النهائية من "وثيقة التوضيح" إلى الولايات المتحدة.
وبحسب المصدر ذاته فإن المطالب الإسرائيلية الخمسة هي:
1. "آلية" تمنع مرور المسلحين على طريق نتساريم
2. استمرار التواجد على طريق فيلادلفيا ومنع حماس من العودة إلى معبر رفح
3. رفع عدد الأسرى الفلسطينيين المنفيين إلى 170 بدلا من 50
4. رفع عدد المختطفين المفرج عنهم أسبوعيا إلى أربعة، بدلا من ثلاثة كما ورد سابقا
5. إن تحديد أن قائمة المختطفين الذين سيتم الإفراج عنهم - المرضى والجرحى - ملزمة
وقالت هيئة البث الإسرائيلية: "سلم رئيس الموساد وثيقة التوضيح إلى رئيس الوزراء القطري في 28 يوليو/تموز، وبعد يوم واحد، اتهمت حماس إسرائيل بالتراجع عن اقتراح بايدن، وادعى مكتب نتنياهو في ذلك الوقت: "قيادة حماس هي التي تمنع التوصل إلى اتفاق".
هنية وشكر
وبحسب هيئة البث الإسرائيلية فإنه "جلب اليومان التاليان نقطة تحول في الحرب، ففي 30 يوليو/تموز، اغتالت إسرائيل فؤاد شكر، الذي يعتبر رئيس أركان حزب الله، في بيروت ردا على الهجوم المميت على مجدل شمس، وفي اليوم التالي، 31 تموز/يوليو، اغتيل إسماعيل هنية في طهران. بعد ذلك، هاجم رئيس الوزراء القطري على منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي قائلا: "كيف يمكنك التفاوض عندما يقتل أحد الطرفين الآخر؟"
وقالت: "تألفت الأسابيع التالية بشكل رئيسي من التوترات الأمنية، والاستعدادات لهجوم إيراني، والتوغل البري في لبنان. كانت هناك عدة محاولات لتجديد الاتصالات ومحاولة حل القضايا التي لا تزال موضع نزاع، مثل إطلاق سراح السجناء، ولكن لم يحرز أي تقدم حقيقي".
وأضافت: "منذ ذلك الحين، لم تؤد التطورات بحماس إلا إلى تصلب مواقفها. وتشير الولايات المتحدة بأصابع الاتهام إلى المنظمة، لكن مصدرا مطلعا على المفاوضات قال: "حقيقة أنه منذ ديسمبر لم يكن هناك اتفاق، على الرغم من كل الشعارات حول الضغط العسكري، هو فشل كبير في حد ذاته. تمر الأيام، ولا يزال المختطفون في الأسر".
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع "كانت في أيدينا، وكان بإمكاننا إحضارها.. كان بإمكاننا إحضارهم" أي الرهائن من غزة بموجب اتفاق.
ورد مكتب نتنياهو على التقرير بالقول: "مرة أخرى، ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة من قبل "كبار المسؤولين" الذين لا يتوقفون عن تسريب وترديد إملاءات حماس بالاستسلام. لقد أثبت رئيس الوزراء نتنياهو بالفعل أنه عندما كان هناك اتفاق حقيقي لإطلاق سراح الرهائن على الطاولة، أدى إلى الموافقة عليه في مواجهة العديد من الضغوط والاعتراضات في الائتلاف".
وأضاف مكتب نتنياهو: "تواصل حماس المطالبة بإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كل غزة والبقاء في السلطة، مما سيمكنها من استعادة السيطرة على قطاع غزة وتكرار الفظائع التي ارتكبت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".
aXA6IDMuMTM4LjE4MS45MCA= جزيرة ام اند امز