«خارطة نتنياهو» في غزة تخنقه.. والتخبط يكشف المستور
الرئيس الأمريكي جو بايدن يضع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الزاوية بنشر مراحل خطته لوقف إطلاق النار على الملأ.
ونشر بايدن خطته في ذروة نشرات الأخبار المسائية الإسرائيلية ما شكل إحراجا إضافيا لنتنياهو الذي أصدر مكتبه اثنين من البيانات لم تتضمن عبارة الموافقة على اقتراح بايدن.
- خطاب بايدن بشأن غزة.. توريط لنتنياهو أم طوق نجاة؟
- خطاب بايدن لوقف حرب غزة.. دعم أوروبي وأمريكي وآمال بسلام دائم
ومساء أمس الجمعة، أصدر مكتب نتنياهو بيانا جاء فيه أن "الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق كامل أهدافها، بما فيها استرجاع جميع المخطوفين والقضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية".
وأضاف أن "المخطط الدقيق الذي عرض من قبل إسرائيل، بما في ذلك الانتقال المشروط من مرحلة إلى اخرى، يمكنها من الحفاظ على هذه المبادئ".
وفي موقف غريب، أصدر مكتب نتنياهو بيان آخر صباح السبت قال فيه إن "شروط إسرائيل لإنهاء الحرب لم تتغير، وهي عبارة عن تدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية، وإطلاق سراح كافة الرهائن، والضمان بأن غزة لن تشكل تهديداً على إسرائيل".
واعتبر البيان أنه "بموجب المقترح، ستواصل إسرائيل الإصرار على استيفاء هذه الشروط قبل أن يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. إن فكرة موافقة إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار قبل استيفاء هذه الشروط غير مقبولة".
وفسر مراقبون إسرائيليون قيام الرئيس الأمريكي على غير العادة بنشر بنود الخطة على الملأ بأنها حركة مقصودة لإحراج نتنياهو.
ويعود ذلك إلى الاتهامات التي وجهها نتنياهو للجانب المصري، في مايو/ أيار المنقضي، بأن الأفكار التي عرضها على إسرائيل ليست ذات الأفكار التي عرضها على "حماس" ووافقت عليها لاحقا.
وفي حينه، تنصل نتنياهو من موافقته التي قدمها للأطراف بإدعاء أن ما وافقت عليه "حماس" ليس ما وافقت عليه إسرائيل بالفعل.
ويرى مراقبون أن بايدن أراد أن يضع الطرفين على الملأ أمام بنود اقتراح واضح المعالم.
وقالت مصادر غربية مطلعة لـ"العين الإخبارية"، إن بنود الاقتراح الذي عرضه بايدن توصل إليها رئيس المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في اجتماعهم الأخير بباريس وتم تسليمه للطرفين: إسرائيل وحماس.
بن غفير وسموتريتش
يعتبر المحلل السياسي بالقناة الإخبارية 13 الإسرائيلية رفيف دروكر، أن "بايدن باع للطرفين ما كانا يريدان سماعه، فتحدث عن نهاية الحرب بالنسبة لحماس، ووصف المرحلة الأولى من الصفقة بأنها مرحلة يمكن إعادتها إلى القتال بالنسبة لإسرائيل".
وأضاف دروكر، في منشور على منصة "إكس"، السبت، تابعته "العين الإخبارية": " لقد أجرى أذكى عملية بيع ممكنة، ولكن بانقضاء يوم السبت، سيخرج بن غفير وسموتريتش بكل قوتهما ضد الصفقة، ومن الصعب تصديق أن نتنياهو لديه ذرة من العمل ليتجاهلهما، ويعقد صفقة رغم أنه من الواضح أنها جيدة بالنسبة لإسرائيل في كل الجوانب الممكنة".
وتابع: "الأرجح أن يصدر نتنياهو بياناً يؤكد فيه العودة إلى القتال، وسيؤدي إلى تصلب حماس في مواقفها من جديد. وهكذا كان الأمر في ديسمبر/كانون الأول (الماضي) عندما أبطل رئيس الوزراء الاتفاق السابق، وفي فبراير/ شباط بعد قمة باريس، وفي أوائل مايو/أيار".
وتساءل دروكر: "ما هي احتمالات أن يكون الأمر مختلفا هذه المرة؟ من الصعب تصديق ذلك، ولكن يجب أن يُحسب لبايدن أنه جعل الأمر أصعب من أي وقت مضى على نتنياهو".
يذكر أن بن غفير وسموتريتش لا يصدران أي بيانات أو منشورات على منصات التواصل الاجتماعي يوم السبت.
«سحبه من شعره»
من جهته، قال المحلل السياسي في صحيفة "معاريف" بن كسبيت، في منشور على منصة "إكس"، السبت، تابعته "العين الإخبارية": "لقد أخرج بايدن نتنياهو من الخزانة، لم يخرجه فحسب، بل قام بسحبه من شعره، في الساعة الأولى وقف نتنياهو هناك محرجا، وأعمى بسبب الضوء الساطع في الخارج. إنه غير معتاد على ذلك".
وأضاف: "نتنياهو يجري مفاوضات خاملة طوال حياته عادة في خطوات سرية وبعيدة عن الأضواء (..) لذلك جاء بايدن وسحبه إلى الخارج. لا مزيد من الحيل والمناورات، ووصفه بايدن بأنه اقتراح إسرائيلي. نتنياهو حتى هذه اللحظة، بما في ذلك الرسالة الأخيرة قبل ساعة، لا ينفي ذلك".
وتابع بن كسبيت: "ولم يكن التوقيت محض صدفة أيضاً. الجمعة الثامنة مساء. أمام نتنياهو يوم آخر حتى انتهاء السبت. ولذلك فإن رد فعل نتنياهو الأول كان معقولا دون إنكار أو الدخول في التفاصيل. الرد الثاني، اليوم، هو بالفعل أكثر تفصيلاً. مع الشروط والتحفظات. كلما اقتربنا من السبت، كلما زادت الحجوزات. الخوف من بن غفير سيشل نتنياهو. سنرى كيف يتأقلم".
وأردف: "خطاب بايدن ذو شقين: الجمهور الإسرائيلي، أولا وقبل كل شيء. الرئيس يتحدث إلينا من فوق رؤوس السياسيين. مثلما فعل عندما وصل إلى هنا مباشرة بعد المذبحة. لا يدور ولا تردد. الهدف الثاني: غانتس/آيزنكوت. الأمريكيون ليسوا متحمسين للخروج من الحكومة. وهم يعلمون أن ترك نتنياهو تحت رحمة السذج هو مقامرة أكبر من اللازم، أما العنوان الرئيسي فهو نتنياهو نفسه".
وأشار إلى أن "وقت بايدن ينفد. وصلت حملته إلى السطر الأخير، ويعرف بايدن أن نتنياهو يفكر في انتظار ترامب ".
وقال الصحفي المخضرم: "إذا كنت أعرف نتنياهو، فإن تكتيكه هنا هو الإرهاق. يبث اقتراحاً غامضاً فيه تفاصيل غير مكتملة وصعوبات كامنة، على أمل أن يستغرق الأمر مائة عام لتفكيك جميع الألغام. لقد فعل ذلك مع جون كيري، ومع هيلاري كلينتون، وفعل ذلك مع أي شخص كان يتوقع منه أن يتخذ قراراً في حياته".
وذكر أن ما فعله بايدن كان مختلف حينما قدم عرضه "مباشرة على الجمهور. فوق رأس نتنياهو، في الوقت الأكثر حساسية وحرجاً".
وقال بن كسبيت: "في النهاية، من المستحيل تجنب القرار التاريخي المعروض أمامه: قول نعم لبايدن".
«رسالة واضحة»
نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أمريكي رفيع قوله إن "رسالة الرئيس كانت واضحة: هناك الآن خريطة طريق للقيام بكل هذا".
وشدد المسؤول على أن "حماس تقول إنها تريد وقف إطلاق النار، وهذا الاتفاق يمثل فرصة لإثبات ما إذا كانوا يقصدون ذلك حقا".
وتابع: "قالت حماس إنها مستعدة لعقد الصفقة- وما هو مطروح الآن على الطاولة هو ذلك بشكل أساسي مع بعض التعديلات الطفيفة للغاية".
واعترف المسؤول بوجود معارضة إسرائيلية داخلية حول صفقة محتملة، قائلاً: "نعلم أن هناك مناقشات حول هذه القضايا في إسرائيل بالطبع. وأوضح [بايدن] أن هذا طريق أفضل بكثير من البدائل. وهو المسار الوحيد المتاح لإعادة الرهائن إلى الوطن وضمان أمن إسرائيل الدائم والطويل الأمد".
وبحسب المسؤول الأمريكي، فإنه "يمكن لإسرائيل أن تقدم هذا العرض دون مزيد من المخاطرة بأمنها، لأن إسرائيل قامت بإضعاف قوات حماس على مدى الأشهر الثمانية الماضية لدرجة أن الرئيس أوضح في هذه المرحلة، بالطبع، أن حماس لم تعد قادرة على تنفيذ عملية أخرى".
وختم قائلا: "لقد تآكلت قدرتها العسكرية بشكل كبير، وقادتها ماتوا أو يختبئون عميقا”.