حزب الله يمشي على حبل التصعيد.. فهل يسقط بجرف الحرب؟
واصل حزب الله اللبناني ضرباته على شمال إسرائيل وفق ميزان شديد الحساسية، بإيصال رسائله وتثبيت قواعد الاشتباك مع إسرائيل.
وقال الحزب، في بيان يوم الأحد، إن عناصره هاجمت ثكنة حانيتا الإسرائيلية بالصواريخ الموجّهة مما أدى إلى إصابة دبابتين من نوع ميركافا وناقلة جند مجنزرة وسقوط عدد من القتلى والجرحى.
وهذا هو الهجوم الثالث اليوم السبت، بعد أن هاجم الحزب في وقت سابق موقع الراهب العسكري الإسرائيلي واستهدف أيضا دبابة ميركافا.
كما قال الحزب إن عناصره هاجمت 5 مواقع حدودية، وهي؛ جل العلام، بركة ريشا، موقع راميا، موقع المنارة وموقع العباد، بالأسلحة المباشرة والمناسبة.
وأوضح الحزب أن العملية تأتي في إطار رده على مقتل صحفيين لبنانيين في قصف إسرائيلي.
ويقول الحزب إنه يعمل في إطار تثبيت قواعد الاشتباك التي حددها بعد حرب 2006 مع إسرائيل، والتي تعتمد سياسة الرد المباشر على أي استهداف لعناصره أو مدنيين لبنانيين.
وبعد هجوم حماس على إسرائيل الأسبوع الماضي استهدف الحزب اللبناني مواقع إسرائيلية في مزارع شبعا، التي يقول إنها أراض لبنانية محتلة، وهو ما ترفضه إسرائيل باعتبار المنطقة جزءا من هضبة الجولان السورية التي تحتلها.
وقال الحزب حينها إنه في الصراع الراهن بين حماس وإسرائيل لا يقف على الحياد.
وأراد الحزب بقصفه في ثاني أيام التصعيد في غزة إرسال رسالة، مفادها على ما قال مراقبون أنه لن يقف طويلا مكتوف الأيدي.
ووضع حزب الله عتبة الاجتياح البري لغزة للانخراط في الحرب الدائرة بقسوة منذ 9 أيام.
ودأب مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون التأكيد على عدم رغبتهم في توسيع دائرة الحرب ودخول أطراف أخرى على الخط.
واليوم الأحد، أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن بلاده "لا تريد تصعيدا" على حدودها الشمالية مع لبنان، حيث ترتفع حدة التوتر ومعها المخاوف من توسع نطاق الحرب.
وقال غالانت، في مقطع فيديو نشره مكتبه أثناء زيارته للقوات الإسرائيلية في جنوب البلاد "ليس لدينا مصلحة في حرب في الشمال ولا نريد تصعيد الوضع". وأضاف "إذا اختار حزب الله طريق الحرب فسوف يدفع ثمنا باهظا جدا.. وسوف نحترم خياره بضبط النفس ونبقي الأمور على ما هي عليه".
ووجهت واشنطن حاملة طائرات إلى شرق المتوسط قبالة إسرائيل لردع حزب الله وإيران، على ما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن ومسؤولون كبار آخرون.
وقتل 3 عناصر من حزب الله في الرد الإسرائيلي على هجومه الأول، فاختار الحزب فتح خط الحدود وعدم التقيد بمزارع شبعا للرد على الرد.
ويُبقي الحزب خطوط التماس مع إسرائيل ساخنة، ما جعل تل أبيب تدفع بتعزيزات عسكرية على الحدود، وتعلن أجزاء منها مناطق عسكرية مغلقة.
رفع لدرجة التصعيد
وقال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو ويمن "إن الطرفين حتى الآن يبدوان ملتزمين بقواعد اللعبة" في إشارة إلى "تفاهمات غير معلنة حول الخطوط الحمر التي يجب عدم تجاوزها تجنباً للتصعيد".
ورغم ذلك، حذر من تصعيد "دام قد يحصل في أي لحظة".
وفي الأيام القليلة الماضية، أعلن حزب الله مرات عدة قصف مواقع إسرائيلية قرب الحدود.
وتوسع نطاق القصف الأحد ليطال منطقة شتولا داخل إسرائيل، ما يعتبر "رفعاً لدرجة التصعيد"، وفق ما كتب ويمن على موقع إكس (تويتر سابقا).
ورغم أن التصعيد لا يزال محدوداً، وفق قوله، لكن "النظر في التفاصيل مهم للغاية".
ورجح محللون أن يصعد حزب الله بشكل أكبر تدخله في حال شنت إسرائيل هجوماً برياً في قطاع غزة.
وعلى وقع استعدادات القوات الإسرائيلية، الأحد، لعملية برية وشيكة على قطاع غزة حذرت إيران حليفة حماس وحزب الله، الأحد، من أن "لا أحد" يمكنه "ضمان السيطرة على الوضع"، على لسان وزير خارجيتها حسين أمير عبداللهيان.
من جهته، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان الأحد "هناك خطر قائم أن يشهد النزاع تصعيدا، بفتح جبهة ثانية في الشمال، وبالطبع بتدخل إيران".
وشدّد سوليفان على أن الولايات المتحدة "لا يمكنها استبعاد فرضية أن تتخذ إيران قرارا بالتدخل مباشرة بشكل أو آخر".
وحشدت إسرائيل قواتها ودباباتها على طول حدودها الشمالية، على مقربة من أماكن تركّز انتشار حزب الله في جنوب لبنان.
وخلال مظاهرة تضامنية مع الفلسطينيين في غزة، أعلن نائب الأمين العام للحزب نعيم قاسم الجمعة جهوزية حزبه "متى يحين وقت أي عمل" للتحرك ضد إسرائيل.
لجم الشمال
وحضّت قوى غربية عدة على ضبط النفس وحذّرت من توسع النزاع في حال فتح جبهات أخرى مع إسرائيل، خصوصاً من جنوب لبنان.
ودعت فرنسا السبت حزب الله إلى عدم الانخراط في النزاع بين إسرائيل وحماس، معربة عن قلقها حيال الوضع المتوتر على الحدود بين لبنان وإسرائيل.
وكان الرئيس الأمريكي قال الأربعاء "لقد وجّهت رسالة واضحة للإيرانيين مفادها: احذروا".
وخاض حزب الله وإسرائيل حرباً مدمّرة صيف 2006، خلّفت أكثر من 1200 قتيل في الجانب اللبناني معظمهم من المدنيين، و160 قتيلا في الجانب الإسرائيلي معظمهم من العسكريين، وتسبّبت الحرب التي استمرت 34 يوماً بنزوح نحو مليون لبناني من بلداتهم.
ودفع التوتر المستمر منذ أسبوع سكان القرى الحدودية في جنوب لبنان إلى النزوح باتجاه مناطق أخرى أكثر أماناً، في مشهد أعاد تذكير السكان بتجربة النزوح عام 2006.
ويأتي التصعيد في وقت تعصف بلبنان أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ أربع سنوات.
aXA6IDE4LjIxOS4yNS4yMjYg جزيرة ام اند امز