ضربة «البرَد الثقيل».. كيف وصلت إسرائيل لحسن نصر الله؟

تفاصيل جديدة تكشفت اليوم عن العملية الإسرائيلية التي أدت لمقتل حسن نصر الله الأمين العام السابق لحزب الله اللبناني.
استهداف نصر الله يعتبر من أكثر العمليات جرأة في تاريخ جهاز الموساد، إذ نجح عملاء إسرائيليون في التسلل إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، وزرع أجهزة توجيه متطورة مكّنت سلاح الجو الإسرائيلي من توجيه ضربة دقيقة أدت إلى مقتل عدد من أبرز قيادات حزب الله وفي مقدمتهم نصر الله.
ووفقا لتقرير نشره موقع "واي نت"، واطلعت عليه "العين الإخبارية"، ففي سبتمبر/أيلول 2023، بينما كانت الطائرات الإسرائيلية تمطر الضاحية بالقنابل، تسللت وحدة ميدانية من عملاء الموساد إلى حيّ حارة حريك، معقل الحزب.
حمل الفريق الإسرائيلي طروداً مموهة تحتوي على أجهزة توجيه، وكان الهدف هو الوصول إلى مبنى سكني يخفي تحته المخبأ المحصّن الذي يشكل المقر القيادي الأهم للحزب، حيث كان نصرالله على وشك الاجتماع بكبار قادته، بينهم الجنرال الإيراني عباس نيلفوروشان، وقائد الجبهة الجنوبية علي كركي.
مصادر مطلعة وصفت العملية بأنها كانت "مجازفة أمنية من العيار الثقيل"، مشيرة إلى أن فرص نجاح العناصر في الانسحاب الآمن من المنطقة كانت لا تتجاوز 50 بالمئة، في ظل كثافة النيران ومخاطر الوقوع في قبضة عناصر حزب الله.
التكنولوجيا الحاسمة
أشار التقرير إلى أن الأجهزة التي زرعها العملاء قرب الموقع المستهدف لم تكن تقليدية. فقد جرى تطويرها عام 2022 في إطار تعاون بين الموساد، ووحدة 8200 للاستخبارات العسكرية، وسلاح الجو، وشركات إسرائيلية منها رفائيل وإلبيت.
وتميّزت هذه الأجهزة بقدرتها على اختراق البنية التحتية تحت الأرضية، وتوجيه القنابل الذكية بدقة عالية نحو أهداف محصنة داخل تضاريس صخرية معقّدة.
ووفق خبراء عسكريين، فإن هذه التقنية تُعد من أبرز التطورات في مجال حروب الظل والعمليات الموجّهة ضد الأهداف عالية القيمة.
الضربة الجوية
في الساعة 6:20 مساء 27 سبتمبر/ أيلول 2024، وبعد تفعيل الأجهزة الميدانية، شنّت مقاتلات إسرائيلية من طراز إف-15 آي وإف-16 آي سلسلة غارات دقيقة استهدفت الموقع السري، مستخدمة 83 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز بي إل يو-109 الأمريكية والتي تعرف باسم "البرَد الثقيل".
وقد أصر وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك يوآف غالانت على مضاعفة الحمولة لضمان مقتل نصرالله، في قرار وصف داخل الجيش بالمغامرة المحسوبة.
الضربة أدت إلى مقتل نصرالله، ونحو 300 عنصر من الحزب، بينهم كوادر قيادية. كما دمّرت مركز القيادة السري الذي كان يُعتقد أنه يدير التنسيق العملياتي مع إيران.
الانقسام والقرار السياسي
وكشفت تسريبات لاحقة عن انقسام حاد داخل المؤسسة الإسرائيلية قبل العملية.
فقد خشي بعض القادة من أن يؤدي اغتيال نصرالله إلى حرب مفتوحة مع إيران وحلفائها، بينما رأت قيادة الموساد أن "الفرصة ذهبية ولا يمكن تفويتها".
وفي اللحظات الأخيرة، حسمت القيادة السياسية الجدل وأعطت الضوء الأخضر لتنفيذ العملية.
رد حزب الله جاء سريعاً عبر هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة على شمال إسرائيل، في عملية أطلق عليها اسم "خيبر".. لكن سلسلة الاغتيالات لم تتوقف؛ إذ اغتيل بعد أسبوع فقط خليفة نصر الله، هاشم صفي الدين، ليخلفه نائبه نعيم قاسم.
وعلى الأرض، تسبب القصف الإسرائيلي في دمار واسع بالضاحية، ما أثار انتقادات إقليمية ودولية حول شرعية العملية وكلفتها المدنية.
ورأى التقرير أن اغتيال نصرالله لم يكن عملية عسكرية فحسب، بل نقطة تحول إستراتيجية. فقد اعتمدت إسرائيل على تكتيك الخداع المرحلي، من تعطيل الاتصالات، إلى استهداف المخازن، وصولاً إلى مخبأ القيادة. ولم يدرك نصرالله، المطمئن إلى معادلة "توازن الردع"، أن تل أبيب تجاوزت الخطوط التقليدية، مدفوعة بصدمة 7 أكتوبر/ تشرين الأول وهاجس "لن يتكرر أبداً".
برغم ذلك، يحذر خبراء عسكريون من أن اغتيال نصر الله لا يعني نهاية التهديد، فحزب الله ما زال يمتلك ترسانة صاروخية كبيرة وطائرات مسيّرة قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي.
كما أن غياب نصرالله قد يفتح الباب أمام قيادة أكثر اندفاعاً أو ارتهاناً لإيران، بما يعمّق احتمالات التصعيد.
وإجمالا، فقد أعادت عملية "النظام الجديد" رسم معادلات الصراع في لبنان، حيث خسر حزب الله زعيمه التاريخي، لكن إسرائيل لم تُنهِ الحرب بعد. فكما قال أحد ضباط الاستخبارات الإسرائيليين: "انتهت قصة نصرالله.. لكن قصة حزب الله لم تنتهِ بعد".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA==
جزيرة ام اند امز