بين القضاء والحرب.. عفو هرتسوغ طوق نجاة لنتنياهو

لا يخفي الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ دعمه التوصل إلى تسوية تنهي ملف محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهم الفساد.
غير أن ما يراه هرتسوغ، الذي يتمتع بصلاحيات رمزية، ممكنا لا يتفق مع المسؤولين في العديد من الأحزاب الذين يرغبون بخروج نتنياهو من الساحة السياسية الإسرائيلية.
وأعاد الرئيس الإسرائيلي الجدل حول هذه القضية في حوار مع هيئة البث الإسرائيلية، أقر فيه بمحاولاته السابقة لتشجيع التوصل إلى تسوية قضائية عبر صفقة ادعاء، لكنه أشار إلى أن المساعي لم تثمر.
وأشار إلى أن التهم الموجهة إلى نتنياهو معقدة وتُشكّل عبئاً ثقيلاً على النظام وتُثقل كاهله.
وأضاف أنه إذا وصلته أي طلبات عفو، فإنه سيدرسها بجدية شأنها شأن أي طلب آخر.
ويواجه نتنياهو تُهم الاحتيال والرشوة وإساءة الأمانة في 3 قضايا جنائية منفصلة، ولكنه ينفي الاتهامات التي تنظر فيها المحكمة المركزية الإسرائيلية.
وفي الداخل الإسرائيلي ينظر إلى محاكمة نتنياهو من 3 زوايا مختلفة إذ ثمة من يقول إن نتنياهو يطيل أمد الحرب من أجل تفادي تسريع محاكمته.
ولكن ثمة من يرى أيضا أن انتهاء الحرب في ظل بقاء ملف نتنياهو قيد النظر في القضاء سيعيد الصراع الداخلي الإسرائيلي حول صلاحيات القضاء بما يعيد التظاهرات الجماهيرية الحاشدة التي بدأت في مطلع العام 2023 ولم تتوقف إلا مع بداية الحرب.
غير أن هناك من يرى أن تثبيت الاتهامات على نتنياهو سيخرجه من المشهد السياسي وقد تقوده إلى السجن.
وفي مقال سابق له، تساءل الرئيس السابق للمحكمة العليا الإسرائيلية أهارون باراك قائلا: "هل من الممكن أو المناسب أن يمنح الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عفواً يبرئه تماماً من التهم الجنائية بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة؟ هذا العفو سينهي محاكمته الجنائية الجارية".
وأضاف أنه: "ينص القانون الأساسي لرئيس الدولة على أن الرئيس مخول "بالعفو عن المجرمين". بناءً على هذه الصياغة، يُطرح السؤال الأول حول مدى قانونية العفو عن رئيس الوزراء.. أما السؤال الثاني، فهو مدى ملاءمة منح العفو في هذه الحالة".
وتابع قائلا: "أولاً، في رأيي، لا يُعتبر الشخص "مجرمًا"، بالمعنى الحرفي للكلمة، إلا بعد إدانته في محاكمة جنائية. ولكن هناك أيضًا أسباب أخرى لعدم منح العفو لمن لم يُدان
واعتبر أنه "من بين أمور أخرى، تثير صلاحية منح العفو في مثل هذه الحالات شكوكًا حول إمكانية منحه لأسباب غير مقبولة، مثل خدمة المصالح السياسية أو حتى الشخصية لأصحاب السلطة".
وقال إنه "على سبيل المثال، منح الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن عفوًا عن ابنه، بينما منح الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب عفوًا عن عدد كبير من المقربين منه، سواءً على المستوى الشخصي أو الفكري، بمن فيهم أولئك الذين اقتحموا الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2020".
وتساءل باراك: "هل من المناسب منح مثل هذا العفو في هذه المرحلة؟ حتى الآن، رفض إسحاق هرتسوغ ذلك، مُستندًا إلى أن أنسب طريقة لإنهاء أي محاكمة قبل صدور حكم، بما في ذلك في هذه القضية، هي من خلال صفقة إقرار بالذنب يُتفق عليها بين رئيس الوزراء والنائب العام. وأنا أتفق مع هذا الرأي".
وقال: "درس النائب العام السابق أفيخاي مندلبليت إمكانية إبرام صفقة إقرار بالذنب في هذه القضية. وقال إنه مستعد للتنازل عن تهمة تلقي الرشوة وتقديم صفقة إقرار بالذنب إلى المحكمة بشرط أن يعترف نتنياهو بارتكاب جريمتي الاحتيال وخيانة الأمانة، اللتين تنطويان على فساد أخلاقي؛ وأن يُدان من قِبل المحكمة بهذه الجرائم؛ وأن يُحكم عليه بأربعة أشهر من الخدمة المدنية؛ وأن يعتزل الحياة السياسية ولكن نتنياهو رفض".
وأشار إلى أنه وفقًا للقانون الأساسي للكنيست، ستمنع هذه الشروط نتنياهو من الترشح في أي انتخابات للكنيست خلال السنوات السبع المقبلة. وبالتالي، لن يكون قادرًا على تولي منصب رئيس الوزراء".
وأعرب باراك عن تأييده للتوصل إلى اتفاق مع نتنياهو. وقال لا يهم إن كان عفوًا أم صفقة إقرار بالذنب، المهم هو التوصل إلى اتفاق".
3 سيناريوهات
وعلى ذلك، يقول الخبراء في إسرائيل إن ثمة 3 سيناريوهات لإنهاء محاكمة نتنياهو
السيناريو الأول، وهو المطلوب من قبل نتنياهو، وهو أن تعلن المحكمة إسقاط جميع التهم الموجهة له وتبرئته بالكامل مع إمكانية أن تطلب النيابة العامة من المحكمة وقف جميع الإجراءات القانونية ضد نتنياهو.
ولكن المعارضة الإسرائيلية سبق وأن أعلنت أنها سترفض بشكل كامل هذا السيناريو.
السيناريو الثاني، يرفضه نتنياهو، وهو التوصل مع النيابة العامة إلى صفقة إقرار بالذنب بموجبه يقبل نتنياهو المسؤولية ببعض الاتهامات مقابل حكم مخفف.
ويرى نتنياهو أن هذا السيناريو سيعني خروجه من الحياة السياسية بشكل كامل مع نقطة سوداء في ملفه.
السيناريو الثالث، يرفضه نتنياهو أيضا، هو أن يمنح الرئيس الإسرائيلي عفوا لنتنياهو من التهم الموجهة اليه.
ولكن هذا عفو سيكون ممكنا فقط بعد صدور قرار من المحكمة بإدانته بتهم معينة، وهو سيعني خروج نتنياهو من الحياة السياسية بشكل كامل.
وثمة من يرى في إسرائيل أن نتنياهو يطيل أمد الحرب في محاولة لإبقاء حكومته في الحكم خشية تسريع المحاكمة حال انتهاء الحرب.
ويهدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي ايتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بإسقاط حكومة نتنياهو حال القبول بوقف الحرب.
ومن شأن انسحاب بن غفير وسموتريتش هما من الحكومة التوجه إلى انتخابات مقبلة يخشى نتنياهو أن تؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة لا يكون على رأسها.
وبموجب القانون الإسرائيلية فإنه يمكن لنتنياهو أن يبقى رئيسا للحكومة طالما لم تتم إدانته ولكن لا يمكنه البقاء كعضو كنيست أو وزير إلا في حال تمت تبرئته.
ولذلك يقول الكثير من المعارضين إن نتنياهو يعتبر استمرار الحرب ضمانة لبقاء حكومته وبالتالي بقاء حكومته وحمايته من المحكمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjUg جزيرة ام اند امز