«الاعتراف بفلسطين».. مكسب سياسي يصارع «الرد الإسرائيلي»

للاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية أهمية سياسية كبيرة ولكنها لن تحدث تغييرا ملموسا على أرض الواقع.
ويبقى قيام الدولة الفلسطينية مرهونا بحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وهو الأمر الممكن فقط من خلال قرار لمجلس الأمن الدولي.
لكن رفض الولايات المتحدة الأمريكية قيام دولة فلسطينية وتلويحها بتجديد استخدام حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن يجعل من حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة أمرا مستحيلا.
ومع ذلك، فإن اعتراف دول كبرى مثل فرنسا وأستراليا وكندا وبريطانيا بالدولة الفلسطينية يحمل في طياته حرصا على حل الدولتين القاضي بقيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل.
ومع ذلك فإن الاعتراف لا يحدد حدود الدولة الفلسطينية بأنها أراضي الرابع من يونيو/حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنما يترك الأمر للمفاوضات.
أهمية خاصة
وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، في رسالة وجهها إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأحد: "يشرفني أن أبلغكم وأضع على السجل أن المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية تعترف ابتداءً من اليوم، 21 سبتمبر 2025، رسميًا بدولة فلسطين كدولة ذات سيادة ومستقلة".
وأضاف في الرسالة التي اطلعت عليها "العين الإخبارية": "هذا القرار التاريخي يؤكد دعم المملكة المتحدة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في إقامة دولة. ولا يزال حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة".
ولكن الاعتراف البريطاني بالدولة الفلسطينية يحمل أهمية خاصة باعتباره تصحيحا لخطأ "وعد بلفور".
ولذلك قال رئيس الوزراء البريطاني في رسالته: "أنا على وعي بالدور التاريخي الذي لعبته المملكة المتحدة في الشرق الأوسط. ففي عام 1917، دعمت بريطانيا مبدأ إقامة وطن قومي للشعب اليهودي، مع التأكيد على أنه لا يجوز أن يتم أي أمر يضر بالحقوق المدنية والدينية للطوائف غير اليهودية القائمة".
وأضاف: "باتخاذي هذا القرار اليوم، أجدد التزام المملكة المتحدة بدولة فلسطينية للشعب الفلسطيني، وبالدعم المستمر لحل الدولتين الذي يعيش فيه الفلسطينيون والإسرائيليون جنبًا إلى جنب في سلام وأمن".
وتابع ستارمر: "المملكة المتحدة تتطلع إلى عهد جديد من الصداقة والتعاون بين الشعبين البريطاني والفلسطيني. سيكتب وزير خارجيتنا إلى وزير خارجيتكم للمضي قدماً في عملية إقامة العلاقات الدبلوماسية الكاملة".
حل الدولتين
واعتبر رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أن الاعتراف بفلسطين هدفه الحفاظ على حل الدولتين.
وقال كارني في بيان: "تعمل الحكومة الإسرائيلية الحالية بشكل منهجي لمنع قيام دولة فلسطينية. وقد انتهجت سياسةً متواصلةً لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، وهو أمرٌ غير قانوني بموجب القانون الدولي".
وأضاف "أدى هجوم إسرائيل المستمر على غزة إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، ونزوح أكثر من مليون شخص، وتسبب في مجاعة مدمرة كان من الممكن تجنبها، في انتهاكٍ للقانون الدولي. والآن، تُصرّ الحكومة الإسرائيلية الحالية على أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية".
وتابع "الاعتراف بدولة فلسطين، بقيادة السلطة الفلسطينية، يُمكّن الساعين إلى التعايش السلمي والقضاء على حماس. هذا لا يُشرّع الإرهاب بأي شكل من الأشكال، ولا يُمثّل مكافأةً له. علاوة على ذلك، فهو لا يُمسّ بأي شكل من الأشكال بدعم كندا الثابت لدولة إسرائيل وشعبها وأمنهم - وهو أمن لا يمكن ضمانه في نهاية المطاف إلا من خلال تحقيق حل شامل قائم على دولتين".
150 دولة
وباعترافات اليوم يصل عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 150 من أصل 193 دولة.
وسيرتفع عدد تلك الدول في الأيام القادمة مع اعتزام فرنسا وبلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا ودول أخرى الاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويقترب بذلك عدد الدول التي تعترف بفلسطين من تلك التي تعترف بإسرائيل وعددها 164 دولة.
العضوية الكاملة
وتشجع هذه الاعترافات دولة فلسطين على طلب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة رغم "الفيتو" الأمريكي.
فمع هذه الاعترافات فإن فلسطين تضمن الحصول على أغلبية الأصوات في مجلس الأمن الدولي لصالح العضوية الكاملة. ويمكن لفلسطين أن تلجأ إلى الطلب المتكرر للعضوية في مجلس الأمن.
ولا يمكن الحصول على العضوية الكاملة إلا من خلال مجلس الأمن.
فقد منحت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 فلسطين صفة مراقب غير عضو.
إعلان الدولة
وقد تشجع هذه الاعترافات القيادة الفلسطينية على إعلان أن السلطة الفلسطينية تحولت إلى دولة وهي خطوة قد تعتبرها إسرائيل خروجا على اتفاق أوسلو الذي لا تعترف به الحكومة الإسرائيلية الحالية أصلا.
عزلة إسرائيل
وتظهر الاعترافات من قبل دول اعتبرت على مدى عقود صديقة لإسرائيل مثل بريطانيا وفرنسا وأستراليا وكندا، العزلة السياسية لإسرائيل في ظل الحكومة الحالية.
ولذلك قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد على منصة "إكس": "الاعتراف الأحادي الجانب بدولة فلسطينية من قبل بريطانيا وأستراليا وكندا كارثة سياسية، وخطوة سيئة، ومكافأة للإرهاب".
وأضاف: "كان بإمكان حكومة إسرائيلية فاعلة أن تمنع هذا. بعمل ذكي وجاد، وخطاب سياسي مهني، ومعلومات صحيحة. إن الحكومة التي جلبت علينا أفظع كارثة أمنية في تاريخنا، تجلب الآن أخطر أزمة سياسية على الإطلاق".
محاذير
وعلى الرغم من الأهمية السياسية للاعترافات إلا أن ثمة محاذير خاصة عندما يتعلق الأمر بالحكومة الإسرائيلية الحالية.
وسارع اليمين الإسرائيلي المتطرف، الشريك بالحكومة، للمطالبة بالرد على الاعترافات بضم مساحات واسعة من الضفة الغربية.
وانضم وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إلى الداعين للضم ردا على الاعتراف.
وسبق لكاتس أن اعتبر أن الاعترافات الدولية هي حبر على ورق، في حين أن إسرائيل ترسخ بالقوة الحقائق على الأرض.
ويدفع اليمين باتجاه البدء بالضم ولو كانت البداية بالمستوطنات وغور الأردن.
ولكن القرار النهائي بشأن الرد الإسرائيلي على الاعترافات سيتخذه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد لقائه نهاية الشهر الجاري مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبيت الأبيض.
وقال مصدر سياسي لقناة "إسرائيل 24"، إن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أعطى الضوء الأخضر لفرض الضم خلال زيارته الأخيرة الأسبوع الماضي.
وأضاف: "لم يتم الخوض في التفاصيل بشأن متى وعلى كم في المئة من الأراضي ستُطبق السيادة".
وبحسب القناة فإن "نتنياهو سيطرح الموضوع في لقائه مع ترامب ويحسم الأمر بعد ذلك".
وقالت: "داخل الائتلاف يضغطون على نتنياهو أيضًا من أجل أن يساعد في هذا الموضوع أمام ترامب".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTg5IA==
جزيرة ام اند امز