إسرائيل تواجه تمدد إيران بسوريا.. عمليات عسكرية وضربات جوية
وسّعت إسرائيل بشدة ضرباتها الجوية على مراكز إيرانية لإنتاج الصواريخ والأسلحة في سوريا، في محاولة للتصدي لتمدد طهران العسكري المستتر.
وقالت مصادر في أجهزة مخابرات إسرائيلية وغربية إن "إيران تعمل على الاستفادة من تحالفها القديم مع سوريا بنقل عناصر من صناعة الصواريخ والأسلحة المتقدمة لديها إلى مجمعات أقيمت سلفا تحت الأرض، وذلك لتطوير ترسانة أسلحة متطورة يصل مداها إلى المراكز العمرانية الإسرائيلية".
وخلال سنوات الصراع في سوريا، اقتصر التدخل الإسرائيلي على توجيه ضربات جوية متفرقة لتدمير شحنات أسلحة متجهة إلى مليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران ومنع المليشيات من إقامة قواعد في جنوب غرب سوريا قرب الأراضي الإسرائيلية.
لكن مع انتهاء الصراع، اتجهت إسرائيل إلى استهداف الاختراق الإيراني للبنية التحتية العسكرية في سوريا، بحسب 3 مسؤولين أمنيين إسرائيليين و2 من الغربيين المطلعين على التطورات.
وقال أفيف كوخافي، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في ديسمبر/كانون الأول، إن "أكثر من 500 ضربة صاروخية إسرائيلية في عام 2020 وحده أبطأت التمدد الإيراني في سوريا، لكن لا يزال أمامنا شوط طويل لكي نصل إلى أهدافنا في هذه الساحة".
وذكر 12 مسؤولا من العسكريين في سوريا وأجهزة المخابرات الغربية، أن "على رأس قائمة الأهداف الإسرائيلية أي بنية تحتية يمكن أن تعزز مساعي إيران لإنتاج المزيد من الصواريخ دقيقة التوجيه، وليس أي إمكانيات عسكرية قائمة مرتبطة بإيران".
ولفت المسؤولون إلى أن "تطوير الصواريخ دقيقة التوجيه سرا في سوريا يعتبر نشاطا أقل عرضة للهجمات الإسرائيلية من نقلها عن طريق البر أو الجو من إيران".
وقال البريجادير جنرال يوسي كوبرفاسر، المدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية والرئيس السابق لجناح الأبحاث في المخابرات العسكرية الإسرائيلية: "لا أعتقد أن إسرائيل مهتمة بضرب كل هدف يخص القوات التي تعمل تحت قيادة إيرانية. فهذه ليست المشكلة، نحن نحاول ضرب الأهداف ذات الأثر الاستراتيجي".
وأضاف في تصريح لـ"رويترز": "نحن نريد منع إيران من تحويل سوريا إلى قاعدة إيرانية قريبة من إسرائيل ربما تحدث تغييرا استراتيجيا جذريا في الوضع، ولهذا السبب نواصل دك القواعد الإيرانية حتى لا يسيطرون على البلد".
وتسعى إسرائيل لوقف توسيع إيران نفوذها الإقليمي بمزيج من العمليات العسكرية والسرية، بما في ذلك ما تقول طهران إنها هجمات تخريبية على برنامجها النووي.
ولم يرد مسؤولون سوريون على طلبات "رويترز" للتعليق على تأكيدات بأن إيران تستخدم قواعد سورية لتأسيس خط متقدم من قوة النيران يهدد إسرائيل.
4239 سلاحا و955 هدفا
وأكد 3 مسؤولين إسرائيليين ومسؤول غربي رفيع في المنطقة أن "طائرات حربية وصواريخ وطائرات مسيرة إسرائيلية أصابت خلال العام الأخير مجموعة أكبر كثيرا من الأهداف مما هاجمته إسرائيل في السنوات الخمس السابقة، من مواقع يشتبه أنها مراكز لأبحاث وإنتاج الصواريخ الإيرانية دقيقة التوجيه إلى مستودعات تخزين السلاح".
وفي أحدث هجوم، الخميس، هاجمت إسرائيل منطقة الضمير على المشارف الشمالية الشرقية للعاصمة دمشق التي سبق أن هاجمتها مرارا، حيث توجد شبهات أن لمليشيات تدعمها إيران وجودا قويا فيها.
وقال محللون بمجلة جينز المتخصصة في شؤون الدفاع إن "إسرائيل استخدمت خلال ثلاث سنوات 4239 سلاحا لاستهداف 955 هدفا، وشارك في تلك الحملة 70% من الطيارين الإسرائيليين وتصدرتها مقاتلات إف-35".
وذكر شخص يدعى أحمد رحال، ضابط سابق بالجيش السوري، لـ"رويترز"، أن "الضربات المؤلمة لم تعد تقتصر على هضبة الجولان أو جنوب سوريا قرب إسرائيل أو حول مشارف دمشق بل وصلت شمالا إلى حلب وحماة والبوكمال على الحدود العراقية".
وأشارت صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها رويترز إلى أن بعض الأنشطة التي يشتبه أنها إيرانية للأبحاث والتطوير عانت من اضطراب بسبب هجمات متكررة.
وأوضح مسؤولان غربيان مطلعان على الضربات أن "قنابل إسرائيلية دمرت بالكامل قطاعات تحت الأرض من قاعدة (الإمام علي) العسكرية بالقرب من معبر البوكمال مع العراق في يناير /كانون الثاني في واحدة من عدة هجمات على مدار العام الأخير لدك أنفاق تستخدم في تخزين شاحنات أو نقل أنظمة أسلحة متقدمة".
ولفت عدد من المسؤولين الأمنيين والعسكريين الغربيين والإسرائيليين وعسكريين سوريين سابقين، إلى أن "5 مواقع على الأقل تصوب إسرائيل أنظارها عليها يديرها مركز البحوث والدراسات العلمية التابع لمجمع الصناعات العسكرية السوري".
وقال أقارب لاثنين من العاملين وضابط بالجيش السوري يعمل بالمشروع إن "عشرات من العلماء والمهندسين الإيرانيين من عدة شركات منتسبة لوزارة الدفاع الإيرانية يعملون في هذه المواقع الخاصة بالبحث والتطوير".
وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على 271 من العاملين في المركز وأغلبهم من السوريين اعتقادا منها أن المركز مسؤول عن تطوير أسلحة غير تقليدية بما في ذلك الغازات السامة ونظم توصيلها لأهدافها.
وتعرض أحد مراكز البحث والتطوير العسكرية في مجمع جبلي بالقرب من مدينة مصياف غرب سوريا للقصف الإسرائيلي مرتين خلال ستة أشهر، كما أنه على قائمة للعقوبات الأمريكية بسبب ما يشتبه أنه دوره في تطوير الأسلحة الكيماوية.
وقال إسماعيل أيوب، الضابط السابق برتبة مقدم بسلاح الطيران السوري، إنهم "يعدلون ويطورون صواريخ إيرانية دقيقة التوجيه وترسانة حزب الله في سوريا بتلك المواقع".
وفي علامة على القلق الإيراني من الحملة الإسرائيلية المتصاعدة، زار رئيس الأركان الإيراني الميجر جنرال محمد باقري مركز السفيرة للبحوث والتطوير في محافظة حلب في يوليو/تموز الماضي بعد ضربة جوية إسرائيلية استهدفت المركز وذلك وفق ما قاله ضابط بالجيش السوري تم اطلاعه على الزيارة.
دعم أمريكي للضربات
ودعما للحملة الإسرائيلية، نفذت الولايات المتحدة في 25 فبراير/شباط ضربات جوية على مواقع لفصائل تدعمها إيران في أقصى شرق سوريا على الحدود مع العراق في أعقاب إطلاق وابل من الصواريخ على قواعد أمريكية في العراق.
وقال عدد من مسؤولي المخابرات والمنشقين العسكريين السوريين إن "الحرب الجوية الإسرائيلية الآخذة في الاتساع دفعت الميليشيات المدعومة من إيران إلى إعادة الانتشار من مواقع متقدمة قرب حدود سوريا الجنوبية الغربية مع إسرائيل باتجاه الحدود الشرقية".
وأكد سكان في منطقة دير الزور بشرق سوريا أن "عشرات من منصات إطلاق الصواريخ الوهمية والثكنات المهجورة التي ترتفع عليها الآن رايات مليشيات إيرانية تنتشر على الطرق الرئيسية في محاولة لصرف انتباه إسرائيل عن الأهداف الحقيقية".
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي دعم فيلق القدس، ذراع الحرس الثوري خارج الأراضي الإيرانية، وجوده حول البوكمال على جانبي طريق لقوافل الأسلحة الثقيلة القادمة من العراق وذلك وفق ما قاله مصدران بالمخابرات الإسرائيلية استشهدا بعمليات استطلاع مكثف بالطائرات المسيرة وعناصر سورية على الأرض.
وقال مسؤولون إسرائيليون وغربيون إنه لو لم تصعد إسرائيل حملتها الجوية لكانت إيران قد اقتطعت لنفسها قاعدة استراتيجية على مقربة من إسرائيل.
وقال كوبرفاسر: "لو لم تتدخل (إسرائيل) لكان الوضع أسوأ عشر مرات. والإيرانيون يدفعون ثمنا متواصلا بالأسلحة الكثيرة التي يتم تدميرها. وبالطبع لهذا أثر على أنشطتها لكنه لا يحل المشكلة. فإيران مصممة على البقاء في سوريا".