الضفة الغربية.. إسرائيل تعود بالتوترات إلى جذورها
إلى الجذور، تعود الحكومة الإسرائيلية بتوترات الضفة الغربية، لتبحث في المسببات على بوصلة لمواجهة معضلة يعمقها تضارب التقييمات.
وتواجه الحكومة الإسرائيلية اليمينية معضلة تصاعد العمليات الفلسطينية بالضفة الغربية، وسط تضارب في التقييمات الإسرائيلية حول المسببات.
واتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران بالوقوف خلف موجة العمليات.
بينما وجّه مسؤولون إسرائيليون اتهامات إلى السلطة الفلسطينية و"حماس" وحتى المعارضة الإسرائيلية التي تقود احتجاجات ضد الحكومة.
في المقابل، توجه السلطة الفلسطينية الاتهام إلى إسرائيل بالمسؤولية عن هذا التصعيد، وذلك على خلفية المستجدات الميدانية بالضفة الغربية وعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في قرى ومدن الضفة.
البحث عن الجذور
غير أن موجة العمليات بدأت مطلع العام الماضي في ظل الحكومة السابقة مع تصاعد الاقتحامات الإسرائيلية للمدن في شمال الضفة الغربية.
وسجل عدد القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين أرقاما كبيرة خلال العامين الحالي والماضي، دون أن يلوح بالأفق مؤشر على نزع فتيل التصعيد.
وفي تصريح مكتوب أرسل لـ"العين الإخبارية" نسخة منه، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق مئير بن شبات، إن "موجة الهجمات الخطيرة التي نشهدها حاليا تلزم إعادة النظر في استراتيجية مكافحة العنف الفلسطيني بالضفة الغربية".
وأضاف بن شبات أن "الأجواء العامة هناك تشجع العنف والتحريض الذي يأتي من قبل كل من حماس وإيران وحزب الله، كما يعزز هذه الأجواء الشعور بأن إسرائيل تعيش حالة من الضعف وتتفكك من الداخل".
وتابع: "علاوة على التحريض على العنف الذي تمارسه باستمرار، قامت حماس في الأيام الأخيرة بعدة إجراءات علنية، مثل إطلاق 50 صاروخا باتجاه البحر كانت ضمنها صواريخ من طراز عياش 250 المخصصة لمدى طويل جدا، والاضطرابات التي وقعت على طول السياج الحدودي يوم الأحد الماضي".
واعتبر بن شبات أنه في مواجهة ذلك فإنه "من الصواب الاستمرار في سياسة التفرقة بين غزة ويهودا والسامرة (الضفة الغربية) وإعادة النظر في سياسة منح تصاريح العمل في إسرائيل لسكان قطاع غزة".
كما اعتبر أنه "من الصواب تعزيز الجهود الرامية لإحباط البنى التحتية التابعة لحماس" في الضفة الغربية.
ويقول الفلسطينيون إن التصعيد الحاصل هو نتيجة للاقتحامات المتصاعدة من قبل الجيش الإسرائيلي للمدن والمخيمات في الضفة الغربية.
اقتحامات دفعت الأمم المتحدة إلى وصف العام الماضي بأنه الأكثر دموية بالضفة الغربية منذ 2005.
غير أن المعطيات الفلسطينية الأولية تشير إلى أن العام الجاري أكثر صعوبة من ناحية أعداد الضحايا الفلسطينيين.
كما تشهد الضفة الغربية تصاعدا ملحوظا في عنف المستوطنين الذي أدانته الدول العربية والغربية.
مد وجزر
من جهته، كتب المحلل يوسي يهوشع في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، يقول إن "جنوب الضفة الغربية التي تضم مدينة الخليل هي منطقة شاسعة من الأراضي كانت حتى هذا الأسبوع هادئة نسبيًا، في حين تم تنفيذ معظم الهجمات شمالًا في منطقة جنين ونابلس".
وأضاف في مقال طالعته "العين الإخبارية": "إذا انضمت الخليل، حيث تمتلك حركة حماس بنية تحتية، إلى العنف، فإن قوات الأمن ستواجه وقتا أكثر صعوبة سيتطلب نشر المزيد من القوات واستدعاء هائلا لقوات الاحتياط".
وأشار يهوشع إلى أن "هذا العام أثبت أنه الأكثر تكلفة في حياة اليهود، حيث قُتل 34 شخصًا في هجمات انطلقت من الضفة الغربية. شهد العام السابق ما مجموعه 32 حالة وفاة طوال 12 شهرًا".
وقال: "تقبل كل من الحكومة السابقة وحكومة (رئيس الوزراء الحالي بنيامين) نتنياهو الحالية موقف الجيش والشاباك بشأن ضرورة تعزيز السلطة الفلسطينية. ويرفض نتنياهو ببساطة الاعتراف بذلك بصوت عالٍ".
وفي هذا الصدد، أكد أنه "من دون الأجهزة الأمنية في السلطة الفلسطينية، سيكون الوضع أسوأ بكثير، وستؤدي الحاجة إلى إرسال قوات إلى المنطقة إلى تقليل قدرة الجيش على الحفاظ على نظام التدريب الخاص به".
وفيما ذكّر المحلل السياسي باللوم الذي ألقاه نتنياهو على إيران، رأى أن "أصل الوضع الحالي يكمن في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".
وأشار في هذا السياق إلى أن معظم المهاجمين في الموجة الأخيرة التي بدأت في مارس/آذار 2022، "لا ينتمون إلى أي من المنظمات الكبرى وليست لديهم خبرة سابقة في مثل هذه الهجمات، وبالتالي لا يمكن اعتبارهم جنودًا في خدمة مؤامرة إيرانية".
ونوّه يهوشع بأن "الخيارات المتاحة أمام قوات الأمن محدودة. إلى جانب تأمين الطرق"، مستطردا "يجب على الجيش الإسرائيلي أن يختار اتخاذ إجراءات هجومية على فترات في جميع أنحاء الضفة الغربية، وتكثيف العمل على تمهيد طرق منفصلة للمستوطنين والفلسطينيين. لا توجد حلول أخرى".
وكان مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر (الكابينت) اجتمع، الثلاثاء، وفوض نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بالعمل على وقف الهجمات.
ممكن؟
غير أن المحلل البارز في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل اعتبر أنه "من الناحية العملية، من المشكوك فيه ما إذا كان لدى رئيس الوزراء القدرة على تقليل عدد الهجمات".
وفي إشارة إلى مقتل إسرائيلية بهجوم قرب الخليل، الإثنين الماضي، قال: "بما أنه من المحتمل أن تؤدي (نجاحات) الهجوم الأخير إلى سقوط المزيد من الضحايا الإسرائيليين، فلن يكون أمام الحكومة أي خيار سوى زيادة جهودها لإلقاء المسؤولية على الآخرين".
وتابع في مقال طالعته "العين الإخبارية": "نتنياهو سياسي ذو خبرة. فهو يدرك أنه ليس لديه الحل لهذا التصعيد، ويدرك بالتأكيد أن حكومته لا تساهم فيه إلا بتصريحاتها المتطرفة، فالوسائل المتاحة له معقولة نسبياً، وهي شبيهة بما كانت تملكه الحكومة السابقة".
وفسر هارئيل ذلك بالقول: "كما هو الحال في التصعيد السابق، يعتمد الرد الفوري على تعزيز القدرات الدفاعية الإسرائيلية، وجمع وتحليل المعلومات الاستخبارية على نطاق واسع، والعمليات الهجومية لاعتقال المشتبه بهم، وتحقيقات الشاباك واعتقال المشتبه بهم الإضافيين".
واستدرك: "لكن كل هذه الخطوات لا ترقى إلى مستوى الحل الشامل، إذ إن أي إنجاز من هذا القبيل موجود جزئياً في العمل السياسي".
aXA6IDMuMTM4LjEwNS40IA== جزيرة ام اند امز