إخلاء بؤرة استيطانية غير شرعية بالضفة.. حق فلسطيني وخلاف داخل الائتلاف
يقول المثل الشعبي "أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب"، لكن هذا هو الحاصل في الوقت الراهن في إسرائيل.
فاليوم الإثنين، وفي خطوة نادرة لا تترجم نهج حكومة يمينية متشددة أوحلت في تعزيز الاستيطان، أخلى الأمن الإسرائيلي بؤرة استيطانية غير شرعية، وسط الضفة الغربية.
شملت عملية الإخلاء، تدمير 4 مبانٍ استيطانية غير قانونية، قرب مستوطنة "كوخاف هشهار"، شرق رم الله، في قرار وافق عليه وزير المالية وزعيم حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش.
وتسببت موافقة سموتريتش، بانتقادات داخل الحزب نفسه ما لبثت أن خرجت إلى العلن.
وكانت طواقم الإدارة المدنية الإسرائيلية، مدعومة بعناصر من الشرطة، وصلت في وقت مبكر من هذا الصباح وهدمت البؤرة الاستيطانية.
المستوطنات في أرقام
وتوجد في الضفة الغربية مستوطنات وافقت الحكومة الإسرائيلية على إقامتها، وعددها 132، وهي عبارة عن مبان ضخمة يقيم فيها عشرات الآلاف من المستوطنين.
وهناك بؤر استيطانية عشوائية أقيمت على مدى السنوات بدون موافقة الحكومة الإسرائيلية على أراض فلسطينية خاصة وعددها 146 .
ويقطن في هذه المستوطنات والبؤر الاستيطانية نحو نصف مليون مستوطن.
وتعهدت الحكومة الإسرائيلية، لدى تشكيلها نهاية العام الماضي، بالمصادقة بأثر رجعي على البؤر الاستيطانية ما جعل خطوة إخلاء بؤرة اليوم غير مسبوقة.
ولكن إخلاء هذه البؤرة، لا يشير إلى تغير في سياسة الحكومة الحالية تجاه الاستيطان بعد أن كانت "حركة السلام الآن" الإسرائيلية، قد أشارت إلى أن الاستيطان سجل أرقاما قياسية منذ تسلم الحكومة لمهامها.
وفي هذا الصدد، ذكرت "السلام الآن" أن الحكومة الحالية أقرت خلال 6 أشهر بناء 12855 وحدة استيطانية في الضفة الغربية.
وبالعودة للبؤرة التي تم إخلاؤها اليوم، قالت محطات تلفزة إسرائيلية إن مستوطنين ألقوا الحجارة على قوات الأمن لدى مغادرتها الموقع بعد عملية الإخلاء.
كمان قام مستوطنون بنثر المسامير على الطريق المؤدي إلى البؤرة الاستيطانية، كما اندلعت مشاجرات طفيفة في مكان الحادث.
وأقيمت هذه البؤرة الاستيطانية قبل عدة أشهر، قبل أن تصدر الإدارة المدنية الإسرائيلية أمرا بهدم المباني التي أقيمت فيها.
والأسبوع الماضي، أصدرت الإدارة المدنية الإسرائيلية أوامر بإخلاء المباني توطئة لهدمها.
وحسب المستوطنين، فإن عائلتين إسرائيليتين كانتا تقيمان في المباني قبل هدمها وإخلائها.
خطوة مستغربة..ولكن
وما أثار حفيظة المستوطنين هو أن سموتريتش وافق على هدم وإخلاء البؤرة على الرغم من موقفه المؤيد للاستيطان ودعوته لضم الضفة الغربية.
ولكن مصدر مقرب من سموتريتش، الذي يشغل أيضًا منصب وزير إضافي في وزارة الدفاع مع سلطة على القضايا المدنية في الضفة الغربية، قال إن الأرض التي بُنيت عليها بؤرة "أيرا شاحار" هي أرض فلسطينية خاصة، مما يعني أنه كان من المستحيل تمامًا إضفاء الشرعية عليها.
وأضاف المصدر "هناك طلب من مؤسسة الدفاع والمهنيين القانونيين لتطبيق القانون ضد الهياكل في البؤرة الاستيطانية".
وتابع "للأسف الشديد، لم نتمكن من التوصل إلى حل لنقل المباني إلى أراضي دولة قريبة من أجل تقنينها كما فعلنا في أماكن أخرى"، في تبرير لم يقنع المستوطنين.
وصباح الإثنين، وصلت ليمور سون هار ملك، عضو الكنيست من حزب "القوة اليهودية"، الذي يقوده وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الى الموقع وألقت بالمسؤولية على وزير الدفاع يوآف غالانت والجيش الإسرائيلي.
وقالت: "أي شخص يعتقد أنه سوف يسكتنا ويدمر المستوطنات ويسيء استخدامها دون رد، يرتكب خطأً كبيراً".
وأضافت: "سنواصل النضال من أجل المستوطنات حول أرض إسرائيل بأكملها".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إخلاء بؤرة استيطانية في عهد الحكومة الحالية.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أخلت القوات موقع "أور كايم" الاستيطاني بأمر من وزير الدفاع يوآف غالانت، مما أدى إلى اشتباك مع سموتريتش.
وتأتي الخطوة في وقت تصاعدت فيه التحذيرات من أن عنف المستوطنين بات يدفع فلسطينيين لهجرة أراضيهم.
تجمعات فلسطينية..بين الصمود والتهجير
ويعتبر تجمع "عين سامية"، أحد التجمعات الفلسطينية التي اضطرت للرحيل بسبب عنف المستوطنين من البؤرة الاستيطانية التي تم إخلائها والبؤر القريبة.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة (أوتشا) في تقرير تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "رحل نحو 477 شخصًا، بينهم 261 طفلًا، عن راس التين ووادي السيق وعين سامية والبقعة (وكلها في رام الله) ولفجم (نابلس) خربة ودادي وخربة بير العد (كلاهما جنوب الخليل) بين العامين 2022 و2023 بسبب عنف المستوطنين وفقدان إمكانية الوصول إلى أراضي الرعي أساسًا".
وأضاف: "ونتيجة لذلك، باتت ثلاثة من هذه التجمّعات السبعة خالية تمامًا، في حين لم يبقَ سوى بضع أسر في التجمعات الأخرى"
من جهته، ذكر مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الانسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم": في تقرير تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه: "بعد اعتداءات وتهديدات متكررة من جانب المستوطنين وفي غياب أي خيار آخر، رحل هذا الأسبوع أبناء تجمع القابون البدوي القائم شرقي رام الله عن منازلهم".
ويضم هذا التجمع، 12 عائلة مكونة من 86 شخصا، بينهم 26 قاصرا، رحل معظمهم، بينما يقوم الآخرون بحزم أمتعتهم في هذه الأيام، بحسب المركز نفسه.
ولفت المركز إلى أن التجمع موجود في مكانه هناك منذ عام 1996.
وأشار إلى أنه خلال شهر فبراير/شباط الماضي، استوطن عدد من المستوطنين قرب التجمع.
وروى السكان أن المستوطنين بدأوا خلال الفترة الأخيرة بالتجول بين بيوتهم، حيث حضروا على الخيول ومركبات زراعية في ساعات متأخرة للتحرش بالعائلات الفلسطينية واستفزازها ودب الرعب بين أفرادها، فيما استولوا في المقابل على أراضيهم الزراعية ومنعوهم من رعي قطعان مواشيهم في أراضيهم".
وأشار مركز "بتسيلم" إلى أن "القابون هو التجمع الرابع في المنطقة الذي يضطر إلى الهرب بسبب السياسة الإسرائيلية، موضحا أن "إسرائيل تفرض على السكان العيش في ظروف غير محتملة لكي ترغمهم على الرحيل ويكون بإمكانها، عندئذ، الاستيلاء على أراضيهم ووضعها تحت تصرف اليهود".
وتشمل هذه السياسة -بحسب بتسليم- "منع السكان من بناء بيوت لهم ومن إقامة شبكات مياه أو كهرباء أو شوارع؛ إقامة مستوطنات على أراضيهم وتمويل صيانتها؛ وأعمال عنف يومية تقريباً ينفذها المستوطنون".