حقائب فلسطينية حائرة بين "رامون" و"علياء".. أكبر من مجرد سفر
حركت فكرة إسرائيل بالسماح لفلسطينيين بالسفر من خلال مطار رامون جنوبي البلاد، جدلا فلسطينيا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي.
وعمليا، كان من المقرر أن تكون الرحلة التجريبية الأولى للفلسطينيين عبر المطار يوم الإثنين الماضي، ولكن الشركة التركية التي كان من المقرر أن تنقل المسافرين تراجعت في اللحظات الأخيرة.
ولم توضح الشركة التركية أسباب قرارها التراجع عن نقل المسافرين إلى إسطنبول، فيما اكتفت سلطة الطيران الإسرائيلية بالإعلان عن تأجيل الرحلة إلى موعد لم تحدده.
وفي نفس يوم الرحلة، أعلنت السلطات الإسرائيلية، السماح لـ 24 فلسطينيا من سكان جنوبي الضفة الغربية بالسفر على متن الطائرة الإسرائيلية "اركيع" إلى قبرص.
5 فرق
وعلى منصات التواصل، اختلف الفلسطينيون إزاء هذه الخطوة، ففيما اعتبر البعض أن السفر من خلال "رامون" يعد تسهيلا على المواطنين الفلسطينيين، رأى البعض الآخر أن الخطوة "جزء من المساعي الإسرائيلية لتحويل القضية الفلسطينية إلى قضية إنسانية وليست سياسية".
فريق ثالث يعتبر أن هذه الخطوة "قد تضر بالاقتصاد الأردني" لأن فلسطينيي الضفة الغربية يسافرون من خلال مطار الملكة علياء في العاصمة عمان.
وتساءل فريق رابع عن سبب عدم سماح إسرائيل للفلسطينيين بالسفر من خلال مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، باعتباره أكثر نشاطا ويملك خيارات أكثر، وأقرب إلى الضفة الغربية التي تبعد عن إيلات ومطر رامون ما بين 2 و4 ساعات.
ورسميا، اتخذت السلطة الفلسطينية موقفا خامسا، وقالت إنه "إذا ما أرادت إسرائيل التسهيل على الفلسطينيين، فإن ذلك يكون بإعادة تشغيل مطار القدس الدولي، شمالي القدس، المغلق بقرار إسرائيلي منذ عام 2000".
بدوره، قال مسؤول فلسطيني كبير لـ"العين الإخبارية" -مفضلا عدم ذكر اسمه لحساسية منصبه-: "ما يجري هو جزء من المحاولات الإسرائيلية لتحويل القضية السياسية إلى قضية تسهيلات إنسانية، في محاولة للتهرب من الاستحقاقات السياسية".
وأضاف: "كما أنها محاولة إسرائيلية لإنعاش المطار الذي تحدثت التقارير الإسرائيلية عن فشله وذلك على حساب الأشقاء في الأردن الذين لم يغلقوا بابهم أمام الفلسطينيين".
وتابع المسؤول نفسه "إذا ما كانت إسرائيل حريصة فعلا على التسهيل على الفلسطينيين فلماذا لا توقف ممارساتها بما فيها احتجاز أموال الفلسطينيين، ولماذا تقرر بناء مستوطنة على أنقاض مطار القدس الدولي".
"لا رامون ولا غيره"
وكان رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية قال خلال تدشينه ونظيره الأردني بشر الخصاونة، محطة الرامة لتحويل الكهرباء في الأغوار الجنوبية بالضفة الغربية، الأربعاء: "المشاريع التي من شأنها الإضرار بالعلاقات الأردنية الفلسطينية لن تجد لها شريكًا فلسطينيًا لا رسميًا ولا شعبيًا".
وأضاف: "لا رامون ولا غيره بديل عن عمقنا في الأردن"، مشيرا إلى أنه إذا أرادت إسرائيل "أن تسهل على شعبنا، فلتفتح لنا مطار القدس الذي هو موجود وقائم ويمكن لنا أن نشغله، نحن نحرص كل الحرص على عمق العلاقة فيما بيننا وتشبيك المصالح المشتركة بين أهلينا على جانبي نهر الأردن".
وكانت السلطة الفلسطينية نفت أي اتفاق مع السلطات الإسرائيلية لسفر مواطنين من خلال مطار رامون.
وقالت وزارة النقل الفلسطينية إنها "تنفي الأنباء المتداولة حول وجود اتفاق لتشغيل مطار رامون، داعية المواطنين إلى عدم التعاطي مع تلك الأخبار المضللة".
وأضافت: "تؤكد الوزارة ما سبق أن أعلنت عنه بضرورة تشغيل مطار قلنديا في مدينة القدس المحتلة (مطار القدس الدولي) وإعادة تشغيل مطار ياسر عرفات في قطاع غزة وفق الاتفاقات الموقعة".
دعوة فلسطينية
كما صدرت تصريحات وبيانات من السلطة والفصائل الفلسطينية دعت المواطنين إلى عدم السفر من خلال مطار رامون.
وقال الناطق باسم وزارة النقل الفلسطينية موسى رحال في بيان: "طالبنا بعدم استخدام مطار رامون؛ لأنه مصلحة إسرائيلية ويمس بالسيادة الفلسطينية، ونطالب بإنشاء مطار فلسطيني بالضفة وإعادة إعمار مطاري غزة والقدس، وتسهيل السفر عبر معبر الكرامة (أي جسر الملك حسين)".
وكانت الفكرة الإسرائيلية بالسماح لفلسطينيين بالسفر من خلال رامون برزت خلال فترة شهد فيها معبر الملك حسين (تسميه إسرائيل اللنبي) بين الأردن والضفة الغربية اكتظاظات كبيرة بسبب سفر المواطنين من سكان الضفة الغربية إلى الأردن ومنه إلى دول أخرى أو العكس.
في المقابل، سعت السلطة الفلسطينية بالتعاون مع الحكومة الأردنية لمحاولة الحد من هذه الاكتظاظات.
وقال مسؤول أمريكي لـ"العين الإخبارية": "عملنا مع إسرائيل والأردن والسلطة الفلسطينية من أجل فتح معبر الملك حسين على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع".
وأضاف: "هناك موافقة إسرائيلية ولكنهم يقولون إن المسألة تقنية تتعلق بتشغيل المزيد من الموظفين في المعبر وهو ما سيتم في نهاية شهر سبتمبر/أيلول المقبل".
وبشأن السفر من خلال مطار رامون، أجاب: "سمعنا عن هذا من خلال وسائل الإعلام".
موقف الأردن
لم يخف الأردن موقفه المعارض لسفر الفلسطينيين من مطار رامون القريب من حدوده.
وكتب النائب الأردني خليل عطيه رسالة وجهها إلى رئيس الوزراء الأردني وتلقت "العين الإخبارية" نسخة منها، تساءل فيها عن صحة أن إسرائيل "ستنفذ مخطط سفر سكان الضفة الغربية عبر مطار ريمون كبديل لعبور جسـر الملك حسـين إلى المملكة الأردنية الهاشمية وذلك اعتبارا مـن الشهر المقبل".
وأضاف: "ما مصير الخطوط الجوية المحلية والتي تعتمد منذ فترة طويلة على نقل نسبة كبيرة من الفلسطينيين إلى الدول المجاورة؟".
وتابع متسائلا: "وهل تعي الحكومة حجم الخسائر على الاقتصاد الوطني جراء ذلك المخطط (تغيير المعبر) لا سيما قطاع السياحة، خاصة برامج العمرة ورسوم الضرائب على التذاكر التي تبلغ 60% للفرد وتوقف حركة تنقل الفلسطينيين عبر مطار الملكة علياء الدولي".
وفيما تمنع إسرائيل الفلسطينيين من السفر عبر مطار بن غوريون الدولي، فإن سفر الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية، يتم من خلال الأردن، فيما يسافر الفلسطينيون من قطاع غزة عبر مصر.
ولا يوجد مطار فلسطيني في الضفة الغربية، فيما دمرت إسرائيل مطار غزة خلال الانتفاضة الثانية.
وجهات نظر مختلفة
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كتب الناشط الحقوقي عصام عاروري، تدوينة، قال فيها إن مطار رامون الذي كلف إسرائيل نصف مليار دولار، "فشل في استقطاب المسافرين"،
وأضاف: "فضلا عن بعده (أكثر من 300 كيلومتر) والحاجة إلى تصريح مذل للوصول إليه، وقطع 4 ساعات في الطريق، فإن التكلفة المتوقعة يتوقع أن تكون أعلى من تكلفة الجسر بما فيها ضرائب الخروج التي سندفعها على أية حال".
وقارن فلسطينيون تكاليف السفر عبر الأردن وعبر مطار رامون ووجدوا أن التكلفة عبر مطار رامون هي أقل.
لكن البعض الآخر، أشار إلى أن خيارات السفر من خلال مطار رامون قليلة للغاية مقابل الخيارات المفتوحة من خلال مطار عمان.
ويكاد يكون مطار رامون مقتصرا على الرحلات الداخلية في إسرائيل مع عدد قليل من الوجهات الدولية في فترات متباعدة. كما أن الحركة بطيئة وقليلة جدا فيه.
وتقوم الفكرة الإسرائيلية في سفر فلسطينيين عبر مطار رامون على تجميع الفلسطينيين المسموح لهم مسبقا بالسفر عند حاجز إسرائيلي وتفتيشهم ثم نقلهم في حافلات خاصة إلى المطار، حيث يجري تفتيشهم من جديد قبل السماح لهم بالدخول إلى الطائرات.
aXA6IDMuMTM3LjIxOC4xNzYg جزيرة ام اند امز