حقيبة وهاتف.. هكذا يستعد أهالي غزة لإنذارات القصف الإسرائيلي
بحقيبة وهاتف محمول، يتجهز الكثير من الفلسطينيين لمواجهة اتصال محتمل من الجيش الإسرائيلي لإخلاء منازلهم تمهيدًا لقصفها.
ومع تكرار الاتصال من القوات الإسرائيلية على فلسطينيين وإمهالهم وقتا قصيرا يتراوح بين 5-20 دقيقة لإخلاء منازلهم قبل قصفها، بات التحضر لهذه اللحظة هاجسًا يلاحق الكثيرين.
ومنذ بدء عملية "حارس الأسوار" قبل 10 أيام، استهدفت إسرائيل 148 بناية بقصف مباشر، بعضها استهدف دون إنذار مسبق ولكن أغلبها جرى بعد اتصالات تطالب بالإخلاء.
أم هالة حرز الله، قالت لـ"العين الإخبارية": إن القوات الإسرائيلية اتصلت عليهم وأمهلت دقائق لإخلاء منزلهم وإبلاغ الجيران، قبل هدم المنزل في غزة.
وذكرت أنها لم تكن تتحضر لهذه اللحظة، لذلك لم تتمكن من إخراج أي شيء، وكل مقتنيات الأسرة بما فيها الأوراق الثبوتية راحت تحت الأنقاض.
أما جهاد، الذي تلقى اتصالا من الجيش الإسرائيلي وأبلغه بإبلاغ جيرانه بالإخلاء، فيقول إنه شعر بارتباك شديد، وسارع بإبلاغ الجيران بأن إسرائيل ستقصف منزلا لأحد السكان في المنطقة.
وقال لـ"العين الإخبارية": "إن تفكيره أصيب بالشلل ولم يستطع أخذ شيء من منزله وهو يدور على البيوت ليطلب منهم الإخلاء".
ويؤكد فلسطينيون أن تجهيز هذه الحقيبة لم يعد يقتصر على منازل النشطاء، بل يشمل العديد من السكان "فالقصف لا يكاد يستثني أحداً"، بحسب أحمد سلمان الذي أشار لـ"العين الإخبارية" إلى أن القصف الإسرائيلي طال عامة الناس، وقد يكون أحد الجيران له نشاط سياسي مع أحد الفصائل فهذا أيضا يعرضك للإخلاء.
وقال: "إن أسرته جهزت حقائب صغيرة لكل فرد، لأنه كما معروف أن الجيش الإسرائيلي لا يسمح للأشخاص الذي يطلب منهم الإخلاء إخراج شيء كبير، فضلا عن أن الوقت يكون محدودا غالبا يتراوح بين 5-10 دقائق".
وأوضح أن هذه المدة القليلة لا تكون كافية لجمع الوثائق أو النقود إن وجدت، أو أي أغراض مهمة وخفيفة الوزن، لذلك يجري تجهيزها مسبقا، مع إبقاء الهاتف المحمول مشحونا لهدفين، سماع الأخبار ومعرفة التطورات، وتلقي الاتصال في حال كان هناك اتصال محتمل من الجيش الإسرائيلي.
أم محمد، جهزت هي الأخرى حقيبتها الخاصة وتقول إنه لا يوجد في بيتها أحد من النشطاء، ولكن مع تطورات الأمور لا تعرف كيف تجري ولا من ستستهدف الطائرات الإسرائيلية.
وقالت لـ"العين الإخبارية": "إن مجرد إعداد الحقيبة في البيت هو عذاب نفسي، فأنت تعيش على هاجس احتمال تلقي اتصال لإخلاء منزلك أو منزل جيرانك فهذه لحظات مرعبة ومؤذية".
عبد الحليم أبو سمرة الباحث الحقوقي الفلسطيني، يؤكد أن ما تفعله القوات الإسرائيلية من قصف للمنازل المدنية سواء بعد اتصال أو دون كما حدث عدة مرات، يمثل جريمة ترقى إلى جريمة الحرب، وتنتهك مبدأ التناسب والتمييز، وتنتفي فيها مبدأ الضرورة العسكرية.
وقال أبو سمرة: إن معظم المنازل المستهدفة تدمر كشكل من أشكال العقابي، وليس لأنها تشكل تهديدا على القوات الإسرائيلية، مشددا على أن هذه السياسة ثبت فشلها في التأثير على العائلات الفلسطينية.
وأوضح أن عيش الكثير من العائلات على هاجس ترقب الاتصال والإخلاء وكيفية التعامل مع لحظة مؤلمة كهذه في حد ذاته مرهق ومؤذي خاصة للنساء والأطفال، مشددا على ضرورة وقف الهجوم الإسرائيلي العسكري ووقف الانتهاكات المقترفة خلاله.