الفلسطينيون وموسم الزيتون.. صمود يقهر اعتداءات المستوطنين
موسم قطف الزيتون حدث سنوي يستبطن رمزية ارتباط الفلسطينيين بأرضهم.
أهازيج وطنية ودبكات ومأكولات تراثية وأحاديث لا تنتهي عن الأرض، يتردد صداها في الحقول خلال موسم جني الفلسطينيين للزيتون كل عام، لا تعكر صفوه سوى اعتداءات المستوطنين.
حدث سنوي يستبطن رمزية ارتباط الفلسطينيين بأرضهم، تنغّصه سلسلة اعتداءات ممنهجة لمستوطنين إسرائيليين يقيمون في مستوطنات غير مشروعة على أراضي الضفة الغربية، ممن يقتلعون أشجار الزيتون أو يعتدون بالضرب وإطلاق النار على المواطنين.
- رصد أممي: إسرائيل ترفع وتيرة هدم المنازل الفلسطينية بنسبة 40%
- "السلام الآن" الإسرائيلية: 428 ألف مستوطن في الضفة وحدها
ويُعَد موسم جني الزيتون بين شهريْ أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني، حدثا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا لدى الفلسطينيين، حيث غالبا ما تتجند عائلات بأكملها لقطف الزيتون من أراضيها، في عملية يشارك فيها متطوعون فلسطينيون وأجانب.
وعادة ما يتخلل قطاف الزيتون ترديد أهازيج وطنية ودبكات وتناول مأكولات تراثية وأحاديث عن الأرض والإنسان تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، في تقرير تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إن "عنف المستوطنين الإسرائيليين تسبب في تعطيل موسم قطف الزيتون الذي انطلق مطلع أكتوبر في عدد من المناطق".
وأضاف: "شملت هذه الحوادث الاعتداء الجسدي على 3 مزارعين وإصابتهم بجروح في قرى تِل وجِيت (نابلس) والجبعة (بيت لحم)، وإضرام النار وتكسير في نحو 100 شجرة زيتون، وسرقة المحصول في 7 حوادث في كفر الديك (سلفيت)، وبورين (نابلس)، وشوفا (طولكرم) والجبعة (بيت لحم)".
ولفت إلى أن "5 هجمات أخرى نفّذها المستوطنون أسفرت عن وقوع إصابات، وإلحاق أضرار بممتلكات فلسطينية".
ووفق "أوتشا"، فإنه "حتى هذا الوقت من عام 2019، سجّل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 243 حادثة أقدم فيها المستوطنون على قتل فلسطينيين أو إصابتهم بجروح، أو إلحاق الأضرار بالممتلكات، وهو ما يمثّل ارتفاعا بسيطا مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2018 (213 حادثة)، وضِعف عدد الحوادث التي شهدها عام 2017 تقريبا (124)".
ويحرص دبلوماسيون أجانب في الأراضي المحتلة على مشاركة الفلسطينيين في قطف الزيتون، من أجل توجيه رسالة سياسية بأن اعتداءات المستوطنين تعد انتهاكا للقانون الدولي وجرائم حرب.
ساحة مواجهات وتل أبيب تتجاهل
غير أن جيش الاحتلال الإسرائيلي غالبا ما يغض الطرف عن اعتداءات المستوطنين، بل ينضم إليهم في قمع الفلسطينيين.
وقال المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان في منظمة التحرير الفلسطينية: "خلال موسم قطف الزيتون يتحول الريف الفلسطيني إلى ساحة مواجهات ساخنة مع المستوطنين الذين أخذوا يجاهرون بدعمهم لمنظمات الإرهاب اليهودي العاملة في الضفة الغربية، ومنها منظمة فتية أو شبيبة التلال".
وأشار إلى أن منظمة فتية التلال، تضم شبابا تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، ويتم اختيارهم بعناية فائقة، وتعمل في مناطق الضفة الغربية.
نشطاء سلام
وسنويا، ينضم نشطاء سلام إسرائيليون إلى الفلسطينيين في قطف الزيتون من أجل التصدي لهجمات المستوطنين.
وقالت جمعية "حاخامين من أجل حقوق الإنسان": "في ضوء الهجمات شبه اليومية التي يشنّها مستوطنون على الفلسطينيين في الضفة الغربية خلال موسم الزيتون، بحماية ودعم الجيش، تنظّم الجمعية سفريات يومية تُقِلّ نشطاء من داخل إسرائيل لمساعدة الفلسطينيين بالقطف وضمان عدم المساس بحقوقهم على أراضيهم".
وأشارت الجمعية اليسارية إلى أن "نشطاء سلام تعرضوا، الأسبوع الماضي، لهجوم من قِبَل مجموعة مستوطنين؛ الأمر الذي استدعى نقلهم للمشافي لتلقّي العلاج اللازم".
وقال آفي دابوش، مدير عام جمعية "حاخامين من أجل حقوق الإنسان": "يسرّنا القيام بهذا النشاط المهم منذ 17 عاما على التوالي".
وأضاف: "نشاطنا بالتعاون مع جمعية "نقف معا" بمثابة رسالة للمستوطنين المعتدين بأنّ عنفهم لن يثنينا عن القيام بما نقوم به منذ سنوات طويلة، وأن ذلك يزيد من إصرارنا على الوجود مع السكان الفلسطينيين لحماية حقوقهم في أرضهم، باسم القِيَم اليهودية والعالمية".