كمامة القواسمي.. تحيي تراث فلسطين وتزعج إسرائيل

ترزي في مدينة القدس المحتلة قادته الصدفة لحياكة كمامات مستوحاة من التراث الفلسطيني
كمامة تحمي من فيروس كورونا القاتل، وتحيي التراث والقضية الفلسطينية، وتبعث برسائل أمل وسط دوامة الخوف والهلع جراء الوباء.
صدفة قادت عيسى القواسمي، الخياط في مدينة القدس الشرقية المحتلة، إلى صنع كمامة بألوان الكوفية والثوب الفلسطيني، تساعده على كسب قوته، وتسليط الضوء على القضية.
والقواسمي؛ خياط ورث المهنة عن والده، وفي الوقت نفسه هو كاتب روائي صدرت له العديد من الروايات حتى الآن.
البداية
القواسمي كان في محله بشارع صلاح الدين بالمدينة مع صديقه الفنان حسام أبوعيشة، حين أدركا أن الأخير ليس لديه قناع للوجه أي كمامة، ما قد يعرضه لغرامة مالية نتيجة مخالفته تعليمات وزارة الصحة.
وتفرض وزارة الصحة الإسرائيلية على كل من يخرج من منزله وضع كمامة لمنع التقاط فيروس كورونا.
وحين كان أبوعيشة يهم للخروج من أجل شراء كمامة من إحدى الصيدليات القريبة، تبادرت إلى ذهن القواسمي الفكرة.
وقال القواسمي لـ"العين الإخبارية": "قلت له لماذا لا أصنع لك كمامة؟ وبالفعل، جلست أمام ماكينة الخياطة لأصنع له القناع، وحينها تبادرت إلى ذهني فكرة أخرى لماذا لا تكون الكمامة تراثية".
وأضاف: "صنعت له كمامة من بقايا قماش عليها زخارف تراثية فلسطينية وصنعت واحدة أخرى لي".
ويعمل القواسمي وأبوعيشة على برنامج تراثي سيجري بثه في شهر رمضان على تلفزيون فلسطين.
وفي مسيرتهما الثقافية الزاخرة، يحاول الرجلان إبراز التراث الفلسطيني في مدينة القدس الشرقية التي يقول الفلسطينيون إنها تتعرض منذ سنوات لهجمة إسرائيلية تستهدف تغيير معالمها وتراثها.
إقبال كبير
وكانت الفكرة جديدة، فقررا التقاط صور سيلفي وهما يرتديان الكمامة ونشرها على صفحاتهما في شبكات التواصل الاجتماعي، وحينها كانت المفاجأة.
يقول القواسمي: "بدأنا نتلقى الاتصالات من قبل الأصدقاء على مواقع التواصل، حيث أعجبوا بالفكرة وطلبوا مني أن أعد لهم كمامات تبرز التراث الفلسطيني".
وأوضح أنه "من ناحية جمالية، فإن الكمامات التي أصنعها تبرز الموروث الثقافي الفلسطيني ولها دلالة وطنية خاصة في مدينة القدس الشرقية، وفضلا عن ذلك فهي من القماش وبالتالي تحقق الهدف وهو الحماية من التقاط الفيروس".
ولأن محال التطريز مغلقة ضمن القيود المفروضة لمنع انتشار الفيروس، فقد بدأ القواسمي باستخدام بقايا قطع قماش عليها منقوشات تراثية وأيضا الكوفية الفلسطينية لصنع الكمامات.
وعن ذلك يشرح: "استعملت قطع القماش هذه وصنعت كمامات بأشكال مختلفة ولكنها تعبر عن التراث الفلسطيني ونشرت صورها على شبكة التواصل الاجتماعي".
وتابع: "بدأ الكثير من الناس يشاركون هذه الصور على صفحاتهم بمنصات التواصل الاجتماعي، وفي الوقت ذاته بدأت تصلني الطلبات من قبل أناس لشراء الكمامات".
ولفت إلى أنه تلقى العديد من الطلبات في مدينة القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني والمهجر بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية والأردن.
وأشار إلى أن "هناك رواجا لهذه الكمامات، ولكن مخيطتي (ورشتي) صغيرة وأصنع كمامات بقدر معقول ولكن ليس بالكبير".
وتقوم فكرة القواسمي، الذي يعمل خياطا منذ 40 عاما، على تدوير قطع من القماش وتحويلها إلى كمامات تبرز الثقافة الفلسطينية.
ويرى القواسمي أنها "حماية وقائية من الفيروس وفي الوقت ذاته تدل على القضية الفلسطينية التي يتم التعبير عنها من خلال التطريز والكوفية".
ويحافظ الفلسطينيون على إبراز تراثهم لتأكيد تمسكهم بقضيتهم.
أزعجت إسرائيل
بعد يومين من تلقيه الكمامة الهدية من القواسمي، كان أبوعيشة يسير في أحد شوارع مدينة القدس الشرقية المحتلة حينما أوقفه شرطي إسرائيلي.
سأله الشرطي عن سبب وضع الكمامة المصنوعة من الكوفية فرد عليه بأن قانون وزارة الصحة الإسرائيلية يلزم ارتداء الكمامة في الحيز العام وأن هذا ما فعله.
صمت الشرطي الإسرائيلي قليلا ثم ترك أبوعيشة يكمل طريقه بعد أن صدمته حجته.