بالصور.. إيطالي يدرس الطب في غزة يتحول إلى سفير
كوراديني أصبح بمثابة سفير، فمنذ وصوله في فبراير/شباط، تقدمت أربع جامعات إيطالية على الأقل بطلب لبرنامج "إيراسموس" في غزة
يثير الإيطالي ريكادو كوراديني الجالس على درج الجامعة الإسلامية نظرات فضول من الطلاب الفلسطينيين فهو أول أوروبي يتابع دروسا جامعية في قطاع غزة ضمن برنامج "إيراسموس" للمنح الدراسية.
قبل سنة، وعندما أعلنت جامعته في سيينا وسط إيطاليا توافر إمكانية لتمضية فصل دراسي في هذه المنطقة الفقيرة، لم يفكّر طويلا، وعلى أي حال، كان الوحيد الذي تقدم بطلب.
وكان كورادوني طالب الطب في السنة الـ6 درس في الضفة الغربية المحتلة قبل سنتين، لكن الأجواء في قطاع غزة مختلفة. فقد شهد القطاع البالغ عدد سكانه نحو مليوني شخص، 3 حروب مع إسرائيل منذ عام 2008 ويعاني من نقص في الكهرباء وغيرها من البنى التحتية مثل المياه النظيفة، لكن كوراديني، 25 عاماً، قال إنه استقبل بحرارة في الجامعة معرباً عن سعادته باكتسابه خبرة عملية في التخصص الذي اختاره.
وقال الشاب الإيطالي، الذي يتابع تدريبه في 3 مستشفيات بغزة: "جئت إلى هنا لأسباب عدة، السبب الأول هو أنني أريد التخصص في الجراحة الطارئة، وهنا أستطيع أن أرى بأم العين كيف تجرى الجراحات الطارئة فعلا"، ذاكراً حالة صبي مراهق خضع لعملية بتر، ومنذ عام 2018، تمتلئ المستشفيات في قطاع غزة بالمصابين والجرحى.
ففي مارس/آذار 2018، بدأ الفلسطينيون في غزة احتجاجات حاشدة على طول السياج الحدودي مع إسرائيل، استشهد فيها ما لا يقل عن 255 فلسطينياً بنيران إسرائيلية معظمهم بالرصاص خلال المظاهرات والاشتباكات الأسبوعية، وأصيب آخرون بنيران الدبابات أو ضربات جوية على غزة المحاصرة، وقتل جنديان إسرائيليان خلال الفترة نفسها.
وتتهم إسرائيل حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، بتنظيم الاحتجاجات وأعمال العنف، ويؤكد الفلسطينيون ومنظمات حقوقية أن المتظاهرين استهدفوا فيما لم يشكّلوا تهديداً فعلياً، وأظهر تحقيق للأمم المتحدة أن إسرائيل قد تكون ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في ردها.
وأصيب أكثر من 7 آلاف فلسطيني بالرصاص الإسرائيلي منذ بدء الاحتجاجات، وفق جمعية "الميزان" الحقوقية في غزة، فيما خضع نحو 100 منهم لعمليات بتر أطراف.
ولا يعمل كوراديني في المستشفى يوم الجمعة عندما تصل الاحتجاجات إلى ذروتها ويصبح الجو ضاغطاً جداً بالنسبة إلى متدرب.
وقال: "بالطبع ليس من السهل العيش هنا"، مشيرا إلى نقص الأدوية والمعدات الطبية علاوة على انعدام الأمن في الحياة اليومية، وأوضح: "قد لا تحصل على بعض المعدات الطبية التي تحتاج إليها لإجراء عملية"، لكنه أشار إلى أنه استقبل بحرارة في غزة مؤكدا: "أحب أجواء غزة كثيرا.. فهي تشبه أجواء رواية".
وقال صديقه سعدي النخالة: "قرار المجيء إلى منطقة محاصرة يتطلب شجاعة"، لكن هذا الطالب الفلسطيني البالغ 23 عاما أوضح "غزة مكان يعيش فيه أناس مثل أي مكان آخر".
وفي مكتبه المطل على الحرم الجامعي، قال أحمد محيسن المسؤول عن الشؤون الخارجية في الجامعة إنه "يأمل بأن يتبعه طلاب آخرون من جامعات أخرى"، فقد أبرمت الجامعة مئات الشراكات في أنحاء العالم خصوصا في أوروبا فيما يدرس 3 طلاب فلسطينيين في سيينا حالياً، ولفت محيسن إلى أنها "طريقة ليرى العالم أن مستوى الأوساط الأكاديمية في غزة ممتاز".
وأصبح كوراديني بمثابة سفير، فمنذ وصوله في فبراير/شباط، تقدمت 4 جامعات إيطالية على الأقل بطلب لبرنامج "إيراسموس" في غزة، وفق ميري كالفيلي من منظمة "إيه سي إس" غير الحكومية التي تساعد في عمليات التبادل، وهي تقول إن من المهم ألا ينظر العالم إلى غزة فقط على أنها منطقة منكوبة كما تظهر في الأخبار.
وأطلق برنامج "إيراسموس" في عام 1987 وكان محصورا بداية بالطلاب الأوروبيين، لكنه بدأ يتوسّع ليشمل بلدانا أخرى تحت اسم "إيراسموس بلاس"، ويأمل كوراديني بأن تساعد هذه الأشهر الأربعة وإن بطريقة بسيطة "سكان غزة على العيش بطريقة أفضل وإيجاد مسار للسلام"، وعن رأي عائلته بمجيئه إلى غزة، قال "في البداية قالوا لي (ماذا تفعل؟) لكنهم لاحقا أصبحوا فخورين بي".
aXA6IDMuMTI4LjMxLjc2IA== جزيرة ام اند امز