إحياء قرى إيطالية مهجورة استعدادا لمرحلة ما بعد كورونا
إيطاليا تضم 5800 قرية يقل عدد سكانها عن 5 آلاف نسمة, وأكثر من 2300 من تلك القرى مهجورة
يحض مهندسون معماريون إيطاليون واضعي السياسات إلى خفض مخاطر أوبئة مقبلة من خلال تشجيع السكان على ترك المدن والإقامة مجدداً في قرى مهجورة في الجبال والأرياف.
وقال المهندس المعماري ستيفانو بويري المعروف بتصميمه ناطحات سحاب صديقة للبيئة في ميلانو إنه من الحماقة الاعتقاد بأن الحياة ستعود ببساطة إلى ما كانت عليه قبل أن يفتك فيروس كورونا المستجد بشمال إيطاليا ويجبر البلاد على الإغلاق.
وأضاف بويري الذي تهيمن أبراجه السكنية الشاهقة المغطاة بالأشجار على سماء عاصمة إقليم لومبارديا مركز تفشي المرض الذي أدى إلى وفاة أكثر من 29 ألف شخص في إيطاليا: "التصرف بشكل طبيعي أحد أسباب هذه الكارث، مؤكداً: "حان الوقت لاتخاذ قرارات شجاعة وعملية".
وانضم بويري إلى مهندسين معماريين وعلماء اجتماع وعلماء أنتروبولوجيا لوضع اقتراحات حول طريقة استخدام حالة الطوارئ لتغيير طريقة عيش الناس ومنع المدن من أن تصبح "قنابل تلوث".
وأوضح ماسيميليانو فوكساس أحد أشهر المهندسين المعماريين في أوروبا، أنه توقع قفزة حادة في عدد الأشخاص الذين يغادرون المدن إلى الريف مع رفع الإغلاق تدريجا، تماما كما حدث في إيطاليا خلال السبعينات.
وقال فوكساس الذي صمم قاعة "زينيث" للحفلات الموسيقية في ستراسبورغ وميلانو في مقابلة مع صحيفة "ريبوبليكا" اليومية: "فر الشباب من المدن التي تعاني من الإرهاب والأزمات الاقتصادية وتفشي المخدرات، وهذا الأمر سيحدث مرة أخرى".
وأضاف: "يقول العلماء إن الفيروس أضعف في الأرياف ليس فقط بسبب قلة الاتصالات الاجتماعية بل أيضاً لأن الرياح تكون نشطة في تلك الأماكن وهناك كمية أقل من المعادن والبلاستيك وإذا كنت قريبا من البحر فإن الهواء يكون مليئا باليود".
تضم إيطاليا 5800 قرية يقل عدد سكانها عن 5 آلاف نسمة، ووفقا لبويري، فإن أكثر من 2300 من تلك القرى مهجورة.
وتظهر الأرقام الرسمية أن العديد من الأراضي الصغيرة تقلصت بأكثر من النصف خلال السنوات الـ50 الماضية، من ليغوسولو في شمال إيطاليا إلى كاسالفيكيو سيكولو التي تعود إلى القرون الوسطى في جنوب صقلية.
ويمكن للحكومة "تبنيها" وإغراء أشخاص للمجيء والسكن فيها، وبالتالي تخفيف الضغط على المدن، من خلال توفير حوافز ضريبية وتحسين شبكات النقل وتركيب نظام اتصالات ليكون متاحا لهم العمل من المنزل.
وقد أدت إجراءات التباعد الاجتماعي المطبقة في إيطاليا وبلدان أخرى في أنحاء العالم إلى الحد من عدد الأشخاص الذين يستقلون أنظمة النقل العام في المدن أو يعملون في المكاتب.
وتبحث وزارة الثقافة الإيطالية في فكرة العطل المدعومة لمساعدة صناعة السياحة على التعافي بمجرد انتهاء مرحلة الإغلاق، وتأمل في منع اكتظاظ الشواطئ من خلال إقناع بعض الإيطاليين بزيارة القرى التاريخية بدلا من ارتياد شاطئ البحر.
وقال ماركو بوسوني رئيس اتحاد وطني للبلدات والمجتمعات الجبلية إنه لن يكون من السهل إقناع الإيطاليين بتمضية عطلهم في القرى الصغيرة على أمل أن يقرروا العيش فيها.
واعتبر أن اجتذاب الناس على المدى الطويل يتطلب الوقاية من أخطار تغير المناخ في المناطق الجبلية أو المناطق المعرضة لخطر الفيضانات وتوفير تعليم أفضل وموارد رعاية الأطفال وإنشاء شبكات إنترنت.
وتابع أن بعض القرى الصغيرة لا تضم متاجر أو مدارس محلية، كما أن الافتقار إلى البنية التحتية الرقمية يعني أن سكان حوالي 1200 قرية يواجهون صعوبات في إجراء مكالمات هاتفية أو إرسال رسائل أو حتى مشاهدة التلفزيون.