انتخابات إيطاليا .. "أعداء" أوروبا يتصدرون
حققت القوى المعادية لهيئات النظام والمشككة في الاتحاد الأوروبي واليمينية المتطرفة اختراقا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الإيطالية.
حققت القوى المعادية لهيئات النظام والمشككة في الاتحاد الأوروبي واليمينية المتطرفة اختراقا تاريخيا في الانتخابات التشريعية الإيطالية، الأحد.
وفازت تلك القوى، التي تعرف بـ"أعداء" أوروبا، بغالبية الأصوات والمقاعد، ما يبدل تماما المشهد السياسي في البلاد ويضعها أمام مستقبل غامض.
وكتبت صحيفة "لا ستامبا" ملخصة الوضع في افتتاحيتها "لأول مرة في أوروبا، تفوز القوى المعادية لهيئات النظام".
وكانت رئيسة حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي، مارين لوبان، علقت، مساء الأحد، على "تويتر" أن "الاتحاد الأوروبي سيقضي أمسية سيئة".
التوقعات
وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية، لم تخطئ لوبن في توقعاتها على ضوء أولى النتائج الجزئية والتقديرات التي أوردتها الشبكات التلفزيونية الإيطالية.
وبحسب النتائج الجزئية بعد فرز الأصوات في ثلثي مراكز الاقتراع، فإن التحالف المؤلف من حزب "فورزا إيطاليا" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، سيلفو بيرلوسكوني، وحزب الرابطة وحزب "فراتيلي ديتاليا" (أشقاء إيطاليا) الصغير يحصل على حوالى 37% من الأصوات.
لكن مع التدقيق في توزيع الأصوات داخل هذا التحالف، يتبين أن حزب "الرابطة" برئاسة ماتيو سالفيني، وهو حزب مشكك في الاتحاد الأوروبي ومعاد للهجرة متحالف مع حزب مارين لوبان في أوروبا، هو الذي يتصدر.
وفي حال فوز هذا التحالف من حيث عدد المقاعد، سيكون من حق سالفيني، الذي وعد بطرد مئات آلاف المهاجرين "غير القانونيين"، المطالبة برئاسة الحكومة.
من جانبها، حققت حركة "5 نجوم" المعادية لهيئات السلطة اختراقا تاريخيا بحصولها على ما يقارب 32% من الأصوات، ما يجعل منها الحزب الأول في إيطاليا بعد بضعة أشهر على تصويت بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأعلن أحد قادتها أليساندرو دي باتيستا، مبديا سروره: "سيتعين على الجميع التحدث إلينا"، بعد حملة انتخابية موجهة ضد الفساد و"الطبقة" السياسية الإيطالية.
واعتمد حزب "الرابطة" من جانبه طوال حملة انتخابية تخللتها أعمال عنف، خطابا معاديا للهجرة ولبروكسل، وفق خط لقي تجاوبا على ما يبدو في بلد يشعر بالريبة حيال الاتحاد الأوروبي، وشهد تدفق حوالى 690 ألف مهاجر وصلوا إليه منذ 2013.
وتحمل اللافتات الانتخابية المعلقة في مقر الرابطة في ميلانو (شمال) شعارات مثل "الإيطاليون أولا"، و"أوقفوا الاجتياح"، ما يعكس المواضيع التي شدد عليها سالفيني (44 عاما) في مهرجانات امتدت من شمال البلاد إلى جنوبها.
وكتب سالفيني قرابة منتصف الليل على "تويتر": "تعليقي الأول: شكرا!"، ومن غير المقرر أن يدلي بأي تصريح قبل صباح الإثنين.
ومن أبرز ما يتبين في الوقت الحاضر أن بيرلوسكوني خسر رهانه بعدما قدم نفسه في بروكسل على أنه الحاجز الوحيد في وجه الشعبويين والقوى المعادية لأوروبا.
وفي مطلق الأحوال، فإن نايجل فاراج الزعيم السابق لحزب "يوكيب" البريطاني المؤيد لبريكست هنأ "زملاءه" من حركة "5 نجوم" على "تويتر".
وكانت هذه الحركة التي أسسها الممثل الهزلي بيبي غريلو عام 2009، أحدثت مفاجأة كبرى بحصولها على 25% من الأصوات في الانتخابات التشريعية الأخيرة عام 2013، وهي ضمنت لنفسها موقعا محوريا في البرلمان المقبل في حال تأكدت نتيجتها.
الفائزون؟
بدوره، أكد الحزب الديمقراطي (وسط اليسار) بزعامة ماتيو رينزي في صناديق الاقتراع توقعات استطلاعات الرأي السيئة له بحصوله على أقل من 20% من الأصوات، أي أقل مما حققه في الانتخابات الأوروبية عام 2014 بمعدل النصف.
وفي حال تأكد عدم حصول ائتلاف اليمين على غالبية، فسوف يضطر القادة السياسيون الإيطاليون إلى تغيير حساباتهم وخوض مساومات ومفاوضات يتوقع أن تكون طويلة وشاقة.
ويبدو السيناريو الوحيد الممكن على ضوء النتائج الجزئية قيام تحالف بين شعبويي حركة النجوم الخمس وحزب الرابطة اليميني المتطرف، غير أن زعيمي التشكيلين رفضا هذه الإمكانية رفضا قاطعا حتى الآن.
وأعلنت لا ستامبا في افتتاحيتها "الفائزان في هذه المعركة الانتخابية هما ماتيو سالفيني ولويجي دي مايو" زعيم حركة "5 نجوم" لكن "كل ذلك لا يقود إلى أي شكل من أشكال الحكم الممكنة".
وبالتالي يعود للرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا أن يبلور قراءة لهذه النتائج خلال الأسابيع المقبلة ويمنح "تفويضا استقصائيا" لمن يعتبره قادرا على تحقيق غالبية في البرلمان.
غير أن هذه المشاورات السياسية الرسمية لن تبدأ قبل نهاية الشهر على أقرب تقدير، بعد انتخاب رئيسي مجلسي البرلمان، ما سيشكل بداية مرحلة جديدة من انعدام الاستقرار السياسي في إيطاليا قد تفضي إلى انتخابات جديدة.
ورأت وكالة أنباء رويترز أنه تواجه إيطاليا فترة عدم استقرار سياسي طويلة، إذ تشير النتائج الأولية للانتخابات العامة التي جرت، الأحد، إلى أنها ستسفر عن برلمان معلق بعد أن تجاهل الناخبون الأحزاب التقليدية واحتشدوا وراء الجماعات المعارضة واليمينية المتطرفة بأعداد قياسية.
ومع إحصاء نصف الأصوات يبدو من المؤكد تقريبا ألا يتمكن أي من الأحزاب الثلاثة الرئيسية من الحكم بمفرده.
والسيناريوهات المرجحة حاليا أن تسفر الانتخابات عن تشكيل ائتلاف غير متحمس للاتحاد الأوروبي سيتحدى على الأرجح قيود الميزانية التي يفرضها الاتحاد كما سيكون أقل اهتماما بتعزيز الاندماج الأوروبي، بينما السيناريو الثاني فهو إجراء انتخابات جديدة.
ولفتت وكالة أنباء رويترز إلى أن النتائج تشير إلى تحقيق تحالف يميني يضم حزب إيطاليا إلى الأمام الذي يتزعمه بيرلسكوني أكبر عدد من الأصوات متقدما على حركة "5 نجوم"، المناهضة للمؤسسات التي ارتفعت شعبيتها بشكل جعلها أكبر حزب بمفرده يحقق مكاسب.
وقال ريكاردو فراكارو، العضو البارز بالحركة: "لن يتمكن أي طرف من الحكم دون (5 نجوم)".
وتابع "سنتحمل مسؤولية تشكيل هذه الحكومة ولكن بطريقة مختلفة، سنجري محادثات مع جميع الأحزاب بشأن ما تحتاجه هذه البلاد".
ورغم تحقيقه انتعاشا اقتصاديا متواضعا جاء ائتلاف يسار الوسط الحاكم في المركز الثالث بسبب الغضب الشعبي جراء استمرار الفقر ومعدل البطالة المرتفع وتدفق أكثر من 600 ألف من المهاجرين على البلاد خلال السنوات الأربع المنصرمة.