الإخوان في إيطاليا.. فشل على كافة المستويات
على مدار سنوات، حاولت أذرع الإخوان الإرهابية اختراق المؤسسات الإيطالية، وتحدي الاتهامات الموجة لأفرادها في القضاء، لكن محاولاتها فشلت.
فمنذ نحو ٦٠ عاما، وتنظيم الإخوان الإرهابي يكثف من عمليات نشر أذرعه في إيطاليا بأهداف واضحة أبرزها ممارسة نفوذ على الجالية الإسلامية في هذا البلد الغربي.
وظهر أول "جنين" لنشاط الإخوان في إيطاليا أواخر الستينيات، عندما أسست مجموعة صغيرة من الطلاب معظمهم من سوريا والأردن والأراضي الفلسطينية، ما يعرف بـ"اتحاد الطلاب المسلمين" (USMI).
وفي عام 1990، قام نشطاء من اتحاد (USMI) والمركز الثقافي الإسلامي في ميلانو وعدد قليل من الكيانات الأخرى، بتأسيس اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية بإيطاليا، وهي المنظمة المظلية للإخوان الإرهابية في الأراضي الإيطالية.
ويتبع الوجود الإخواني في إيطاليا، نفس القاعدة التي طبقت في باقي الدول الأوروبية؛ إذ عمدت الجماعة في البداية لتأسيس كيانات صغيرة لإثبات الوجود، ثم تأسيس كيان مظلي يدير هذه الكيانات المتفرقة بشكل غير علني، في خطوة يمكن وصفها بـ"تثبيت الأقدام"، وفق مراقبين.
واتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية بإيطاليا هو المنظمة العامة المظلية لبيئة الإخوان الإرهابية في إيطاليا، وتتخذ من روما مقرا لها، وتسيطر على شبكة واسعة من المساجد والمراكز الإسلامية، كما تسعى باستمرار لتقديم نفسها على أنها الممثل الرئيسي للإسلام في الأراضي الإيطالية.
لكن هناك كيانا آخر يمكن وصفه بأنه "النواة الداخلية" لتنظيم الإخوان في إيطاليا، وهو الرابطة الإسلامية في ميلانو، والذي يشارك اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية، إدارة شبكة الإخوان في الأراضي الإيطالية، ويلعب دورا كبيرا في التنسيق بين أعضاء الشبكة، وفق تقرير لمركز توثيق الإسلام السياسي في النمسا صدر مؤخرا.
وتلعب شبكة الإخوان في إيطاليا، دورا بارزا في شبكة الجماعة على المستوى الأوروبي، وخاصة اتحاد الهيئات والجاليات المسلمة، والرابطة الإسلامية، ومنظمة الوقف الإسلامي؛ والأخيرة مسؤولة عن إدارة الأصول العقارية المملوكة للإخوان في الأراضي الإيطالية، وفق تقرير مركز توثيق الإسلام السياسي.
كما أن هناك روابط بين الإخوان في إيطاليا وحركة النهضة التونسية، فعلى سبيل المثال فاز نجل أحد قادة الإخوان في روما، وهو أسامة الصغير، بمقعد في البرلمان التونسي بأصوات التونسيين في الخارج عام ٢٠١١، وأصبح متحدثا باسم حركة النهضة الإخوانية.
ويقول التقرير إنه:" منذ تأسيس الرابطة، كان اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية بإيطاليا، نشط للغاية على الساحة السياسية، وحاول كثيرا أن تصبح المتحدث الرئيسي باسم المسلمين، وتصبح شريكا للدولة الإيطالية".
ووفق تقرير حديث لمركز "توثيق الإسلام السياسي"، كانت ردود السلطات الإيطالية على محاولات المنظمة الإخوانية، سواء على المستوى المحلي أو المركزي، مختلطة، حيث شككت العديد من الأصوات الرسمية عن في مزاعم المنظمة بتمثيلها للمسلمين، وطبيعتها الحقيقية.
ووفق التقرير ذاته، كانت هذه الديناميكية واضحة بشكل خاص في الحوار طويل الأمد والمعقد بين الدولة الإيطالية والمنظمات الإسلامية للاعتراف رسميًا بالإسلام؛ وهي خطوة قانونية من شأنها أن تمنح المجتمع المسلم مكانة وامتيازات الكنيسة الكاثوليكية والعديد من الجماعات الدينية الأخرى.
وجرى تضمين اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية في معظم المفاوضات مع الحكومة الإيطالية لإبرام اتفاقية تقضي بالاعتراف بالإسلام، لكن الانقسامات العميقة بين مختلف المنظمات الإسلامية الإيطالية ودرجة من عدم الثقة تجاه المنظمة الإخوانية من جانب العديد من صناع القرار بإيطاليا، حالت دائمًا دون التوقيع على الاتفاقية.
في الوقت نفسه، حاول اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية اختراق المؤسسات الحكومية بطريقة أخرى، ففي عام 2015، على سبيل المثال، وقعت المنظمة اتفاقية مع وزارة العدل لإرسال الأئمة إلى المسلمين في السجون.
وفي عام 2017، كان اتحاد المنظمات والجاليات الإسلامية، من بين الموقعين على اتفاقية مع وزارة الداخلية، لمحاربة التطرف، وتعزيز التكامل والاندماج، وضمان الشفافية المالية.
ورغم ذلك، يقول التقرير النمساوي إن "شكوك كبيرة تسيطر على دوائر صنع القرار الإيطالية تجاه اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية، ما يقيد حركتها ويمنعها من اختراق السياسة والمؤسسات الحكومية بشكل أكبر".
وفي حين أن موضوع الإسلاموية لا يظهر في النقاش العام الإيطالي كما يظهر بشكل بارز في العديد من البلدان الأوروبية الأخرى، فإن المنظمات والأفراد القريبين من بيئة الإخوان يثيرون الجدل بشكل متكرر بسبب تصريحات إشكالية.
وفي عام 2019، على سبيل المثال، أجرى مجلس لومباردي "حكومي"، تصويتًا بالإجماع لإدانة وجود داعية دعا إلى ضرب الزوجة بلطف في حدث نظمته منظمة الإغاثة الإسلامية الإيطالية في ميلان.
وفي عام 2020، أثار ياسين بردعي، المدير الإعلامي لمنظمة الإغاثة الإسلامية في إيطاليا، جدلاً بسبب منشور على فيسبوك ذكر فيه أن المسيحية واليهودية "بدعة وانحراف عن الرسالة الأصلية للأنبياء".
وعادة ما تلجأ المنظمات والأفراد المقربون من بيئة الإخوان، إلى القضاء لتحدي اتهامات موجهة لهم بالتطرف والارتباط بالتنظيم الدولي للإخوان.
ففي عام 2019، رفضت محكمة إيطالية دعوى رفعتها سمية عبد القادر، ابنة أحد مؤسسي اتحاد الهيئات والجاليات الإسلامية، والتي عملت سابقًا كرئيس قسم الشباب في اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا (المنظمة المظلية للإخوان بالقارة)، ضد نقاد اتهموها وزوجها بالارتباط بالتنظيم الدولي للإخوان.
ورفض القاضي الإيطالي دعوى سمية عبد القادر، ولفت إلى وجود عدد كبير من الأدبيات التي "تؤكد الصلة بين اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا والإخوان المسلمين.
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز