مورو وديلو والمكي.. «أفاعٍ نائمة» لإخوان تونس
ينحنون بانتظار مرور العاصفة ويغيرون جلودهم ألف مرة فيتلونون حسب المستجدات ويختبئون بانتظار معجزة تعيدهم للمشهد.
هؤلاء هم إخوان تونس، فرع التنظيم المتطرف الذي لفظه التونسيون فلجأ لقاعدة استخدمها أشقاؤه ممن شهدوا المصير نفسه، تقوم على الاختباء الممنهج إعلاميا وسياسيا ونكران الانتماء.
ولتنظيم الإخوان بتونس شخصيات تتخفى إلى حين الموعد المرتقب، تتمثل بشكل رئيسي في كل من عبد الفتاح مورو (مؤسس حركة النهضة الإخوانية)، وسمير ديلو (الجناح الحقوقي)، وعبد اللطيف المكي.
قيادات تتحرك بشكل معلن وتحضر في الإعلام التونسي بشكل دوري تحت يافطة العمل الحقوقي، ولكنها في الحقيقة "غواصات" إخوانية تعمل لحساب التنظيم.
وسبق أن حذر الرئيس التونسي قيس سعيد القيادات الإخوانية من التسلل مجددا إلى المشهد السياسي في البلاد.
والإثنين الماضي، دعا سعيد وزارة الداخلية إلى ضرورة التحلي باليقظة، ومواصلة السهر على حسن تأمين المظاهرات الداعمة للشعب الفلسطيني في كامل البلاد حتى لا يندس فيها من له غايات أخرى في ضرب الأمن.
وكان إخوان تونس استغلوا ما يحدث في غزة للخروج في مظاهرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني، أملا في التسلل من جديد إلى الشارع التونسي.
إعادة التموقع
ويرى عبدالمجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي التونسي، أنه منذ الإطاحة بتنظيم الإخوان في 25 يوليو/ تموز 2021، اختلقت قيادات النهضة مناورات جديدة ووظفت أسلوبها المعتاد وهو التلون وتغيير الجلد كالأفعى.
ويقول العدواني، في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن شقا منهم ألقى بنفسه من السفينة الغارقة، وقاموا بتأسيس حزب جديد تحت اسم "العمل والإنجاز "في محاولة للتغلغل في الشارع وكسب أرضية سياسية جديدة.
وأضاف أن «المناقشات الخاصة بتأسيس الحزب الجديد تمت بوجود راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس في تلك الفترة، ما يعني أن الحزب لم يكن حركة انشقاق كما يحاول الإخوان الترويج لها».
وبحسب الخبير، فإن القيادات الإخوانية أمثال عبد الفتاح مورو وسمير ديلو وعبداللطيف المكي هم بمثابة الذراع الثانية لحركة النهضة التي تهاوت شعبيتها.
وأكد أنه منذ إجراءات 25 يوليو/ تموز 2021 التي فتحت مسار إزاحة الإخوان من الحكم، كوّن الإخوان تنظيما سياسيا يتخفى وراءه وسمّاه «جبهة الخلاص» التي جمعت الأحزاب المتحالفة مع التنظيم وتم تعيين السياسي أحمد نجيب الشابي على رأسها لاستغلال اسمه كحقوقي.
وتابع: "كما قام هذا التنظيم بالترويج لمسألة استقالة أكثر من مائة قيادي بحركة النهضة في أغسطس /آب 2021، وتأسيس حزب جديد تحت اسم العمل والإنجاز في مناورة خدمة لمصالح الإخوان وكي يكون البديل في حال تم حل حركة النهضة بسبب الجرائم التي ارتكبتها».
ولفت إلى أن «هذا ما حصل»، لافتا إلى أنه «عندما تم الزج بقيادات حركة النهضة الإخوانية في السجون، قامت هذه الأسماء بالدور المرجو من خلال التشدق ببراءة المساجين ورفع شعار المظلومية».
مورو.. القائد السري؟
رغم إعلانه الانسحاب من العمل السياسي، إلا أن عبدالفتاح مورو يظل أحد مؤسسي إخوان تونس، وقد منعته السلطات منذ إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، من السفر.
ويُعتبر عبد الفتاح مورو، الزعيم التاريخي الثاني في حركة «الاتجاه الإسلامي» التونسية، بعد رئيسها راشد الغنوشي، وذلك منذ نشأتها في شكل "جماعة إسلامية".
ومورو من مواليد 1 يونيو/ تموز 1948 في تونس العاصمة، وهو محامٍ وأحد القادة التاريخيين لحركة النهضة، وقد تقلد منصب نائب عن الحركة ونائب أول لرئيس مجلس نواب الشعب في 4 ديسمبر/ كانون أول 2014.
ثم تولى رئيسا للمجلس بالنيابة من 25 يوليو/ تموز 2019 حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، وترشح للانتخابات الرئاسية باسم حركة النهضة سنة 2019 ولم يستطع تجميع سوى 13% من الأصوات.
وحتى اليوم، لم يغفر التونسيون كلمات عبد الفتاح مورو عندما تحدث مع الداعية المصري وجدي غنيم بعد 2011، قائلا "نحن نريد أطفالهم ونساءهم وأحفادهم ونجحنا في ذلك.. أبناؤهم و بناتهم اليوم في صفنا ..".
ديلو..صوت الإخوان الناعم
يعد الإخواني سمير ديلو -رغم استقالته من حركة النهضة بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021- من أكبر المدافعين عن جماعة الإخوان، وأبرز الوجوه الإخوانية النشيطة في جبهة الخلاص التي تريد التسويق لصورة التنظيم المظلوم.
انضم في شبابه إلى الإخوان وهو محامي معروف بالدفاع عن المتشددين الإسلاميين المتهمين، وحكم عليه في عام 1991 بالسجن 10 سنوات.
وعقب خروجه من السجن، انضم إلى حركة النهضة وأصبح عضو المكتب السياسي لها ومسؤول العلاقات الخارجية فيها.
وبعد 2011، شغل سمير ديلو منصب وزير حقوق الإنسان، والمتحدث باسم الحكومة في عهد حمادي الجبالي. ثم عين في نفس المنصب في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.
وبعد انطلاق مسار الإصلاح في 2021، قدم سمير ديلو استقالته رفقة أكثر من 100 قيادي من حركة النهضة، كما صرح ديلو قائلا «قرار استقالتي نهائي ولا تراجع عنه»، وكانت تصريحاته من أجل إعادة خلط الأوراق واللعب من جديد بوجوه جديدة وواجهة جديدة.
وديلو هو المكلف بالدفاع عن جماعة الإخوان القابعة في السجون.
وسبق أن كشفت المحامية التونسية وفاء الشاذلي عن فتح وزيرة العدل تحقيقا بخصوص تحويل مبلغ مالي ضخم من ليبيا إلى تونس بين عامي 2014 و2018، ويُتهم فيها كل من سمير ديلو وراشد الغنوشي.
وأكدت الشاذلي، في تصريحات سابقة، أن تفاصيل الملف تتمثل في تقديم البنك المركزي تقريرا لهيئة الرقابة العامة لرئاسة الحكومة مفاده أن هناك مبلغا بمئات الملايين تم تحويله من ليبيا إلى تونس بين عامي 2014 و 2018 لصالح شركات وهمية بتونس.
وفي عام 2014، أعلن ديلو أن" تونس ترحب بكل القيادات السياسية من إخوان مصر."
وفي أعقاب ثورة مصرية في عام 2013 ضد جماعة الإخوان فر عدد من قيادات التنظيم إلى خارج البلاد خشية الملاحقات القضائية بعد تورطهم في قضايا إرهابية.
المكي وجلد الحرباء
أما عبداللطيف المكي، القيادي الإخواني التونسي فيعد من أبرز الوجوه الإخوانية في البلاد، ومن صقور حركة النهضة، ويعتبر من أكثر الشخصيات التي لديها القدرة على التلون والتغير.
ووصل به الأمر درجة إنكاره نسبه لحركة النهضة زاعما مؤخرا أنه لم يكن يوما إخوانيا ولن يكون منهم، وقال "لم أقرأ حتى أدبياتهم بل درست أكثر الأدبيات الشيوعية والقومية".
وأضاف أن "الفكر الإخواني دخل إلى تونس في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة".
وبدأ المكي نشاطه في تنظيم الإخوان منذ ثمانينيات القرن الماضي، وخرج من السجن بعفو تشريعي على غرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
ويُعتبر المكي أحد أبرز القيادات العليا لـ"حركة النهضة" الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيراً للصحة، ويُعرف بأنه من الصقور داخل الحركة، وكان أحد المرشحين الإخوان لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة، لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة الإخوانية.
واستقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع أغسطس/آب 2021، ليهرب من السفينة الغارقة، بعد أن تأكد من نهاية الإخوان.
وبرر المكي استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية".
وفي يونيو/حزيران 2022، أعلن المكي رسميا عن تأسيس حزب ''العمل والإنجاز''، وهو فصيل سياسي يسجل دخوله بمشهد يقف على رمال متحركة بالنسبة لتنظيم أقصاه أداؤه وتطرفه من خارطة السلطة في تونس، بموجب إرادة الشعب والدستور.
aXA6IDMuMTcuMTc5LjEzMiA= جزيرة ام اند امز