انتخابات جنوب أفريقيا..«صانع الملوك» يتأهب لـ«نهاية اللعبة»
انتخابات عامة شديدة التنافس قد تهدد الأغلبية البرلمانية لـ "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم، بعد 30 عاما قضاها في السلطة
على الرغم من منعه من الترشح لمنصب الرئاسة، فإن الأمر قد يجعل من رئيس جنوب أفريقيا السابق المثير للجدل ليصبح صانع الملوك في البلاد
والأسبوع المقبل، يدلي الناخبون في جنوب أفريقيا، بأصواتهم في انتخابات عامة شديدة التنافس قد تهدد الأغلبية البرلمانية لـ "حزب المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم، بعد 30 عاما قضاها في السلطة، منذ أن قاده نيلسون مانديلا إلى النصر، وفق تقرير طالعته "العين الإخبارية" في مجلة فورين بوليسي الأمريكية.
ومع تصاعد الحملات الانتخابية في الأسابيع القليلة الماضية، كان الرجل الذي يجب مراقبته هو جاكوب زوما، الرئيس السابق للبلاد.
وفيما لا يزال زوما عضوا في الحزب الحاكم الذي كان يقوده ذات يوم، فقد قام بتشكيل حزب سياسي جديد يسمى حزب أومكونتو ويسيزوي (MKP)، الذي سمي على اسم الجناح المسلح لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي خلال النضال ضد الفصل العنصري.
وانضم إلى الحزب بعد خلاف مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم الذي كان يتزعمه.
نشاط رغم الحظر
ورغم أمر المحكمة الدستورية بمنعه من الترشح، ظل زوما يقوم بحملة انتخابية نشطة منذ أشهر كزعيم جديد للحزب.
والإثنين، شنّ رئيس جنوب أفريقيا السابق، هجوما لاذعا على بعض كبار القضاة في البلاد بعد منعه من الترشح للبرلمان.
وفي أول مقابلة له منذ الحظر، قال زوما لـ"بي بي سي" البريطانية، إن المحكمة الدستورية "كنت أتوقع ذلك من قضاتنا، لكنهم بالتأكيد مخطئون".
ودعا الرجل البالغ من العمر 82 عاما، إلى "تغيير الدستور".
وقالت اللجنة الانتخابية إن الدستور يمنع أي شخص يُحكم عليه بالسجن لأكثر من 12 شهرا من العمل كمشرع - وهو رأي يؤيده قضاة المحكمة الدستورية.
ووفي عام 2021، أُدين زوما لرفضه الإدلاء بشهادته في تحقيق يتعلق بالفساد خلال فترة رئاسته.
وأصرّ محاموه على أنه يحق له أن يصبح نائبا في البرلمان، حيث تم تخفيف عقوبته إلى ثلاثة أشهر بعد أن أطلق الرئيس الحالي سيريل رامافوسا سراحه من السجن، فيما اعتبر على نطاق واسع محاولة لتهدئة أنصار الرئيس السابق الغاضبين.
نبض الناخبين
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن حزبه قد يفوز بما يصل إلى 15% من الأصوات على مستوى البلاد.
وإذا لم ينجح الحزب الحاكم في تأمين الأغلبية التي يحتاج إليها ليحكم بمفرده، فمن الممكن أن يلعب زوما دورا حيويا في تحديد مستقبل جنوب أفريقيا، ليثبت ــ كما فعل مرات عديدة من قبل ــ أنه لا ينبغي الاستهانة به.
ومع الانتخابات المقبلة، تستعد جنوب أفريقيا لدخول مرحلة جديدة من ديمقراطيتها.
وفي هذا الصدد، تقول "فورين بوليسي" إن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي "في حالة انحدار، وهذا يعني أنه حتى لو احتفظ بأغلبيته، فإنه سوف يخرج من المنافسة السياسية محطما".
ولفتت إلى أن الناخبين الذين كانوا يحترمون زعماء الحزب ذات يوم "لم يعودوا يثقون في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، أو الديمقراطية بشكل عام. بالإضافة إلى ذلك، تشير أعداد كبيرة من الشباب إلى أنهم غير راغبين في التصويت أو المشاركة في العملية الديمقراطية لأنهم لا يرون أي فائدة"، وفق المجلة.
لكن بعض المحللين يشيرون إلى أنه مع تكثيف الحزب الحاكم حملته في الأسابيع الأخيرة، فإنه لا يزال من الممكن أن يتجاوز نسبة الـ 50%.
أما إذا حصل على أقل من نصف الأصوات، فإنه سيخسر أغلبيته للمرة الأولى منذ 30 عاما.
وبالنسبة لـ"صانع الملوك"، سيضع كالعادة، عينيه على نهاية اللعبة، إذ سيعمل حزبه على إبعاد الناخبين عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وخاصة في إقليم كوازولو ناتال، موطن زوما، حيث لعب عادة دورا مهما في حشد الدعم في المناطق الريفية أثناء الحملات الانتخابية.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي في كوازولو ناتال إلى أن حزب زوما سيفوز بالمقاطعة بنسبة تصل إلى 46% من الأصوات.
ما الذي على المحك في الانتخابات؟
كان زوما رئيسا لجنوب أفريقيا من عام 2009 إلى 2018 قبل أن يُجبر على التنحي من منصب زعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وسط مزاعم عن الفساد المستشري في حكومته.
ولطالما نفى زوما أي دور مباشر في الفساد، لكن من المقرر أن يواجه المحاكمة العام المقبل بتهم الرشوة.
وبعد سجن زوما بتهمة ازدراء المحكمة عام 2021، أثار أنصاره الغاضبون أعمال شغب دامية استمرت لأيام. وقتل عشرات الأشخاص في الاشتباكات.
وعندما سألته "بي بي سي" عما إذا كان سيستخدم المقابلة معها للدعوة إلى السلام والهدوء قبل الانتخابات المقررة الأسبوع المقبل، أجاب زوما: "لقد فعلت ذلك دائما".