اشتهر الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك بعلاقاته المتينة مع عدد من الزعماء والقادة العرب، وعلى رأسهم الملك المغربي الراحل الحسن الثاني.
قُيض لي أن ألتقي الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك لمرات عديدة أثناء إقامتي الباريسية الطويلة أيام كان عمدة باريس أو رئيساً للوزراء أو رئيساً للجمهورية، وتبادلنا بعض الأحاديث القصيرة. ولم تغب صورته عن ذهني في اللياقة والأدب والدبلوماسية والانفتاح والإصغاء إلى الآخر.
هذه المواقف ومواقف أخرى زادت من شعبيته عربياً، وكذلك موقفه من الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003. فقد كان الزعيم الأوروبي الوحيد الذي قاد جبهة المعارضة الدولية للغزو الأمريكي للعراق، متحدياً الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. ولم يهتم بالعلاقات مع الولايات المتحدة رغم جبروتها لأنه كان ضد فكرة الحرب على العراق مبدئياً.
فقد كان محباً للعرب ومتفهماً لقضاياهم، ومدافعاً عن حقهم في المحافل الدولية. وقد ترسخت صورته في فرنسا في أذهان الناس الشعبيين لأنه كان لاعباً سياسياً على مدى أربعة عقود، وتفوقت شعبيته لدى الفرنسيين، متجاوزاً بذلك الرئيسين الراحلين فرانسوا ميتران وشارل ديغول، ليس بسبب طول رئاسته التي بلغت 12 عاماً، وشغله منصب رئيس الوزراء مرتين، ورئاسة بلدية باريس لمدة 18 عاماً، بل لأنه كان في قلب كل إنسان عرفه أو تلمس سياسته.
وصفه البعض بأنه داهية ومجدد في صفوف اليمين الديغولي وأحزاب الوسط. واشتهر بانتهاجه ما يسمى بـ"سياسة فرنسا العربية". وتوالت مواقفه الإنسانية على مر سنواته، نذكر منها زيارته للقدس المحتلة في 22 أكتوبر 1996؛ حيث انتفض بقوة ضد الجنود الإسرائيليين المرافقين له بعد خروجه من كنيسة القيامة، قاصداً زيارة المسجد الأقصى وتدافع معهم لأنهم منعوه من التحدث إلى فلسطينيين كانوا يرغبون في مصافحته. ووصل غضبه إلى حد أنه هدد بقطع زيارته إلى إسرائيل والعودة إلى باريس على الفور.
هذه المواقف ومواقف أخرى زادت من شعبيته عربياً، وكذلك موقفه من الحرب الأمريكية على العراق في عام 2003. فقد كان الزعيم الأوروبي الوحيد الذي قاد جبهة المعارضة الدولية للغزو الأمريكي للعراق، متحدياً الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن. ولم يهتم بالعلاقات مع الولايات المتحدة رغم جبروتها لأنه كان ضد فكرة الحرب على العراق مبدئياً، ومقتنعاً بنتائجها الكارثية، لذك بعث بوزير خارجيته آنذاك دومينيك دوفيلبان إلى الأمم المتحدة، ليخوض معركة دبلوماسية شرسة ضد دعاة الحرب على العراق. وانتقد الدول الأوروبية التي ساندت الحرب، مما أدى إلى جعله هدفاً لحملات إعلامية قوية في وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية.
واشتهر الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك بعلاقاته المتينة مع عدد من الزعماء والقادة العرب، وعلى رأسهم الملك المغربي الراحل الحسن الثاني؛ حيث كان صديقه الشخصي، وقيل أنه أوصى الراحل برعاية نجله الملك الحالي محمد السادس قبل وفاته بقليل. وبقي صديقاً كبيراً للمغرب وأقام فيه بشكل منتظم في السنوات الأخيرة، وعاش في مدينتي أغادير وورزازات في الجنوب لطقسهما المناسب لحالته الصحية. كما ارتبط شيراك بصداقة متينة مع مؤسس الإمارات العربية المتحدة الشيخ زايد وأيضاً بالعائلة السعودية الحاكمة، خصوصاً الملكين الراحلين فهد بن عبدالعزيز وعبدالله بن عبدالعزيز. واهتم كثيراً بلبنان، وربطته علاقة صداقة مع رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وتألم كثيراً لحادث اغتياله، جعله يضاعف جهوده في المحافل الدولية من أجل إنهاء الوصاية السورية على لبنان، ووقف إلى جانب ياسر عرفات ونيلسون مانديلا.
لا بد لنا في هذا السياق أن نذكر صفتين تمتع بهما الرئيس الفرنسي الراحل، وهما: كونه كاتباً كبيراً حيث ألف ستة كتب؛ منها "خطاب لفرنسا في لحظة الاختيار"، و"بصيص من الأمل: تأملات في المساء من أجل الصباح"، و"فرنسا للجميع"، بالإضافة إلى كتاب "كل خطوة ينبغي أن تكون هدفاً"، وهو عبارة عن سيرة ذاتية، تحدث فيه عن أصول عائلته وحياته الاجتماعية والسياسية. سيذكره التاريخ كلاعب أساسي في تاريخ فرنسا أنار طريقها في وجه الظلمات التي تحيط بعالمنا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة