الأمونيا في اليابان.. أكبر رهان للصناعة في مواجهة "الكربون"
سعت طوكيو إلى لعب دور مركزي في تمويل التحول نحو أشكال أنظف من الطاقة في آسيا، والترويج للأمونيا كمصدر للطاقة منخفض الكربون.
وضعت اليابان، التي تعتمد بشكل كبير على الفحم والغاز الطبيعي والنفط، هدفًا لتوليد 1% من إجمالي طاقة الكهرباء من الهيدروجين والأمونيا المشتركة بحلول عام 2030؛ ولهذه الغاية، كشفت الحكومة في يونيو/حزيران 2023، عن استثمار بين القطاعين العام والخاص بقيمة 15 تريليونا ين (104 مليارات دولار) لبناء سلاسل توريد الهيدروجين والأمونيا، بحسب ما ذكرته فايننشال تايمز.
ورغم أن اليابان تُعُّد من أوائل الدول في العالم التي وضعت استراتيجية وطنية للهيدروجين، وذلك خلال العام 2017، لكن منذ ذلك الحين، تخلفت اليابان عن تطوير اللوائح الخاصة باستخدام الهيدروجين. إلا أنها عادت وبقوة لتطوير إمكاناتها للاعتماد على الأمونيا كمصدر للطاقة منخفض الكربون.
- كوريا الجنوبية تستلم أول شحنة سعودية في العالم من الأمونيا الزرقاء
- الأمونيا الخضراء بمصر تستقطب "سكاتك" النرويجية.. 5 مليارات دولار
كما أن لطوكيو والشركات اليابانية الأخرى أيضًا طموحات لبيع تقنيات شركة IHI للصناعات الثقيلة إلى دول جنوب شرق آسيا، مثل إندونيسيا وماليزيا والهند، لمساعدتها على استبدال بعض الفحم بالأمونيا - وبالتالي تقليل انبعاثات الكربون من المحطات التي تعمل بالفحم دون إيقافها.
سباق على الوقود منخفض الكربون
تعلق الشركات اليابانية آمالها حاليًا على استخدام الأمونيا كوقود منخفض الكربون. ومن جانبه أشار "نوبوهيكو كوبوتا"، كبير مسؤولي التكنولوجيا في IHI، إلى أنه مُكلف بإعادة تحويل التكتل الصناعي الياباني البالغ عمره ما يقرب من 170 عامًا لعصر جديد من الطاقة الخضراء، بالإضافة إلى أن شركات "جنرال إلكتريك وميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" يقع عليها مسؤولية سباق الزمن؛ للتوصل إلى تقنيات جديدة يُمكن أن تقلل من انبعاثات الكربون الثقيلة، بما يتماشى مع أهداف المناخ.
تهدف IHI إلى إدخال توربينات غازية تعمل بالكامل بواسطة الأمونيا السائلة في عام 2025، وفي يناير/كانون الثاني 2023، وقعت مذكرة مع GE حول التعاون في التوربينات الغازية الكبيرة باستخدام الأمونيا بنسبة 100%. وأفادت أيضًا مؤخرًا إنها ستنفق حوالي 250 مليار ين على تطوير الأمونيا الخاصة بها، لإنشاء محرك أرباح جديد جنبًا إلى جنب مع أعمالها الرئيسة في المحركات الهوائية
تجدُر الإشارة إلى أنه من ناحية، لم يكتسب هذا الرهان الجريء على الأمونيا -مركب من الهيدروجين والنيتروجين غالبًا ما يستخدم في صناعة الأسمدة- سوى القليل من الجاذبية لدى المستثمرين في غياب أهداف ملموسة لمساهمتها في الأرباح؛ لكن المديرين التنفيذيين لـ IHI يرون أن نجاح تقنيتها سيكون له تداعيات أوسع على سياسة الطاقة في اليابان، وفي آسيا على نطاق أوسع.
هذا، ويُضيف "كوبوتا" أنه ليس من الضروري أن يكون استخدام الأمونيا هو الخيار الوحيد، لكنه يُعُّد إحدى الأدوات الرئيسة للتوجه نحو حيادية الكربون'، وبالتالي يُصبح الهدف المرجو هو الحصول على قبول اجتماعي لتوزيع أوسع للأمونيا.
مزايا استخدام الأمونيا
صرح المسؤولون التنفيذيون في IHI إن للأمونيا فوائد متعددة: فهي سائلة عند درجة حرارة 33 درجة مئوية تحت الصفر، بينما يحتاج الهيدروجين إلى التبريد إلى 253 درجة مئوية تحت الصفر ليصبح سائلاً. فضلًا عن جاهزية البنية التحتية بالفعل لشحن الأمونيا.
ومن جانبه أوضح "كوبوتا" أنه بالنسبة للنقل والتخزين لمسافات طويلة، تتمتع الأمونيا بفوائد اقتصادية أكثر من الهيدروجين؛ حيث إن الدافع -بالتأكيد- ليس إطالة أمد استخدام الوقود الأحفوري ولكن المساهمة في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قدر الإمكان.
وفي السياق ذاته، أشار "أكيهيكو نومازاوا"، المدير العام للمقر الرئيس لشركة IHI، إلى أن بعض أعمال الشركة الحالية -ذات الانبعاثات الكربونية الكثيفة- يُمكن أن تتقلص بشكل كبير في أقل من ثلاث سنوات. فعلى سبيل المثال، تولد غلايات الفحم ما يقل قليلًا عن 10% من عائدات الشركة السنوية. لكن المحللين يرون أن تقنيات الأمونيا الخاصة بـ IHI لم تثر حماس المستثمرين بنفس الطريقة التي أثارها تسويق الهيدروجين السائل.
لكن إدوارد بورليت، المحلل في شركة CLSA يضيف: لم يتم تسويق أو تصوير الأمونيا بالنسبة للهيدروجين بشكل فعال، وربما يوفر ذلك إمكانات، يمكن أن تكون من خلالها IHI الحصان الأسود للصناعات الثقيلة.
تحديات استخدام الأمونيا
فإن ترويج اليابان للهيدروجين والأمونيا كوقود نظيف واجه معارضة قوية من دول مجموعة السبع الأخرى في أبريل/نيسان 2023، عندما انتقد المسؤولون والجماعات البيئية سياستها لإطالة عمر البنية التحتية الحالية للوقود الأحفوري.
وعلى الرغم من أن الأمونيا نفسها لا تحتوي على الكربون؛ لكن إنتاجها يعتمد بشكل كبير على الوقود الأحفوري ولم يعد مجديًا تجاريًا بعد.
وفقًا لمجموعة الأبحاث Bloomberg NEF ، فإن المشاركة في إطلاق محطة للطاقة تحتوي على 20% من الأمونيا و80% من الفحم سوف ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون أكثر من توربينات الغاز ذات الدورة المركبة، والتي تستخدم على نطاق واسع لتوليد الكهرباء من الغاز؛ لكن من المتوقع أن يكون معدل الإشعال المشترك بنسبة 50% من الأمونيا أو أكثر، مكلفًا للغاية بحيث لا يمكن التنافس مع التقنيات الأخرى منخفضة الانبعاثات.
البديل الأمثل
يُعُّد البديل بالنسبة لليابان هو استيراد الأمونيا المنتجة في البلدان ذات مصادر الطاقة المتجددة الكبيرة، على الرغم من أن ذلك سيزيد من اعتمادها على الطاقة المستوردة وربما يشكل مخاطر أمنية اقتصادية.،
aXA6IDE4LjIxNy4yMzcuNjgg جزيرة ام اند امز