هيساهيتو والعرش الياباني.. مستقبل أقدم سلالة ملكية معلقة على ذكر واحد

في طقوس تخللتها تقاليد تعود إلى قرون، شهد القصر الإمبراطوري في اليابان الأسبوع الماضي احتفالات مهيبة بمناسبة بلوغ الأمير هيساهيتو، سن الرشد.
غير أن الاحتفالات أثارت في الوقت نفسه تساؤلات مصيرية حول مستقبل العرش الإمبراطوري وأقدم سلالة ملكية في العالم، وفقا لصحيفة «نيويورك بوست».
وريث العرش في مفترق طرق:
يعد الأمير هيساهيتو (19 عاما) الابن الوحيد لولي العهد الأمير أكيشينو، والثاني في خط الخلافة بعد والده، مما يجعله المرشح الأوفر لخلافة العرش الإمبراطوري مستقبلا.
لكن المعضلة تكمن في غياب أي وريث ذكر من بعده، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول إمكانية استمرار قاعدة «الوراثة الذكورية فقط»، التي جرى تثبيتها قانونيًا منذ أواخر القرن التاسع عشر.
عالم طبيعة في القصر الإمبراطوري
يدرس الأمير الشاب علم الأحياء في جامعة تسوكوبا، قرب طوكيو، حيث يبدي اهتماما خاصا بالحشرات، وبالأخص اليعاسيب. بل إنه شارك في تأليف ورقة بحثية حول التنوع البيئي لهذه الحشرات في حدائق قصر أكاساكا.
وفي مؤتمره الصحفي الأول مارس/آذار الماضي، عبر عن طموحه بمتابعة أبحاثه لحماية الحشرات في المناطق الحضرية.
أزمة خلافة تتفاقم
هيساهيتو هو ابن شقيق الإمبراطور الحالي نارهـيتو، الذي لديه ابنة واحدة فقط، الأميرة آيكو، المحبوبة على نطاق واسع بين اليابانيين. غير أن القوانين السارية تحرمها من وراثة العرش، إذ تقتصر الخلافة على الذكور.
ويُعتبر الأمير أكيشينو، والد هيساهيتو، آخر ذكر في العائلة بلغ سن الرشد عام 1985، فيما يبلغ الأمير هيتاتشي، ثالث الورثة المفترضين للعرش، 89 عامًا.
بذلك، يصبح مستقبل العرش محصورا بين الإمبراطور الحالي، وولي العهد، وهيساهيتو وحده، وهو ما يعكس هشاشة النظام القائم على الوراثة الذكورية في بلد يعاني من شيخوخة سكانية وتراجع معدلات المواليد.
ورغم أن اليابان عرفت ثماني إمبراطورات في تاريخها – آخرهن غوساكوراماتشي في القرن الثامن عشر – فإن أيًا منهن لم تُنجب وريثا للعرش. ومنذ عام 1889، ومع صدور الدستور الإمبراطوري، جرى تثبيت القاعدة التي تحصر الخلافة في الذكور فقط، قبل أن يُعاد تأكيدها في قانون البيت الإمبراطوري لعام 1947.
جدل سياسي وشعبي متجدد
محاولات إصلاح هذه الأزمة ليست جديدة؛ ففي عام 2005، أعدت الحكومة خطة للسماح بانتقال العرش إلى النساء، لكن ولادة هيساهيتو في العام التالي أوقفت تلك الجهود وعززت موقف للمحافظين والقوميين الرافضين لأي تعديل.
وفي 2022، أوصت لجنة حكومية بالمحافظة على مبدأ الوراثة الذكورية، لكنها اقترحت في الوقت نفسه السماح للأميرات بالاحتفاظ بمكانتهن بعد الزواج، إضافة إلى احتمال تبنّي أحفاد من عائلات ملكية منقرضة. غير أن الخلافات حول مصير أزواج الأميرات وأبنائهن عطّلت النقاش.
وفي مايو/أيار الماضي، دعت صحيفة يوميوري، ذات التوجه المحافظ، إلى تعديل عاجل لقانون البيت الإمبراطوري، بما يتيح منح الزوج والأبناء مكانة ملكية وفتح الباب أمام إمبراطورات في المستقبل، محذرة من خطورة الجمود السياسي على رمز وحدة اليابانيين.
رسائل سياسية
حملت طقوس بلوغ هيساهيتو الرمزية رسائل عميقة، حيث ارتدى الأمير الزي التقليدي وتوج بـ"كانموري" الأسود، ثم تنقل بعربة ملكية لتقديم الصلوات في أضرحة القصر.
وتسلم وسام الأقحوان الأعلى، أرفع الأوسمة اليابانية، قبل أن يلتقي بالإمبراطور ناروهيتو والإمبراطورة ماساكو. ومن المقرر أن تتواصل الاحتفالات بزيارات لمواقع دينية تاريخية، تختتم باستقبال رئيس الوزراء وكبار الشخصيات في مأدبة رسمية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMxIA==
جزيرة ام اند امز