تحركات فرنسية جزائرية مكثفة لبحث الأزمة الليبية
بعد لقاء تبون وماكرون في برلين، وزير الخارجية الفرنسي يزور الجزائر، الثلاثاء، لبحث الأزمة الليبية، وهي الزيارة الأولى منذ 2017.
تحركات دبلوماسية وسياسية مكثفة تقوم بها فرنسا والجزائر لبحث الأزمة الليبية، فبعد لقاء الرئيس الجزائري نظيره الفرنسي، الأحد، على هامش مؤتمر برلين حول ليبيا، يقوم وزير الخارجية الفرنسي بزيارة رسمية إلى الجزائر، لبحث الأزمة ذاتها.
وفي الوقت، الذي لم تصدر فيه وزارة الخارجية الجزائرية بياناً عن الزيارة، كشفت وكالة الأنباء الفرنسية، مساء الإثنين، عن قيام وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بزيارة إلى الجزائر، مشيرة إلى أن الوضع في ليبيا "سيطغى على أجندة زيارته ومباحثاته مع المسؤولين الجزائريين".
ولم توضح وكالة الأنباء الفرنسية مدة الزيارة أو تفاصيل أخرى عن الملفات العالقة بين البلدين، خاصة في العامين الأخيرين.
وتأتي زيارة وزير الخارجية الفرنسي بعد أول لقاء جرى بين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأحد، على هامش مشاركتهما في مؤتمر برلين الدولي حول الأزمة الليبية.
واكتفت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية بالكشف عن لقاء الرئيسين بـ"تقرير مقتضب" دون أن تعطي تفاصيل عن طبيعة المحادثات التي جرت بين الرئيسين، كما لم ينقل التلفزيون الجزائري الحكومي مشاهد للقاء، وكان واضحاً أنه تم بعيداً عن وسائل الإعلام.
غير أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقاطع فيديو أظهرت "تجاهل الرئيسين الجزائري والفرنسي بعضهما" بعد أخذ صورة جماعية لقادة الدول والوفود المشاركة في مؤتمر برلين.
وتعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي الأولى له منذ 2017، ومنذ استقالة بوتفليقة في أبريل/نيسان 2019 وما تبعها من تأزم للعلاقات بين البلدين؛ حيث اتهمت السلطات الجزائرية باريس نهاية مارس/آذار الماضي بـ"التخطيط مع شقيق بوتفليقة ورئيس جهاز المخابرات الأسبق الفريق محمد مدين ومسؤولين آخرين، للإطاحة بقيادة أركان الجيش"، وبـ"العمل على التدخل في الأزمة السياسية التي شهدتها البلاد لخلط أوراقها وفرض رئيس جديد موالٍ لها".
وعقب انتخاب عبدالمجيد تبون رئيساً للجزائر في 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، علق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالقول: "علمت بانتخاب تبون، وأدعوه للحوار مع الحراك"، الأمر الذي أثار حفيظة تبون، ورد عليه في ندوة صحفية مباشرة بعد إعلان نتائج الانتخابات بالقول أيضاً: "من حقه أن يسوق للبضاعة التي يريد في بلاده، وأنا انتخبني الشعب ولا أمثل إلا الجزائريين".
وأجرى وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بداية الشهر الحالي اتصالاً هاتفياً مع نظيره الفرنسي جون إيف لودريان، لبحث الوضع في ليبيا وفرص تجنيبها والمنطقة نذر حرب دق طبولها النظام التركي بعد قراره إرسال قوات عسكرية لدعم مليشيات السراج في طرابلس.
وشهدت الجزائر في الأسبوعين الأخيرين نشاطاً دبلوماسياً كثيفاً لبحث الأزمة الليبية، من خلال زيارة عدد من وزراء خارجية الدول الفاعلة، أبرزهم وزيرا خارجية مصر وإيطاليا ورئيس الوزراء الإيطالي، بالإضافة إلى رئيس ما يعرف بـ"حكومة الوفاق الوطني" الليبية ووزير الخارجية التركي، ووفد رفيع من الحكومة الليبية المؤقتة والجيش الوطني الليبي.
كما شارك الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الأحد، في مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا برعاية الأمم المتحدة، وكانت أول محطة خارجية له منذ تنصيبه رئيساً للجزائر في 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويقول المراقبون إن الجزائر باتت تتعامل بـ"حذر" مع الأزمة الليبية، حيث تنظر إلى الدورين التركي والفرنسي في ليبيا على أنهما "خطر على أمنها القومي وتهديد مباشر لحدودها"، الأمر الذي "حتم عليها البقاء على مسافة واحدة بين جميع الأطراف الليبية"، ودعت إلى تجنيب ليبيا والمنطقة التدخلات الأجنبية خاصة العسكرية منها.
كما تختلف الجزائر وباريس حول الدور الفرنسي ووجوده العسكري في منطقة الساحل الأفريقي خاصة في مالي، وتعتبر "قواعدها العسكرية في المنطقة ضغطاً على الجزائر وتشويشاً على دور الوساطة الذي قامت به منذ تسعينيات القرن الماضي بين الحكومة المالية والمتمردين في شمال البلاد".