عمائم الأقصى.. صرخة تعلو الحناجر في وجه بوابات إسرائيل
أربعة شيوخ بعمائمهم الحمراء يتقدمون صفوف المحتجين في منطقة باب الأسباط لإزالة البوبات الإلكترونية الإسرائيلية أمام الأقصى
"لا دخول من هذه البوابات".. هتاف صدحت به حنجرة الدكتور واصف البكري القائم بأعمال القضاة في القدس ليصبح إشارة الانطلاق لاحتجاجات فلسطينية مستمرة ضد بوابات فحص إلكترونية وضعتها الشرطة الإسرائيلية خارج مداخل المسجد الأقصى.
لربما كان الغالبية من الفلسطينيين في القدس الشرقية لا يعرفون البكري الذي تولى منصبه قبل أشهر، ولكنه سويا مع الشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية، والشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا، والشيخ عبد العظيم سلهب باتوا قادة الشارع المقدسي في مواجهة بوابات الفحص الإسرائيلية.
يمكن ملاحظة الشيوخ الأربعة من خلال عمائمهم الحمراء التي باتت تتقدم صفوف المحتجين في منطقة باب الأسباط، الجدار الشمالي للمسجد الأقصى.
ويتبع المجلس الأعلى للأوقاف ودائرة قاضي القضاة في القدس للحكومة الأردنية، فيما يتبع مجلس الإفتاء للسلطة الفلسطينية، أما الهيئة الإسلامية العليا فهي هيئة عامة تضم شخصيات دينية وسياسية واقتصادية بارزة في مدينة القدس.
وأقامت إسرائيل بوابات فحص إلكترونية في محيط المسجد الأقصى الأحد الماضي ضمن عدة إجراءات لتشديد الرقابة والتفتيش على المصلين والزوار، وذلك عقب هجوم القدس الذي وقع الجمعة الماضية وأودى بحياة 3 فلسطينيين واثنين من الشرطة الإسرائيلية.
وفي اليوم التالي لنصب البوابات الإلكترونية صدر عن أصحاب العمائم الأربعة بيان حمل للمرة الأولى صفة "المرجعيات الإسلامية في القدس"، وتضمن توجيهاً محدداً للفلسطينيين بألا يدخلوا المسجد الأقصى من خلال البوابات وأن يؤدوا الصلاة عند البوابات.
انتشر البيان بكثافة في صفوف المقدسيين الذين كانوا للمرة الأولى منذ عشرات السنوات يتلقون توجيهاتهم من جهة إسلامية، والتزموا به على نحو واسع وغير مسبوق.
وفي ساعات مساء ذلك اليوم كان المئات من الشبان الفلسطينيين يحملون الشيوخ الأربعة على الأكتاف في منطقة باب الأسباط، احتفاءً بهم واحتراما لهم.
ولربما لاحظت الشرطة الإسرائيلية الدور البارز لهؤلاء الشيوخ، فاعتقلت لعدة ساعات محمد حسين، واعتدت بالضرب على عكرمة صبري ما استدعى نقله إلى المستشفى.
ويقول الشيخ محمد حسين، إن "الهدف من هذه البوابات هو محاولة فرض سيادة إسرائيلية على المسجد الأقصى، ولذلك فإننا نرفضها ولا نقبل بوجودها ونطالب بإزالتها".
وأضاف:"الغرض من هذه البوابات سياسي ويأتي في سياق محاولة إسرائيل تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى".
ويتقدم الشيوخ الأربعة أو يؤم أحدهم جموع المصلين الذين يؤدون صلواتهم في منطقة باب الأسباط خارج المسجد احتجاجا على البوابات الإسرائيلية.
وبعد أن كانت تقتصر الاحتجاجات على عشرات المصلين، فقد أشارت تقديرات محلية فلسطينية إلى أن أعداد المصلين الذين أدوا صلاة العشاء، مساء أمس الأربعاء، في باب الأسباط، وصلت إلى ما بين 4-5 آلاف مصل.
ويعقد الشيوخ الأربعة مؤتمراتهم الصحفية في مقر المحكمة الشرعية في حي وادي الجوز بالقدس الشرقية وليس في فنادق كما درجت العادة للقادة السياسيين بالمدينة.
ويتواجد ممثلون لفصائل فلسطينية أبرزها (فتح) و (حماس) في هذه المؤتمرات، ولكن فقط هم الشيوخ من يتحدثون ويصدرون التوجيهات للسكان في معركة إزالة البوابات الإلكترونية.
ورأى صبري أن ما يجري هو "تعبير عن إجماع"، وقال لبوابة العين الإخبارية إنها "خطوة سليمة وهذا ما يجب أن يكون في مدينة القدس، سيما في ظل الفراغ السياسي القائم في المدينة".
وأضاف: "المرجعيات الإسلامية في القدس تقوم الآن بالواجب في الدفاع عن المسجد الأقصى ومدينة القدس المحتلة".
وقد كان الفلسطينيون في مدينة القدس أبدوا على مدى سنوات طويلة احتجاجاتهم على عدم وجود قيادة لهم في مدينة القدس، سيما بعد رحيل القيادي فيصل الحسيني عام 2001.
وقال الأكاديمي الفلسطيني د.مهدي عبد الهادي لبوابة العين: "ما يجري هو إعادة إحياء للمرجعية الدينية في مدينة القدس وهذا أمر مهم للغاية".
وتابع: "الشبان حملوهم على الأكتاف وهم يتحدثون بشكل متواصل إلى السكان، والأهم هو أن كلمتهم مسموعة ومحترمة، وهو تطور لافت في المدينة".
وحتى الآن تقتصر توجيهات أصحاب العمائم على ما يتعلق بالتطورات في المسجد الأقصى، ولكن هذا الأمر تحديداً هو ما يشغل كل السكان في المدينة.
وتستعين المرجعيات بآراء أكاديمين بشأن التطورات وبشأن سبل التواصل مع القناصل الأجانب في القدس لشرح الوضع في المدينة.
وعُلم في هذا الصدد، أن محاولات جرت منذ سنوات لتشكيل هذه المرجعية ولكنها لم تر النور إلا في الأسبوع الماضي.
وفي توجيه جديد طلبت المرجعيات من السكان إغلاق مساجد القدس والصلاة في المسجد الأقصى يوم الجمعة، وفي حال أبقت إسرائيل على البوابات تتم الصلاة في الشوارع.
وقال الشيخ صبري"الدعوة هي لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى وإغلاق المساجد الفرعية في مدينة القدس، وفي حال عدم التمكن من الدخول إلى المسجد الأقصى دون بوابات فتتم الصلاة في الشوارع".
وظاهرة العمائم ليست بالجديدة على الشعب الفلسطيني، فالعديد من القادة الفلسطينيين كانوا يلبسونها، وأبرزهم الحاج أمين الحسيني، المفتي العام الأسبق للقدس وفلسطين، والشيخ عبد الحميد السائح، الرئيس الأسبق للمجلس الوطني الفلسطيني.
aXA6IDMuMTQuMjQ2LjUyIA== جزيرة ام اند امز