تبقى السعودية منذ أن وعينا على الدنيا وفلسطين هي قضية ملوكها حتى يومنا هذا،
القدس ما زالت أسيرة في أيدي البغاة الطغاة العداة، فكلما تعرضت لعارض أو بأس ندعو الله أن يفك أسرها ويقرب تحريرها، وتعتصر قلوبنا حسرة على ما جرى لها ويجري من هؤلاء الصهاينة المعتدين فقضيتها قضيتنا ومصابها مصابنا وهمها همنا وانتفاضتها في قلوبنا، فالمسجد الأقصى أولى القبلتين، الذي ارتبط ارتباطا أزليا بإيماننا وروحيا بتاريخنا هو قضيتنا وسيبقى قضية كل مسلم وعربي.
كلنا نعلم أن السعودية رائدة بمبادرتها الإيجابية القوية التي تؤكد ثبات مواقفها في حفظ حق الفلسطينيين في أرضهم وقضيتهم بكل أمن وسلام دون مزايدات إعلامية أو تصريحات صحفية أو معارك إلكترونية، وأنها لم ولن تتخلَّى عن واجباتها وثوابتها تجاه قضية كل المسلمين والعرب.
ما يجب على الشعوب العربية والإسلامية أن تعلمه؛ أن مواقف دول الخليج السياسية والشعبية تجاه القدس هي مواقف أصيلة وثابتة، ففي الوقت الذي انكشفت فيه أقنعة الكثير من الدول كانت دول الخليج بثوابتها ومكانتها وعلاقاتها أكبر من حسابات الخونة المتاجرين والمتسلقين
السعودية لم ولن تكون في يوم من الأيام ظاهرة صوتية في أوقات الأحداث والأزمات، بل كانت وما زالت صاحبة أفعال مشهودة وجهود مبذولة بوعي وحكمة وعقل رشيد، وتسعى على الدوام إلى أن يتحدث العالم عن أفعالها وليس أقوالها، وتتحمل في سبيل ذلك الكثير من العمل والصبر لتحقيق أهدافها بلا ضجيج أو تسلّق على الأزمات أو تردد في اتخاذ القرارات، وهي من الثوابت التي لا تقبل الجدل، وهو الأمر المتأصل والمتجذر في سياستها، فهي لا تزال صاحبة الريادة في تبني قضايا العرب والمسلمين والدفاع عنهم ونصرتهم قولاً وعملاً.
تبقى السعودية منذ أن وعينا على الدنيا وفلسطين هي قضية ملوكها حتى يومنا هذا، وستبقى الهم الأول لهم، وأفعالهم هي أكثر صدقاً ممن يتاجرون بالقضية بالإعلام، فهي أكثر دولة على مر التاريخ دعمت القضية عبر قيادتها وشعبها، وفي كل قمة عربية تؤكد ثبات موقفها في إقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.
هي لا تزايد ولا تساوم ولا تناور في تحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية، وهو المبدأ الذي تسير عليه دبلوماسيتها ولا تزال وتسعى إلى تحقيقه وليس لاستغلالها لمشروعات سياسية وأجندات أيديولوجية أصبحت مكشوفة، فالمبادئ لا تتجزأ ولا تتغيّر ولا تُمليها المصالح غير السوية.
لهذا نجد أن المملكة ممسكة بالثقل الإسلامي وبمسؤولياتها الدينية والعربية تبادر في حل الأزمات التي تمر بها المنطقة وتضع ثقلها لنصرة قضايا الإسلام وألا تجامل في سبيل ذلك، فهي لم توقف دعمها السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لفلسطين حتى مع انشغالها في الأزمات المجاورة لها، واستمرت على دعمها الثابت للقضية، ولم تدع سبيلا لتحقيق الوحدة وتوحيد الصف بين الفصائل الفلسطينية إلا وسلكته، وما دعوتها لاجتماع طارئ لوزراء خارجية الجامعة العربية لتوحيد الجهود واتخاذ ما يلزم من إجراءات عاجلة لحماية الشعب الفلسطيني إلا تأكيد لذلك ويكفيها فخراً وكرامة أنها الدولة الوحيدة في العالم التي التزمت التزاماً كاملاً لمشروع الأمة باجتثاث الكيان الصهيوني برمّته ولَم تراوغ أو تطبّع أو تسهّل لعلاقات مشبوهة.
لكن السيناريو الذي وضعه المرتزقة من المتاجرين بالقضية، بالضحك على بعض المُغرر بهم من بعض أبناء الشعب العربي، من خلال مسرحيات وفبركات هزيلة لا علاقة لها بالأخلاق والشيم، ما أسهم في أن يجعلهم لا يَرَوْن الدور الذي تقوم به السعودية ودول الخليج لخدمة القضية باستثناء دور حماس وقطر وحزب اللات وأردوغان وإيران، بفضل الإعلام المؤدلج الإخواني وإعلام حزب الممانعة، الذي يراهن على إسقاط الدور الخليجي عن قصد لدعم القضية.
لا شك أن مظاهر الاستخفاف بالدور الخليجي والعربي لدعم القضية كانت نتيجة عمل مؤدلج من المتاجرين بالقضية ومن بعض المنزعجين من جهودهم لخدمة المسجد الأقصى، فهم يتاجرون بالقضية لأغراض أخرى لا علاقة لها بفلسطين، فهم ضررهم أكثر من نفعهم وما أكثرهم هذه الأيام على امتداد وطننا العربي والإسلامي وهم آخر من يتكلم عن القضية.
لذا أرى أن مَن يعتقد أن تركيا وقطر وحماس وحزب اللات وإيران يعملون لصالح الشعب الفلسطيني أو يدافعون عن قضية فلسطين فعليه اللجوء فورا لأقرب طبيب للعلاج من حالة اللاوعي التي يعيشها، لا سيما بعد أن كانوا سببا مباشرا في الانقسام الفلسطيني، والتزموا ببناء مستوطنات للصهاينة، ثم بالتزامهم بجعل سيناء وطناً للفلسطينيين عوضاً عن وطنهم.
ما يجب على الشعوب العربية والإسلامية أن تعلمه؛ أن مواقف دول الخليج السياسية والشعبية تجاه القدس هي مواقف أصيلة وثابتة، ففي الوقت الذي انكشفت فيه أقنعة الكثير من الدول كانت دول الخليج بثوابتها ومكانتها وعلاقاتها أكبر من حسابات الخونة المتاجرين والمتسلقين.
إن قضية فلسطين ونقل السفارة موجهة إلى المسلمين جميعاً والمجتمع الدولي الذي يولول ويصيح ويتظاهر بالرحمة والشفقة، ولا يأبه لملايين يموتون بسلاح صهيوني.
إن مأساة فلسطين يتحملها المجتمع الدولي بسبب وعد بلفور وتآمر الغرب والشرق ضد مصالح الفلسطينيين والعرب، فعدونا لا يؤمن إلا بالقوة وأمتنا في مجموعها قوة والإجماع هو رأس هذه القوة.
لهذا تحرير فلسطين يجب أن يبدأ من داخل فلسطين ومن قبل الفلسطينيين أنفسهم بمصالحة عاجلة بدون قيد أو شرط، ثم من المحتم بعد ذلك وفي هذه الظروف العصيبة أن ننطلق لدعم ونصرة الأخوة بكل ما تيسر من سُبُل وتعبئة لجميع الإمكانيات في مسار اتخاذ الإجراءات المناسبة في مسار دعم القضية، وعدم التسويق لأكاذيب أو الانتقاص أو الاستهزاء والاستخفاف بالجهود التي بُذلت وستُبذل لخدمة القضية، وسيكون رهاننا بعد الله على الشعوب المؤمنة بالقضية ومؤمنة بحق الشعب الفلسطيني المغلوب على أمره.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة