إسرائيل تفصل أحياء فلسطينية عن القدس لإعلانها "أكثرية يهودية"
سلطة الاحتلال تستعد لحسم معركة القدس "ديمغرافيا" بعد أن فرضتها "جغرافيا"، بعزل الكثير من السكان عن المدينة
طرح الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، خطوة جديدة لتقليص عدد السكان الفلسطينيين في القدس بتفكيكها، وإخراج أحياء ذات كثافة فلسطينية خارج الحدود الجديدة التي تصنعها للمدينة.
ويرى الفلسطينيون في هذه التحركات التي تكتسب زخما في الأسابيع الأخيرة، عملية "تطهير عرقي" تستهدف إيجاد أغلبية يهودية في المدينة.
وتشير تقديرات شبه رسمية إسرائيلية إلى أن ما لا يقل عن 316 ألف فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية، ويشكلون 39 بالمئة من عدد السكان في المدينة بشطريها الشرقي والغربي.
وكانت الجهود الإسرائيلية لتحويل الفلسطينيين إلى أقلية ضئيلة في القدس باءت بالفشل رغم سلسلة من القرارات نفذتها إسرائيل في المدينة منذ الاحتلال الإسرائيلي 1967.
ولكن في السنوات الأخيرة نشطت إسرائيل في اتخاذ خطوات للإسراع بإجبار الفلسطينيين على مغادرة المدينة، ومنها مصادرة الأرض وإقامة المستوطنات وتقنين رخص البناء الممنوحة للفلسطينيين مع تصعيد عمليات هدم المنازل في المدينة بداعي عدم الترخيص مرورا بسياسة سحب الهويات، وصولا إلى إقامة جدار الفصل لعزل أحياء ذات كثافة سكانية عن المدينة.
وقال زياد الحموري، مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، لـ"بوابة العين" الإخبارية، إنه "بعد فشل سلسلة السياسات الإسرائيلية للحد من أعداد الفلسطينيين لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى بحث إخراج أحياء فلسطينية وعزلها عن مدينة القدس.
وبدأت هذه السياسات الحكومة والآن تدعمها أحزاب في المعارضة.
وأضاف الحموري أن "هناك قرابة 120-150 ألف فلسطيني في الأحياء المقدسية التي عزلها الجدار عما يسمى بلدية القدس، وتريد إسرائيل إخراجهم وضم مستوطنات مقامة على أراضي الضفة الغربية في محيط القدس إلى المدينة بهدف إيجاد أغلبية يهودية مطلقة.
ولا ينفي المسؤولون الإسرائيليون هذه المخططات؛ فبعد تأجيل مشروع قانون "القدس الكبرى" الذي تقدم به قادة من حزب "الليكود" بحثت اللجنة الوزارية الإسرائيلية لشؤون التشريع، اليوم الأحد، مشروع قانون آخر يقضي بعزل أحياء مقدسية دون ضم مستوطنات.
وتقدم بمشروع القانون النائب في حزب "المعسكر الصهيوني" المعارض، يوئيل حاسون، ويقضي بإخراج أحياء مقدسية من بينها شعفاط والعيسوية وجبل المكبر وبيت حنينا وصور باهر وكفر عقب ومخيم شعفاط وعناتا من مدينة القدس.
وقال "حاسون" إن مشروع القانون الذي تقدم به "يرمي الى الحفاظ على أغلبية يهودية في القدس".
وبرر ذلك بأن "عدد السكان العرب في القدس ازداد في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ، ففي عام 1967 بلغ عدد السكان العرب في القدس 26 بالمئة من المجمل الكلي لسكان في المدينة، إلا أن النسبة اليوم ارتفعت إلى قرابة 40 بالمئة".
واعتبر حاسون أن الزيادة في أعداد السكان الفلسطينيين في القدس "تسبب مشاكل أمنية".
وأشار الحموري إلى أن "إسرائيل، حكومة ومعارضة، تتفق على الحاجة إلى إخراج أحياء مقدسية، وتسليمها إما للجيش الإسرائيلي أو السلطة الفلسطينية، ويتم التركيز على الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية".
وعن إمكانية تنفيذ هذا المخطط، قال إن "وجود أغلبية مؤيدة لمثل هذا التوجه في الكنيست الإسرائيلي تجعل فرص تمرير القوانين عالية جدا؛ فعمليا المعارضة تأتي فقط من القائمة العربية المشتركة وحزب ميرتس اليساري الإسرائيلي".
ويتفق خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية، في تصريح لـ"بوابة العين" الإخبارية مع ما ذهب إليه الحموري.
وقال: "في مطلع السبعينيات تبنت الحكومة الإسرائيلية قرارا بأن لا تزيد نسبة السكان الفلسطينيين في القدس، بشطريها الشرقي والغربي، على 20 بالمئة، وفي السنوات الماضية تم تبني قرار بأن لا تزيد هذه النسبة على 12 بالمئة، وهذا ما يجري العمل عليه الآن".
وأضاف" تهدف الحكومة الإسرائيلية إلى منع أي إمكانية لإقامة عاصمة للدولة الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية ولذلك فهي تعمل على تحويل الأحياء الفلسطينية المقدسية إلى جزر صغيرة متناثرة وسط بحر من الاسرائيليين".
وعلى هذا الأساس فإن المعركة الحالية "ديموغرافية" وفق التفكجي "فبعد أن حسمت إسرائيل المعركة الجغرافية من خلال مصادرة أجزاء واسعة من مدينة القدس وإقامة مستوطنات عليها وتخصيص مناطق أخرى كمناطق خضراء يمنع البناء الفلسطيني عليها، فإنه يجري العمل لحسم معركة القدس ديمغرافيا بإخراج أحياء من المدينة".