جبريل إبراهيم.. مخلب قطر لنسف التوافق السياسي بالسودان
خبراء يؤكدون لـ"العين الإخبارية" أن لقاء جبريل بالسفير القطري في إثيوبيا كان لتلقي التوجيهات؛ لإفساد اتفاق قوى الحرية والتغيير.
أسقطت الثورة السودانية في 11 أبريل/نيسان الماضي رأس النظام الإخواني بعد 30 عاما من الحكم، بيد أن بقايا النظام البائد ما زالت تتحرك في المشهد بأثواب مختلفة.
زعيم حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، أحد هؤلاء الذين يتحركون الآن من داخل قوى الحرية والتغيير، وهو التحالف الذي قاد الثورة حتى نجاحها.
وكاد الرجل أن يفسد اتفاق السودانيين خلال الاجتماعات المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير، حينما عقد لقاء مع قادة مخابرات قطرية بسفارة الدوحة بأديس أبابا على مائدة عشاء.
لكن فطنة السلطات الإثيوبية أحبطت المخطط القطري الخبيث، بعد استدعاء جبريل إبراهيم والتحقيق معه وإعطائه تحذيرات شديدة اللهجة.
وحسب خبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، فإن لقاء جبريل بالسفير القطري في إثيوبيا كان لتلقي التوجيهات لإفساد الاتفاق الذي كان متوقعا الوصول إليه بين مكونات قوى الحرية والتغيير، "المسلحين والمدنيين".
كان جبريل إبراهيم عضوا ملتزما في صفوف الحركة الإسلامية السياسية -فرع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين- قبل أن يشكل شقيقه وآخرون حركة تمرد مسلحة في دارفور، ليتحول نشاطه بعدها إلى صفوف حركة العدل والمساواة.
ولطالما اتهمت حركة العدل والمساواة بأنها الجناح المسلح لحزب المؤتمر الشعبي الذي أسسه زعيم الحركة الإسلامية السياسية بالسودان، الراحل حسن الترابي، واستخدامها وسيلة ضغط على إخوانه الذين أبعدوه من السلطة.
ولم يكن جبريل معروفا لمقاتلي حركة العدل والمساواة حينما كانت تحت قيادة شقيقه الراحل خليل إبراهيم، لأنه كان بعيدا عن ميادين القتال وعن السودان عموما، ولكن عقب مقتل شقيقه في صيف عام 2011، جاء جبريل من الخارج وارتدي "الكدمول" -قناع يضعه المتمردون على وجوههم- ليخلف شقيقه على زعامة الحركة.
ومن يومها لم تنقطع علاقته بدولة قطر، حيث ظلت على اتصال معه بطريقة أو بأخرى، وآخرها كان العشاء الذي جمعه بالسفير القطري بإثيوبيا.
ويؤكد المحلل السياسي حسن فاروق في حديثه لـ"العين الإخبارية" أن حركة العدل والمساواة برئاسة جبريل إبراهيم، هي في الأصل الجناح العسكري للحركة الإسلامية السياسية منذ أن أسسها الترابي في عام 2002 بدارفور، لاستخدامها كارت ضغط على إخوته الذين أبعدوه من السلطة، في إطار الصراع على الكراسي.
وأضاف: "وما زالت الحركة عقب مقتل رئيسها خليل، وتولي شقيقه جبريل رئاستها، تسير على ذات النهج، وظلت تمثل الذراع العسكرية للحركة الإسلامية السياسية.
وأوضح أن المشهد الآن يؤكد أن وجود جبريل إبراهيم على رأس حركة العدل والمساواة، سيحولها إلى كارت جديد يستخدمه المؤتمر الشعبي -حزب الترابي الذي أسسه عقب مفاصلته مع البشير- في المرحلة المقبلة من الصراع السياسي في السودان، خاصة بعد عزل المؤتمر الشعبي من المشاركة في الفترة الانتقالية باعتباره أحد المشاركين مع النظام البائد حتى لحظة سقوط البشير.
وذكر أن العشاء الأخير لجبريل إبراهيم مع السفير القطري في إثيوبيا يدلل على أن الحركة على ارتباطها القديم مع دولة قطر، وهو ما يجعلها بعيدة عن مشاكل وهموم دارفور.
وأضاف فاروق: "سيظلون كجسم عسكري وسياسي مع قوى الحرية والتغيير لكنهم في ذات الوقت يمثلون رؤية المؤتمر الشعبي والإخوان".
ويحفظ المتابعون للمشهد السوداني سخرية جبريل إبراهيم، وتقليله من الثورة السودانية حينما كانت في بواكيرها ولم تصل إلى مرحلة إسقاط النظام بعد.
وتحدث جبريل يومها في تسجيل صوتي مسرب بطريقة متعالية مستخفة بالثورة والثوار الموجودين يومها في ساحة الاعتصام، وكانوا يواجهون رصاص مليشيات الإخوان المعروفة بكتائب الظل.
خط سياسي مشترك
يقول الخبير المهتم بشأن الحركات المسلحة بالسودان، علاء الدين بابكر، لـ"العين الإخبارية": إن جبريل إبراهيم هو واحد من أبرز قيادات الحركة الإسلامية السياسية، وهو كذلك جزء من مؤسساتها الاقتصادية وأحد منظريها.
وأضاف: "لم تنقطع صلته بالحركة الإسلامية -الشق المعارض "المؤتمر الشعبي"- ولو من خلال الخط السياسي المشترك".
وأكد أن وجود مجموعة تستند إلى مرجعية إخوانية سيؤثر على مستقبل الشراكة؛ لأن هدف قوى الحرية والتغيير الوصول إلى دولة مدنية بمؤسسات مستقلة ذات سيادة، بينما الإخوان بقراءة لمواقفهم في السودان والمحيط من حولنا لا يؤمنون بأي تحول لا يضعهم في كراسي السلطة.
وذكر بابكر أن جبريل إبراهيم يشترك مع دولة قطر في التوجه والفكر الإخواني، مضيفاً: "ودعوة العشاء التي كانت بأديس أبابا يمكن أن تكون في ظاهرها عشاء، لكن في الواقع أن قطر تبحث عن دور للإخوان في المنطقة عبر جبريل".
وتابع: "وارد جدا استخدام جبريل من إخوانه القدامى لتمرير أجندتهم إذا ما وضع في موقع قيادي؛ لأنه لا يستطيع أن يتحرر من مرجعيته الإخوانية، وهذا واضح في سياساته وتصريحاته، والتسجيل الأخير المسرب له تحدث عن صعوبة التخلص من الحركة الإسلامية السياسية بهذه البساطة، بالرغم من سقوط النظام".
aXA6IDE4LjIxOC4xMDguMjQg جزيرة ام اند امز