جو بايدن.. كيف كان عامه الأول بالرئاسة الأمريكية؟
عندما تولى منصب الرئيس الـ46 للولايات المتحدة الأمريكية، أعلن جو بايدن أن صعوده كان "انتصارا لقضية الديمقراطية".
وخلال حديثه أمام بلد منقسم في ظل جائحة كورونا، بعد أسابيع فقط على شغب الكابيتول، في يناير/كانون الثاني الماضي، تعهد بايدن بإعادة الوحدة وتحقيق "أمور عظيمة".
وقال: "يمكننا تصحيح الأخطاء. يمكننا أن نضع الناس للعمل بوظائف جيدة. يمكننا تعليم أطفالنا في مدارس آمنة. يمكننا التغلب على هذا الفيروس المميت".
وبعد مرور عام على رئاسته، استعرضت هيئة الإذاعة البريطانية التقدم الذي حققه بايدن، وموقف الشعب الأمريكي منه.
شعبية بايدن
بالرغم من السباق الرئاسي المرير، بدأ بايدن فترة ولايته بنسبة تأييد 56% على أدائه، بحسب موقع الاستطلاعات " RealClearPolitics"، وحصوله على أكثر من 80 مليون صوت، أكثر من أي رئيس آخر.
لكن خلال عامه الأول، بدأت حظوظه تتراجع؛ عندما بدأ نجمه يخفت في الوقت الذي تعرض فيه لانتقادات حادة عند سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وانتشار المتحور "دلتا".
ومنذ هذا الوقت، تراجعت معدلات تأييده أكثر حيث واجه صعوبة في الوفاء بالوعود التي قطعها خلال حملته الانتخابية المتعلقة بكبح الجائحة واستعادة الرخاء للأسر العاملة.
ومقارنة بالرؤساء الآخرين، كان العام الأول لدونالد ترامب محبطا أكثر؛ حيث تراجعت معدلات شعبيته من 45% يوم تنصيبه إلى 35% بعدها بعام، بحسب مؤسسة "غالوب".
أما رئيس بايدن السابق، باراك أوباما، بدأ بنسبة مرتفعة حوالي 70% عندما تولى المنصب لتتراجع بعدها بعام إلى 50%. وبدأ جورج دبليو بوش رئاسته بوضع مشابه لبايدن، بنسبة شعبية حوالي 60%، لكنها زادت إلى حوالي 90% بعد 11 سبتمبر/أيلول.
السيطرة على الجائحة
أوضح بايدن، الذي يقول إنه يحمل في جيبه بطاقة تضم عدد الأمريكيين الذين توفوا جراء الفيروس، أن التصدي للجائحة يتصدر أولوياته.
وكان المحور الأساسي لخطته المتعلقة بـ"كوفيد" هو حملة تطعيم واسعة النطاق وزيادة كبيرة في الفحوصات.
وخلال عامه الأول، وسع نطاق إتاحة اللقاح، وحاليا، حوالي 75% من الأمريكيين تلقوا جرعة واحدة على الأقل، و63% تلقوا جرعاتهم كاملة.
كما أصبح الأطفال دون خمسة أعوام مؤهلين لتلقي اللقاح منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وتم توزيع 80 مليون جرعة تنشيطية للمساعدة في الحماية من "أوميكرون"، وأصبحت الفحوصات المنزلية السريعة متاحة للطلب هذا الأسبوع.
الاقتصاد الأمريكي
بالنسبة إلى كثير من الأمريكيين، فإن المشكلة الأولى التي تواجه البلاد هي الاقتصاد.
وعندما تولى بايدن الرئاسة، أبطأت الجائحة النمو الوظيفي وواجهت الولايات المتحدة مشاكل البطالة بسبب الإغلاق.
وانتعشت حالة التوظيف إلى حد ما العام الماضي، مع إضافة 6.4 مليون وظيفة، وبالرغم من أن إجمالي معدلات الوظائف لا يزال أقل من مستوى ما قبل الوباء، انخفض تعداد العاطلين عن العمل إلى أدنى مستوى له منذ 50 عامًا.
وبدلًا من ذلك، ظهرت رياح اقتصادية أخرى معاكسة؛ حيث ترك ملايين الأمريكيين وظائفهم.
وبالرغم من أن هذا يظهر الثقة في سوق العمل، تواجه بعض الصناعات الآن مشكلة نقص في العمالة، ما يساهم في مشاكل سلاسل الإمدادات العالمية ويؤجج زيادة التضخم.
وارتفعت أسعار الاستهلاك بالبلاد بنسبة 7% من ديسمبر/كانون الأول 2020 – 2021، أكبر زيادة منذ الثمانينيات.
إصلاحات الهجرة
كانت من بين الوعود التي قطعها بايدن هي إنهاء فصل عائلات المهاجرين واحتجاز الأطفال على الحدود، وهي سياسة للرئيس السابق دونالد ترامب أغضبت اليسار.
وأوفى الرئيس بوعده بشأن إنهاء ما يسمى بسياسة "صفر تسامح"، وانخفض عدد القصّر بمراكز الاحتجاز.
لكن منذ توليه المنصب، شهدت الولايات المتحدة تدفقا للمهاجرين خلق أزمة جديدة.
ففي 2021، اندلعت حوالي 2 مليون مواجهة بين المهاجرين وقوات حرس الحدود الأمريكية.
ولاتزال الإصلاحات طويلة الأمد بعيدة المنال، حيث تعثرت خطة بايدن لتقنين وضع ما يقدر بـ11 مليون شخص بدون وثائق في الولايات المتحدة داخل الكونجرس، وفشل في تغيير السياسة من عهد ترامب التي جعلت المهاجرين ينتظرون في المكسيك أثناء سماع قضاياهم في الولايات المتحدة.
إنجازات بايدن
تمكن بايدن من تحقيق بعض النجاح المبكر، بتمرير خطة الإغاثة في مارس/آذار الماضي، كما عمل على إعادة الولايات المتحدة لاتفاق باريس للمناخ، ووفر 100 مليون جرعة لقاح لـ50 مليونا خلال 100 يوم.
وقت عصيب
لكن وفي السياق ذاته، اعتبرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أنه بعد فوز بايدن بعدد أصوات أكثر من أي مرشح رئاسي آخر في التاريخ الأمريكي، إلا أنه وبعد مرور 12 شهرا فقط، أحد أكثر الرؤساء الذين لا يحظون بشعبية في البلاد.
وعلى مدار شهور، تراجعت معدلات شعبية بايدن إلى ما بين منتصف الأربعينيات وأقل، مع متوسط معدل تأييد 42%. وأظهر استطلاع أجرته جامعة كوينيبياك الأسبوع الماضي تراجع النسبة إلى 33%.
ورأى محللون سياسيون أن أحجية عدم شعبية بايدن بها العديد من القطع، ومن الصعب تحديد الجزء الذي يمكن السيطرة عليه.
وأشارت "الجارديان" إلى أن بايدن جاء إلى المنصب بطموحات سامية: وعد بالتخلص من تهديد الفيروس المميت، ودخول حقبة جديدة من الحكم سريع الاستجابة والحزبي في واشنطن.
وبعد عام، لازال بايدن يواجه جائحة مستمرة، وأمة لازالت منقسمة، وحزب جمهوري لازال يحتضن "الكذبة الكبيرة" القائلة إن "دونالد ترامب فاز في انتخابات 2020"، بحسب الصحيفة.
وقال بيل جالستون، مستشار السياسة بالبيت الأبيض في عهد الرئيس كلينتون، إنه: "عندما يخيب رئيس التوقعات، فهذه مشكلة."
ولاحظت سارة لونجويل، الخبيرة الإستراتيجية الجمهورية المناهضة لترامب، تراجع تأييد بايدن بين الناخبين في مجموعات المناقشات التي نظمتها العام الماضي.
وعندما طلب تقييم العام الأول لبايدن في الرئاسة، أعطاه كثير من الناخبين الذين تحدثت معهم درجات: "سي"، التي تشير لأداء مرضي، و"دي"، التي تشير إلى أداء أقل من المرضي، و"إف"، التي تشير إلى أداء غير مرض.
وقالت لونجويل، إن الدرجات ليست انعكاسا لبايدن، ولكن للاستياء المشترك مع دخول الجائحة عامها الثالث واستمرار تزايد التضخم، مضيفة: "هناك عنصر لا علاقة له ببايدن. إنه فقط وقت عصيب".