بايدن وزيارة كييف وانتخابات 2024.. هل يتعافى مؤشر الشعبية؟
هل تعبد الزيارة التي أجراها الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى كييف طريق عودته للبيت الأبيض بانتخابات الرئاسة في 2024؟
سؤال يفرض نفسه بشدة في ظل مقارنات استلهمتها تقارير إعلامية من أحداث مشابهة ساهمت بشكل أو بآخر في التأثير على مزاج الناخبين باستحقاقات انتخابية سابقة بالولايات المتحدة.
وشكلت خطابات ألقاها كل من جون إف كينيدي ورونالد ريغان في برلين لحظات مميزة بولايتهما الرئاسية، والآن تأتي زيارة بايدن إلى كييف لتصبح تلك اللحظة المميزة لرئاسته وعهده.
ورغم عدم وجود كلمة بخطاب بايدن في كييف توازي خطاب كينيدي في 1963 أو ريغان في 1987، إلا أن الزيارة نفسها شكلت الحدث، وكما أكد البيت الأبيض، الإثنين، لا توجد سابقة لها في العصر الحديث، كما كانت الزيارات إلى القوات في أفغانستان والعراق مختلفة، بحسب تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وبزيارته إلى كييف، يدخل بايدن منطقة حرب ويضع سلامته في أيدي القوات المسلحة الأوكرانية وكذلك الروس؛ إذ تم إبلاغ موسكو قبلها بساعات قليلة أنه عبر الحدود.
وكان التقدير بأن الرئيس فلاديمير بوتين لن يخاطر بسابقة اغتيال رئاسي أو حرب شاملة لهذا الأمر، وهو تقدير اعتبره التحليل معقولا لكنه لم يقلل من حجم المجازفة.
وبحسب التحليل، كانت الشجاعة مقترنة بالكفاءة، موضحا أن الزيارة عززت ادعاءات بايدن بقيادة العالم الحر، لكن السؤال الأصعب – والذي قد يستغرق أسبوعا أو اثنين قبل اتضاح نتيجته – هو ما إذا كانت الزيارة ستساعد بايدن داخليا.
استفهام حول دور محتمل بالنسبة لرئيس لم تتعاف معدلات شعبيته من الضربة التي تلقتها جراء الانسحاب المخزي من أفغانستان، والتضخم، وصدمة أسعار الطاقة الناتجة عن الحرب.
على مقياس الخيبة
وحتى الآن، لم يتغير تراجع شعبية بايدن الذي تولى مهامه في أغسطس/آب 2021، رغم الأرقام الاقتصادية القوية، والسجل التشريعي القوي، والأداء بخطابه عن حالة الاتحاد الذي ألقاه في وقت سابق من هذا الشهر.
وفي متوسط استطلاعات الآراء الأخيرة، كان عدد الأمريكيين الذي لا يؤيدون أداءه أكبر ممن يوافقون عليه، بنسبة 52% مقابل 42%.
ووفق التحليل، تتمثل معظم المشكلة في الانطباع العام الذي يرى أن بايدن بعمر 80 عاما ضعيف وعرضة للوقوع في زلات أكثر مما يمكنه من قيادة البلاد بقوة لاسيما بفترة ولاية ثانية.
وأشار إلى أن الظهور الجريء في كييف، والتجول بأرجاء المدينة مرتديا نظارته الشمسية، إلى جانب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي يشعر بالامتنان والإعجاب، في عطلة يوم الرؤساء، يستهدف معالجة هذا التصور ويعيد صياغة الحديث عن العمر واللياقة للمنصب.
في المقابل، كان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يتجنب المخاطر؛ ففي زيارته الوحيدة إلى أفغانستان والعراق، ظل داخل القواعد الأمريكية شديدة التحصين.
وبذلك، تستبعد زيارة بايدن إلى كييف، بمخاطرها الحقيقية، وجود منافس جمهوري لبايدن في 2024، سواء كان ترامب أو حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، أو غيرهم، قادر على تحديه بشكل مباشر في الشجاعة.
لكن يركز الجمهوريون بالفعل على تصوير دور الرئيس بالخارج على أنه تخلي عن معاناة الأمريكيين بالداخل.
وبحسب التحليل، تفيد الحكمة التقليدية، التي تعززها سنوات من الاقتراع، أن السياسة الخارجية لا تميل للتأثير على الانتخابات الرئاسية، وما كانت خطابات كينيدي وريغان الشهيرة لتفعله من أجلهم انتخابيا غير معروف؛ إذ قتل كينيدي قبل أن يتمكن من الترشح لفترة ثانية، وكان ريغان قد أعيد انتخابه بالفعل وكان عامه قبل الأخير بالمنصب.
وبالنسبة لبايدن، ستدخل رحلته بالقطار إلى كييف التاريخ، لكن سطر التاريخ لا يفوز بالضرورة بالانتخابات، بحسب التحليل.