جون كيري.. "قيصر المناخ" في مهمة خاصة لحماية الأرض
نشاط لافت للمبعوث الرئاسي الأمريكي للتغير المناخي جون كيري منذ توليه مهام منصبه يناير الماضي، لتحقيق أهداف مهمته الطموحة.
في أبريل/نيسان 2016، اصطحب جون كيري وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، حفيدته ذات العامين، بمؤتمر توقيع اتفاقية باريس للمناخ بالأمم المتحدة.
كانت تلك الصورة حينها حديث العالم، بعد أن فهم الجميع الرسالة التي أراد كيري إرسالها، ومفادها أن المناخ والطبيعة أمانة بين أيدينا نحفظها للأجيال القادمة ولأطفالنا.
وبعد 5 سنوات، يعود كيري، الذي يعد أحد مهندسي اتفاقية باريس للمناخ، لمواصلة مهمته بعد أن أعاد الرئيس جو بادين بلاده لاتفاقية باريس المناخ فبراير/شباط الماضي، وتعيين كيري كمبعوث رئاسي للتغير المناخي.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من الاتفاقية، والتي اعتبرها كيري "أمرا لا يغتفر".
وتهدف الاتفاقية إلى الحفاظ على انخفاض معدل ارتفاع درجة حرارة الأرض خلال القرن الحالي، إلى ما دون درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود للحد من زيادة درجة الحرارة.
ومنذ توليه منصبه الجديد بدأ نشاطا لافتا لتحقيق أهداف مهمته الطموحة، مهمة، ليست باليسيرة، لمكافحة أزمة التغير المناخي، التي تهدد البشرية، وضع جون كيري نصب عينيه توظيف خبراته الدبلوماسية الكبيرة لتحقيقها، عبر حشد جهود الدول ذات الثقل في المنطقة والعالم، للدفع قدما بتلك الجهود.
مولده ونشأته
ولد جون فوربس كيري يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1943 بمدينة دنفر بولاية كولورادو الأمريكية، تخرج في جامعة ييل عام 1966 وفي كلية بوسطن عام 1976 حيث درس الحقوق.
خدم بالبحرية الأمريكية في فيتنام، فجعلته قساوة التجربة معارضا شديدا للحرب، وأصبح محط الأنظار في الولايات المتحدة عام 1971 عندما أدلى بشهادته عن فيتنام أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
بدأ حياته المهنية محاميا وتلقى تدريبه في بوسطن، وعمل نائبا عاما في ماساتشوستس قبيل انخراطه في السياسة، تولَّى منصب نائب حاكم ولاية ماساشوستس من 1983 إلى 1985، خاض معترك العمل السياسي وكان عضوا في مجلس الشيوخ الأمريكي من 1985 حتى 2013.
تجربته في الحرب دفعته ليكون في التسعينيات من المساهمين في تطبيع العلاقات مع فيتنام. كذلك عرف بإدانته التعصب الأعمى ضد المسلمين باسم مكافحة الإرهاب.
دخل سباق الانتخابات الرئاسية عام 2004، واستطاع الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، لكنه خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش في نوفمبر/تشرين الثاني 2004.
مهمة بيئية.. العودة مجددا
خلال الفترة من 2013 إلى 2017، شغل منصب وزير الخارجية، وكان أحد مهندسي اتفاقية باريس للمناخ، وكان كيري قد لعب دورا حاسما في التوصل إلى إجماع دولي بشأن اتفاقية باريس للمناخ، وعزز سمعة أمريكا كأحد المدافعين عن المناخ.
ويعد اتفاق باريس أول اتفاقية دولية خاصة بمكافحة تغيرات المناخ على مستوى العالم، والتي تهدف لتفادي ارتفاع درجة الحرارة بصورة خطرة، ويتجه العالم نحو ارتفاع في درجة الحرارة بنحو 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
ويستهدف اتفاق باريس الذي تم توقيعه في 12 ديسمبر/كانون الأول 2015 الحد بشكلٍ كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.
وانسحبت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاقية، وتراجعت عن السياسات التي وضعت لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وحاولت منع أي نقاش حول تغير المناخ في التجمعات الدولية مثل قمة السبع الصناعية الكبرى أو قمة مجموعة العشرين.
وفي 20 يناير الماضي، تولى كيري منصب المبعوث الرئاسي لشؤون المناخ، وهو منصب استحدثه الرئيس جو بايدن، لتنسيق جهود الولايات المتحدة وحلفائها في مكافحة التغير المناخي، ما يعكس الأهمية التي يوليها بايدن لهذا الملف، ليلقبه الإعلامي الأمريكي بقيصر المناخ.
وبأول تعليق له عند اختياره للمنصب في نوفمبر الماضي (قبل توليه رسميا)، قال كيري في تغريدة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، تويتر: "أمريكا ستحظى قريبا بحكومة تتعامل مع أزمة المناخ كما تتعامل مع التهديد للأمن القومي الذي هو (التغير المناخي) عليه، أنا فخور بأن أكون شريكا مع الرئيس المنتخب وحلفائنا والقادة الشباب لحراك التغير المناخي للتعامل مع هذه القضية كمبعوث خاص للمناخ".
وتابع كيري: "العمل الذي بدأناه في اتفاقية باريس بعيد عن النهاية، أعود للحكومة لإعادة أمريكا على الطريق للتطرق إلى التحدي الأصعب في هذا الجيل ولهؤلاء القادمين".
جهود بارزة
ومنذ توليه منصبه الجديد، يواصل كيري القيام بجهود بارزة لمكافحة التغير المناخي، الذي يعد الخطر الأكبر الذي يهدد البشرية.
وفي هذا الإطار، يقوم كيري بزيارة إلى الإمارات، في إطار جولة دولية تشمل أيضا الهند وبنجلاديش.
وتستضيف الإمارات، الأحد، الحوار الإقليمي حول العمل المناخي والذي ينعقد قُبيل قمة القادة للمناخ في العاصمة الأمريكية واشنطن في وقت لاحق من هذا الشهر، وتمهيداً لانعقاد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ "COP26".
يشهد الحوار الإقليمي مشاركة جون كيري، وألوك شارما رئيس الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، وعدد من الوزراء وكبار المعنيين بشؤون المناخ من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وسيتيح الحوار الإقليمي للتغير المناخي منصة متخصصة للدول المشاركة لتبادل الخبرات حول استجاباتها لتغير المناخ، وبناء الزخم اللازم للارتقاء بالطموحات العالمية تمهيداً لانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ"COP26".
وسيمكّن الحوار الولايات المتحدة الأمريكية والدول المشاركة من مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من البحث في مجالات جديدة، للتعاون في مجال الحد من تداعيات تغيّر المناخ، والتكيّف معها والتركيز على الفرص الاقتصادية التي يتيحها العمل المناخي.
وتتلاقى الجهود الإماراتية الرائدة في هذا الصدد مع توجهات الإدارة الأمريكية، للعمل بجدية لمواجهة أزمة المناخ التي تشكل تهديدا وجوديا، في خطوة مهمة لحماية بيئة العالم ومواجهة تحدي التغير المناخي.
ويباشر كيري هذه الجولة قبل 3 أسابيع من قمة ينظمها الرئيس الأمريكي جو بايدن في 22 أبريل/نيسان تزامنا مع يوم الأرض. وقد دعا إلى هذه القمة 40 من قادة دول العالم من بينهم قادة الدول الثلاث التي يزورها كيري.
وتسعى هذه القمة إلى أن تكون مرحلة مهمة قبل مؤتمر المناخ الرئيسي للأمم المتحدة المقبل (مؤتمر الأطراف السادس والعشرون) المقرر في نوفمبر/تشرين الثاني في جلاسجو في اسكتلندا.
ويكثر جون كيري وزير الخارجية الأمريكي والمرشح للرئاسة السابق زياراته قبل هذا الموعد.
وقام بأول زيارة له منذ توليه منصبه إلى أوروبا مطلع مارس/آذار، من أجل تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مكافحة الأزمة المناخية.
وشملت جولة كيري التي وُصفت بـ"غير العادية"، لقاءات مع قادة ومسؤولين أوروبيين في مقدمهم، رئيس وزراء المملكة المتحدة بوريس جونسون، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتخللها اجتماع بشأن المناخ في الاتحاد الأوروبي، ومشاورات مع وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل.