استقالة جونسون وحرب أوكرانيا.. كييف تخسر حليفا قويا
يمكن القول إنه برحيل بوريس جونسون عن تصدر المشهد السياسي في بريطانيا، فإن أوكرانيا تفقد أحد أهم حلفائها في الغرب.
ويعد رئيس الوزراء البريطاني أحد أقوى داعمي أوكرانيا في مواجهة العملية العسكرية التي تشنها روسيا منذ 24 فبراير/شباط.
وقال تحليل بصحيفة "التلجراف" البريطانية إن كييف "يجب أن تقلق" مع رحيل جونسون عن المشهد السياسي في لندن، وذلك نظرا للدعم القوي الذي كان يقدمه بحماس كبير لأوكرانيا.
وقال كاتب التحليل كون كوجلين، إن رحيل جونسون من رئاسة الوزراء لن يضع حدا ليس فقط لمسيرته السياسية، وإنما قد يهز موقف لندن بشأن القضية الأوكرانية.
داعم قوي لأوكرانيا
اعتبر الكاتب أن جونسون قام بدور بارز على الساحة الدولية في دعم أوكرانيا وسط غياب الدعم الواضح من فرنسا وألمانيا.
وأشار إلى عدم قدرة الولايات المتحدة الأمريكية على أداء دورها القيادي التقليدي في التحالف الغربي بسبب العثرات المستمرة للرئيس الأمريكي، جو بايدن، بينما كان جونسون، على العكس من ذلك، على أهبة الحماس في دعم كييف.
واعتبر أنه لولا صواريخ الجيل التالي المضادة للدبابات "NLAW" (نلاو) التي أرسلت منها بريطانيا الآلاف لأوكرانيا لما استطاعت القوات الأوكرانية صد عمليات الجيش الروسي ضد كييف.
وأضاف الكاتب أن الدعم المعنوي الذي تلقاه جونسون من وزير دفاعه بن والاس ووزيرة الخارجية ليز تراس يشير إلى أنه حتى بدون قيادة رئيس الوزراء، ستستمر بريطانيا في لعب دور بارز في أزمة أوكرانيا، لكن الموقف السياسي من الأزمة غير مضمون في ضوء عدم وجود الحماس ذاته لدى الكثيرين ممن قد يخلفون جونسون.
"خليفة جونسون قد لا يكون لديه مثل هذه "النزعة لتحمل المخاطر، أو الاستعداد لفعل كل ما هو ممكن من أجل كييف"، حسب الكاتب.
وقبل أيام، تعهد جونسون بتقديم مليار جنيه إسترليني أخرى كدعم عسكري لأوكرانيا، بما يرفع إجمالي الدعم العسكري والاقتصادي إلى 3.8 مليار جنيه إسترليني هذا العام.
كما تعهد رئيس الوزراء المستقيل بإرسال المملكة المتحدة المزيد من أنظمة الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار ووضع 1000 جندي بريطاني في حالة تأهب حتى يمكن نشرهم بسرعة. وكانت الحكومة البريطانية قد أرسلت صواريخ مضادة للدبابات وأنظمة دفاع جوي وأسلحة أخرى إلى أوكرانيا.
دعم غير مضمون
دعم جونسون الكبير هو محل تساؤل بالفعل من جانب عدد كبير من السياسيين في لندن، فزعيم حزب العمال يتبارى في تأكيد موقفه بوجوب إبقاء التزام بلاده داخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) لكن هذا الموقف لا يتبناه الكثيرون داخل صفوف حزبه الذين يرون أن الحرب في أوكرانيا أشعلها الناتو وليس روسيا.
وكذلك فإن زعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن يبدو أن لديه ميولا تصالحية مع روسيا.
ووفقا لتحليل "التلجراف" فإن ذلك بدا من خلال موقفه من محاولة تسميم العميل الروسي السابق سيرجى سكريبال في سالزبرى بإنجلترا في مارس/آذار 2018 والذي نسبته لندن لموسكو وتسبب في تدهور كبير في علاقات البلدين.
وإبان تلك الأزمة، حذر كوربن الذي كان زعيم حزب العمال في ذلك الوقت من إشعال حرب باردة مع روسيا، قبل توفر أدلة تدين الأخيرة في حادثة محاولة اغتيال العميل الروسي السابق.
وكتب كوربن في مقال نشرته صحيفة "الجارديان": "التسرع قبل الأدلة التي تجمعها الشرطة في أجواء برلمانية محمومة لا يخدم العدالة ولا الأمن القومي".
ورد عليه بوريس جونسون وكان وزيرا للخارجية في ذلك الوقت بالقول إن زعيم حزب العمال يعطي مصداقية بلا أساس "للدعاية الروسية"، برفضه دعم رؤية الحكومة البريطانية حول مسؤولية روسيا عن الحادث. ووصف جونسون- كوربن، بأنه "أحمق مفيد للكرملين".
أما الحزب القومي الاسكتلندي فهو طرف معارض أيضا وقد يؤيد حكومة عمال في المستقبل والتي قال تحليل "التلجراف" إنها تجاهد "لإيجاد أي خطأ يمكن نسبه لموسكو".
وكانت زعيمة الحزب نيكولا ستيرجون قد شكت مرارا في وقت سابق من كمية الدعم التي تحصل عليه كييف من الحكومة البريطانية.
ويمكن القول إنه مع التغيير في المشهد السياسي في بريطانيا الفترة القادمة، فإن الدعم الكبير الذي تحصل عليه كييف بات غير مضمون على الإطلاق، وهو ما ينذر بتداعيات على مستوى العمليات القتالية على الأرض في البلاد.
مناهض للتسوية
كان جونسون داعما قويا لعدم توقيع كييف تسوية سلمية مع روسيا، كما كان يفضل استمرار الحرب والعمليات القتالية ويعد بمزيد من الدعم العسكرى لكييف، حتى إنه طالب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على هامش قمة السبع الماضية في ألمانيا، بالتوقف عن الدعوة لاتفاق سلام.
وقال جونسون خلال لقائه الرئيس الفرنسي إن محاولات تسوية النزاع في أوكرانيا الآن ستساعد على عدم الاستقرار في العالم.
وذكر بيان صدر عن مكتب جونسون أن الأخير "أشار إلى أن محاولة تسوية النزاع الآن لن تؤدي إلا إلى عدم الاستقرار وستمنح (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين تفويضا مطلقا للتلاعب المستمر بكل الدول ذات السيادة والأسواق الدولية".
وفي وقت لاحق، أعربت بريطانيا عن خشيتها من أن تضطر كييف إلى تقديم تنازلات إذا ما طال الصراع وتداعياته الاقتصادية.
وتحدث رئيس الوزراء البريطاني عما وصفه بـ"السلام السيئ".
وقال إنه يخشى أن تواجه أوكرانيا ضغوطاً للموافقة على اتفاق سلام مع روسيا لا يصب في مصلحتها، بسبب التداعيات الاقتصادية للحرب في أوروبا.
ويثير كل ذلك تساؤلات حول ما اذا كان رحيل جونسون قد يدعم الجهود لتوقيع تسوية سلمية تنهى الحرب في أوكرانيا.
aXA6IDE4LjExOS4xMjcuMTMg
جزيرة ام اند امز