مؤتمر "بغداد 2" بالأردن.. اختبار السوداني وجدية إيران
على عقارب تحديات متحركة، يضبط الأردن، عقارب ساعته مع لاعبين إقليميين ودوليين، في مؤتمر يرنو لتعبيد الطريق أمام حوار ينزغ فتيل الأزمات.
فعلى ضفاف البحر الميت، يحتضن مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات، اليوم الثلاثاء، مؤتمر "بغداد 2" للتعاون والشراكة، بحضور قادة بارزين من أوروبا والشرق الأوسط، في محاولة لنزع فتيل الأزمات المتفاقمة في المنطقة عبر الحوار.
ويهدف المؤتمر الذي انعقدت نسخته الأولى في بغداد، العام الماضي، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعراق، إلى إعادة التأكيد على دعم سيادة العراق وأمنه واستقراره، ووضع آليات لتعزيز الأمن الإقليمي.
ويشارك في النسخة الثانية من المؤتمر عدد من القادة وممثلين من دول عربية عدة بينها الإمارات والسعودية ومصر وقطر والبحرين والكويت وعمان وإيران، إلى جانب فرنسا والدولة المنظمة الأردن، إلى جانب سفراء دول الاتحاد الأوروبي
وعلى هامش قمة الاتحاد الأوروبي المنعقدة في بروكسل، الخميس الماضي، قالت الرئاسة الفرنسية إن ماكرون سيحضر المؤتمر وسيلتقي العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني.
ولفت الإليزيه في بيان له، إلى أن الهدف من قمة الأردن هو "جمع جيران العراق وشركائه حول الطاولة في محاولة للمضي قدما من خلال تعزيز الحوار".
وأمس الإثنين، قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إن القمة ستكون "فرصة جيدة" للمفاوضات الهادفة إلى استعادة الاتفاق النووي لعام 2015.
يُذكر أن محادثات متقطعة بدأت في أبريل/نيسان الماضي، لإحياء الاتفاق النووي المعروف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، بين إيران وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا ، وبشكل غير مباشر مع الولايات المتحدة.
لكن المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، بوساطة من الاتحاد الأوروبي، توقفت لعدة أشهر ، حيث تواجه طهران احتجاجات على مقتل مهسا أميني ، وهي إيرانية من أصل كردي تبلغ من العمر 22 عاما ، في 16 سبتمبر / أيلول الماضي.
ولهذا اعتبر وزير الخارجية الإيراني في تصريحات للصحفيين بطهران أن قمة الأردن "فرصة جيدة لنا لاستكمال هذه المناقشات".
مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية رياض قهوجي، ينظر إلى مؤتمر "بغداد 2" بأنه "طموحات كبيرة لكن لا أحد ينتظر معجزات".
ويرى المحلل السياسي في حديث لوكالة فرانس برس. أن فرنسا بمثابة "رأس حربة للغرب في إبقاء شعرة معاوية مع إيران، خاصة في ظل الجمود الذي يكتنف مفاوضات فيينا".
غير أن الضروري من وجهة نظر قهوجي هو معاينة موقف إيران باعتبارها "موجودة في كل مكان، من سوريا إلى العراق مرورا باليمن ولبنان".
فالإيراني- بحسب قهوجي- "لا يريد أن يتنازل عن مكتسبات، فهو يتفاوض من منطلق: ما لي هو لي في هذه الدول".
السوداني في اختبار
توقيت المؤتمر يحمل أيضا اختبارا لرئيس الوزراء العراقي الجديد محمد شياع السوداني، الذي تم تعيينه بعد جمود سياسي شهدته البلاد لأكثر من عام.
والمؤتمر هو أول لقاء دولي رفيع يرأسه السوداني الذي ينظر له على أنه أقرب إلى إيران من سلفه مصطفى الكاظمي، ولهذا يعتبر مراقبون أن قمة البحر الميت بمثابة "اختبار" للرجل.
جدية إيران
عشية لقاء البحر الميت، أبدى وزير الخارجية الإيراني استعداد طهران للقاء مشترك مع وزراء الخارجية والدفاع بدول الخليج العربية.
وقال إن بلاده تريد إعادة فتح السفارة بينها والسعودية، مشدداً على ضرورة استمرار الحوار مع المملكة كما في السابق.
وتبدي السعودية استعدادها لاستئناف علاقات إيجابية مع إيران، لكن شريطة مراجعة طهران سياستها في دعم المليشيات في اليمن وغيره من الدول العربية، والتراجع عن السعي في صنع القنبلة النووية، التي تهدد أمن المنطقة.
عبداللهيان بعث كذلك برسائل إلى دول الخليج عامة، حين عبّر عن استعدادها " لعقد اجتماع على مستوى وزراء الدفاع والخارجية لدول الجوار والدول الخليجية، لمناقشة العديد من قضايا المنطقة".
تصريحات الدبلوماسي الإيراني قابلها سؤال طرحه مدير معهد الشرق الأدنى والخليج للدراسات العسكرية وهو "هل ستظهر طهران ليونة وجدية أكثر أو استعدادا أكثر أو تقدم نتائج ملموسة؟"، ليجيب على نفسه بأنه لا يتوقع "تحلحل الأمور طالما أن الموقف الإيراني لا يتغير".
لكن الباحث الزائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية حمزة حداد، يرى أن العراقيين وغيرهم يرغبون هذه المرة في رؤية "أجندة أكثر جدية في المؤتمر".
وإلى جانب القضايا الأمنية، يتوقع أن يناقش مؤتمر البحر الميت ملفات مشتركة من قبيل التغير المناخي، والأمن الغذائي، والتعاون في مجال الطاقة.