صنًاع الأمل:"ذاكرة السرو" بالأردن تعيد الجمال للأشجار الميتة عبر الفن
فؤاد خصاونة ورفاقة يحولون حطام وجذوع الأشجار، شبه المقتعلة، إلى تحف فنية تفي حدائق الجامعة من خلال مبادرة "ذاكرة السرو".
حين اجتاحت العاصفة الثلجية أليكسا الأردن وعدداً من دول بلاد الشام في ديسمبر من العام 2013، جرفت كل ما هو جميل في طريقها، فدمّرت البيوت والطرقات واقتلعت آلاف الأشجار، بعض هذه الأشجار جذورها ضاربة في عمق التاريخ.
تقول القصة وفقا لما نشرته مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية ضمن قصص مبادرة "صناع الأمل "في الوطن العربي ، أن تداعيات العاصفة طالت أجزاء ومناطق كثيرة في العاصمة الأردنية عمان، من بينها نحو 2000 شجرة من أشجار السرو والصنوبر المعمّرة، عدد منها في حرم الجامعة الأردنية. من هنا بدأت فكرة أستاذ الفنون فؤاد خصاونة ومعه إدارة الجامعة والأساتذة والطلبة لتحويل حطام وجذوع الأشجار، شبه المقتعلة، إلى تحف فنية تفيض بالألوان وتعجّ بالحياة وتضفي جمالية من نوع خاص في حدائق الجامعة من خلال مبادرة "ذاكرة السرو".
وتُوِّجت المبادرة، الهادفة إلى حفظ الأشجار في ذاكرة الأجيال، بإنجاز أكثر من 30 عملاً فنياً ونحتياً تم نصبها في أكثر من موقع، لتشكل معرضاً فنياً نحتياً مكشوفاً، ولتظل جذوع الأشجار حية في وجدان طلبة الجامعة وخريجيها ومرتاديها. واستمرت المبادرة على مدار الأعوام التالية، بل وأصبحت من متطلبات التخرج في الجامعة الأردنية غرس شجرة في حرم الجامعة لتعويض ما خسرته الجامعة من ثروة خضراء في تلك العاصفة الثلجية، فقيمة الشجرة وجدانية مرتبطة بتاريخ الإنسانية.
وتوسعت المبادرة لتكون الفعالية الرئيسية لملتقى النحت العالمي السادس الذي حمل عنوان "ذاكرة السرو"، والذي نظمه كل من المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة وكلية الفنون والتصميم في الجامعة الأردنية بدعم من أمانة عمان الكبرى، حيث تم تنفيذه بمشاركة عالمية لفنانين من فرنسا وألمانيا وإسبانيا والمغرب والبحرين وفلسطين والعراق وسلطنة عمان والأردن. ويعدّ ملتقى النحت العالمي واحداً من أهم الفعاليات على المستويين المحلي والدولي، حيث يهدف إلى إيجاد نوع من التفاعل بين الفنانين الأردنيين والعرب والأجانب، ما ينعكس إيجاباً على أداء الفنانين بالإضافة لدوره الفاعل في تجميل ساحات وحدائق العاصمة الأردنية وباقي مدن المملكة.
أسهمت مبادرة "ذاكرة السرو" في إحياء الجمال في الأشجار وخلق لوحات ومنحوتات فنية مبتكرة، ما يبرهن بأننا نستطيع أن نصنع الجمال من الدمار وأن نبني الأمل من المعاناة، وأن نترك للبشرية إرثاً متجدداً من الإبداع والعطاء.