زيارة محمد بن سلمان للأردن.. دلالات ورسائل
بالأردن، حط رحال ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، في محطة عربية تلت القاهرة، في زيارة تحمل دلالات ورسائل من حيث التوقيت والسياق.
خبراء أردنيون رأوا أن زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، إلى الأردن ومباحثاته مع العاهل عبد الله الثاني، تأتي في توقيت مهم للغاية خصوصا قبل القمة العربية الأمريكية المرتقبة بالرياض.
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال الدكتور جواد الحمد، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، إن الزيارة تاريخية لأنها تمثل أول زيارة لولي العهد السعودي منذ فترة طويلة.
وأشار الحمد إلى أن "السعودية أصبحت قبلة الدول الكبرى في التقرب بسبب سياسة النفط التي تلعب فيها المملكة دورا كبيرا".
ولفت إلى أن الأوضاع اليوم تختلف تماما عما كانت في السابق في ظل تحديات كثيرة يواجهها العالم العربي، معتبرا أن "هناك فرصا ربما كشفت عنها الأزمة الروسية الأوكرانية وكيف يمكن أن يكون لدول الخليج والمنطقة دور فيها لتحقيق مكاسب لدول المنطقة وشعوبها".
وبحسب الخبير "يوجد تحوّل في العلاقات الأمريكية السعودية، حيث أصبحت واشنطن وإدارة الرئيس جو بايدن غير قادرة على فعل الكثير على المستوى الإقليمي والعالمي خصوصا فيما يتعلق بالطاقة بدون السعودية".
ورجح أن يكون ولي العهد السعودي، يهدف في إطار القمة الخليجية الأمريكية المرتقبة، للدفع باتجاه الدول القريبة إقليميا ومنها مصر والأردن وتركيا من أجل إبراز الدور العربي وحشد الموقف العربي ودوره في القضايا الإقليمية والعالمية.
أما بالنسبة للجانب الأردني، فيعتقد الخبير أن الأردن "يتجه إلى تصفية المشاكل مع دول الجوار خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها، لا سيما بعد جائحة كورونا التي أضعفت بشكل كبير الاقتصاد الأردني وزادت البطالة إلى ٢٥ %".
ولفت إلى أن "الجانب السياسي في الزيارة واضح وهو حشد الموقف العربي إزاء ملفات القمة العربية الأمريكية بحضور بايدن، فيما لها جانب اقتصادي وهو دعم الأردن عبر الاستثمارات والاتفاقيات".
وشدد على أن التهديدات الإيرانية للمنطقة على مائدة المباحثات الأردنية السعودية، مؤكدا موقف عمان الثابت وهو رفض كافة أشكال التهديدات التي تسببها طهران وبرنامجها النووي وتدخلاتها في الدول العربية.
مصالحات
في السياق ذاته، يرى الدكتور جمال الشلبي، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية، أن لزيارة ولي العهد السعودي أهمية كبيرة خصوصا في تعديل بعض الاتجاهات العامة، وأهمها المصالحات التي ينبغي أن تسود والتي بدأت منذ ٢٠١٨ واليوم يبدو أن هناك قطارا لهذه المصالحات بين الدول العربية وداخلها والقوى السياسية والأنظمة.
وقال الشلبي، لـ"العين الإخبارية"، إن "المملكة العربية السعودية مؤهلة حاليا لتقود مسيرة المصالحات خاصة عندما بدأت الزيارة بمصر ثم الأردن وتركيا"، مؤكدا أن "الدور السعودي العربي الذي تقوده المملكة حاليا مع الأشقاء في دول الخليج ومصر والأردن تمثل طريقة لتطويق الأزمات العربية ونشر ثقافة المصالحة والاحتواء".
واعتبر الخبير أن ملف الأزمات التركية مع العالم العربي يمثل جزءا من المنظومة التي تحاول السعودية أن تحتويها في ظل منظومة المصالحة في المنطقة ونزع فتيل التوتر، لافتا إلى أن الأردن ظل دائما وأبدا داعما لأي طريقة لإنهاء الخلافات العربية العربية ومساندا للجهد العربي الداعي إلى السلام والاستقرار في المنطقة من أجل شعوبها.
وبالنسبة له، فإن هناك ملفا شائكا بين السعودية والأردن كان حاضرا في مباحثات العاهل الأردني وولي العهد السعودي، وهو الملف الأمني بحكم الحدود المشتركة بين البلدين، منوها إلى محاولات الوقيعة بين السعودية والأردن من خلال بعض القوى التي تحاول تهريب المخدرات عبر هذه الحدود.
وتوقع الشلبي أن تكون هناك نتائج إيجابية من القمة الخليجية الأمريكية بالرياض بشأن العديد من الملفات، مؤكدا أن حضور الموقف العربي موحدا برؤية موحدة إزاء الأزمات يساهم في تغيير الصورة لدى الإدارة الأمريكية بشأن الملفات العربية الشائكة والمنطقة بشكل عام.
تنسيق رؤى
وأعرب عن اعتقاده بأن تكون جولة ولي العهد السعودي الحالية تعمل على تنسيق المواقف والرؤى العربية إزاء كافة القضايا ومن ثم الوصول إلى تغييرات في المواقف الأمريكية إزاء العالم العربي والمنطقة وقضاياها.
وعلى الصعيد ذاته، اعتبر المحلل السياسي الأردني عبد الغفار العبيدي أن زيارة ولي العهد السعودي تشكل أداة من أدوات ترسيخ العلاقات السعودية الأردنية التاريخية، مؤكدا أن العالم العربي يحتاج حاليا لمثل هذه اللقاءات والمبادرات التي تنهي الخلافات وتحقق مكاسب اقتصادية وسياسية لشعوب المنطقة.
ونوه إلى الشق الاقتصادي لزيارة ولي العهد السعودي بالمنطقة نظرا للتحديات والأزمات الاقتصادية التي تواجهها وخصوصا مصر والأردن، مشيدا بحجم التبادل التجاري بين المملكة والأردن.
واعتبر أن المباحثات السعودية الأردنية قبل قمة الرياض تمهد لتنسيق الرؤى والمواقف العربية خصوصا أن زيارة الأمير محمد بن سلمان بدأت من العاصمة المصرية القاهرة والتي تمثل ثقلا سياسيا عربيا يضع حلولا للأزمات على طاولة أي مفاوضات دولية.
والثلاثاء، عقدت مباحثات أردنية - سعودية في قصر الحسينية، بين ولي عهد السعودي والعاهل الأردني .
تلك المباحثات الثنائية والتي تبعتها أخرى موسعة، حضرها الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد الأردني، تناولت سبل تعزيز التعاون الاقتصادي، والقطاعات التي يمكن لشركة الصندوق السعودي الأردني للاستثمار المساهمة فيها.
المباحثات تطرقت -كذلك- إلى آخر المستجدات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ودعم الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة، والجهود المبذولة للتوصل إلى حلول سياسية لأزمات المنطقة.
وشدد ملك الأردن على الدور المحوري للمملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، في دعم قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وتعزيز العمل العربي المشترك، والعمل من أجل تحقيق السلام بالمنطقة والعالم.
فيما أعرب ولي العهد السعودي عن تقديره للعاهل الأردني على حفاوة الاستقبال، مؤكدا حرص المملكة المتواصل على توطيد العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، وإدامة التنسيق والتشاور تحقيقا لمصالحهما وخدمة لقضايا المنطقة.
aXA6IDE4LjIxOC43Ni4xOTMg جزيرة ام اند امز