رحلة انهيار الجنيه.. أسوأ أسبوع في تاريخ العملة السودانية
ارتفع سعر الدولار الأمريكي إلى 200 جنيه آخر أغسطس الماضي، وواصل الارتفاع حتى بلغ 220 جنيها مطلع الأسبوع الجاري
تراجعت قيمة العملة الوطنية في السودان "الجنيه" بشكل غير مسبوق أمام العملات الأجنبية خلال الأسبوع الماضي، لدرجة فاقمت من حالة القلق السائدة وأربكت السوق بصورة لافتة.
وبحسب تقديرات مصرفيين فإن قيمة الجنيه السوداني انخفضت بمقدار ما يزيد على 40% خلال فترة الأيام الـ10 الماضية، الأمر الذي أثار الحيرة بشأن أسباب هذا التراجع.
- ليس الذهب ولا الدولار.. سلعة غريبة تجذب المستثمرين المضاربين
- لماذا ارتفع الذهب وتراجعت أبل؟.. خبراء يجيبون
وفجأة ارتفع سعر الدولار الأمريكي إلى 200 جنيه آخر أغسطس الماضي، وواصل الارتفاع حتى بلغ 220 جنيها مطلع الأسبوع الجاري، وقفز سريعا ليختتم تعاملات الأسبوع عند 260 جنيها للدولار، وهذا الرقم لم يسبق تسجيله في تأريخ العملة الوطنية بالسودان.
وتسبب هذا التراجع في ربكة كبيرة بالأسواق، بينما اضطرت شركات منتجات غذائية وتجار إلى إيقاف عمليات البيع للجمهور تماما، خشية التعرض لخسائر مالية، نتيجة عدم ثبات سعر الجنيه أمام العملات الأجنبية.
الهروب إلى السوق السوداء
وكشف أحد المتعاملين في سوق النقد الأجنبي لـ"العين الإخبارية" عن ارتفاع كبير في طلب العملات الأجنبية خلال هذا الأسبوع، ما دفع التجار لشراء الدولار بأي سعر لمواجهة هذه الطلبيات.
وقال: "كثير من العملاء سحبوا ودائعهم بالجنيه السوداني من المصارف ودخلوا السوق السوداء لاستبدالها بالنقد الأجنبي حتى لا تفقد قيمتها، فهذا زاد الطلب على العملات الحرة، وفي ظل شح المعروض ارتفع سعر الصرف".
ويعلق الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله الرمادي، بالقول إن "أحد أهم مخاطر تراجع قيمة الجنيه أنه سيشكل ضربة كبيرة للجهاز المصرفي السوداني لأن العملاء سيسحبون ودائعهم ويحولونها إلى عملات أجنبية، مثلما يحدث الآن، وذلك خشية فقدان قوتها الشرائية".
وأضاف الرمادي لـ"العين الإخبارية": "سحب الودائع من المصارف سيحرم عملية تمويل الإنتاج فبالتالي يشكل أكبر ضربة للاقتصاد السوداني".
وعلى خلاف العادة، انتشر تجار العملات الأجنبية بصورة كبيرة في الشوارع الرئيسية بوسط العاصمة السودانية الخرطوم، وهم يلوحون على المارة برزم من الجنيهات طلبا لشراء النقد الحر".
ويشير متعاملون إلى دخول سيولة نقدية ضخمة من الجنيه السوداني إلى السوق يرغب أصحابها غير معلومين الهوية في شراء أي كميات من العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة الوطنية.
الإخوان في المشهد
وتتهم دوائر سودانية، عناصر نظام الإخوان البائد بالمضاربة في العملات الأجنبية بغرض إضعاف قيمة الجنيه، وبالتالي توجيه ضربات اقتصادية لحكومة الثورة حتى يسهل الانقضاض عليها.
وتحدثت وسائل إعلام سودانية عن دخول الحكومة السوق السوداء لشراء النقد الأجنبي بغرض توجيهه لاستيراد السلع الإستراتيجية مثل القمع والوقود والأدوية، لكن تلك التهمة نفاها مسؤولون في وزارة المالية واللجان الاقتصادية المختصة.
وبدأت حالة الحكومة الانتقالية كأنها تنظر نتائج السياسات الاقتصادية التي وضعتها قبل أيام، ومن ثم التفكير في حلول أخرى للأزمة التي يمثل تراجع قيمة الجنيه وارتفاع معدل التضخم أبرز تجلياتها.
وتضمنت الإجراءات الحكومة المعلنة في يوليو الماضي، البدء في التحرير التدريجي لسعر صرف الجنيه على مدار عامين، مع الإبقاء على دعم القمح والأدوية وغاز الطهي.
وانعكس تراجع قيمة الجنيه وارتفاع معدل التضخم سلبا على أسعار كافة السلع الاستهلاكية والخدمات التي تشهد غلاء فاحشا هذه الأيام.
وهناك حالة إجماع على أن الأزمة الاقتصادية التي يواجهها السودان تمثل احد تركات نظام الإخوان البائد التي أورثها للحكومة الانتقالية، فهو ألحق الدمار بكل القطاعات خلال فترة حكمه التي امتدت لثلاثة عقود.
aXA6IDMuMTQxLjIuMTkxIA==
جزيرة ام اند امز